قرأت مقالاً للصادق المهدي بتاريخ 10/6/ 2010م في صحيفة «الصحافة» وحمل عنوان: «القضية ليست الوحدة أو الانفصال.. بل السلام أو الحرب» بقلم الإمام الصادق المهدي. وفي البداية أريد التعليق على العنوان، إن لم تكن القضية الوحدة ولا الانفصال فماذا تكون؟!... يعني بالعربي «يا تكون سلام يا حرب» لماذا أيها الإمام الصادق هذا الفأل الشؤم، ونحن ما صدقنا انهينا حرباً دامت «20» عاماً حصدت ما حصدت من الأرواح وأبناء هذا الوطن، وتأخر السودان عن الركب كثيراً من أجل تلك الحرب التي حصدنا منها السراب والخسائر التي لا تحصى ولا تعد.. لذا من المفترض أن تكون إماماً داعياً للخير ولتقدم هذا البلد، وأن تكون صادقاً مع نفسك أولاً ثم مع الآخرين في تناولك لقضايانا الجوهرية التي تهم السودان وأهل السودان نحو التقدم والازدهار وليس نحو الدمار والتدمير؟! فأنت كاتب في المقال «الإمام» الصادق، يعني بصفتك إمام الأنصار جميعاً، فمن وجوب الإمامة «النصح» والإرشاد وليس التحرش أو التكهن بوقوع «البلاء» قبل وقوعه، أو كأنك ذلك العراف أو الكاهن الذي يعلم بالغيبيات والتوقعات في تخمينات عن وقوع الأحداث التي ستحدث للسودان إن استمر الوضع على ما هو عليه... وإن لم تكن تعلم أيها «الإمام» فإن الغيبيات لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، وهو عالم الغيب يعلم إن كان ستقوم الحرب أم لا، وليس أنت ولا أي أحد من البشر.. لذا يجب عليك كإمام إما أن تدلي بالنصائح فقط وتنصح وترشد وتشارك في إيجاد الحلول الناجعة لحل قضايا السودان، أو تصمت ولا تتفوه بمثل تلك الأقاويل التي تؤدي إلى تحرش بعض الأحزاب وحذو ما حذوت، فيا حسرتك على بكائك على «القطار» الذي فاتك الركب فيه وأنت تركض وتريد أن تدركه في آخر «مقطورة» والتي دائماً ما تخصص وتكون من نصيب عربة «البوسطة» أو البريد في القطار أو كما يقولون ونعتقد ذلك.. أيها الإمام الصادق فأنت يا حسرة ويا أسفاه «قطارك فات زمانه وفنانك مات منذ أمد بعيد» أو كما يقال في المثل الشعبي السائد، فلا تستطيع إرجاع الزمن الماضي بكل تجلياته وأوقاته الجميلة التي مضت وأنت في عنفوان شبابك تتباهى بنفسك وسط أقرانك وأهلك.. فلا تبكي وتتباكى على «اللبن» المسكوب الذي سكبته بنفسك و«بأنجحيتك» وتعاليك وبدكتاتوريتك المعهودة عنك.. وذلك عندما كنت رئيساً لمجلس الوزراء في عهد الديمقراطية الأخيرة التي لم تحافظ على النعمة التي حباك الله بها، وأتيت لها للمرة الثانية على «دست» الحكم كرئيس للوزراء فلا يمكن أن تكون هناك مرة ثالثة وأنت في أرذل العمر، انتبه لنفسك وسنك أيها الإمام الصادق، فماذا تريد أن تفعل أو تقول في هذه المرحلة.. التي يقال لها مرحلة «الخرف» السياسي وأنت تتكهن وتقول أشياء وكأنك تريدها أن تحصل للسودان تلك الوقائع أو الحروب، بدلاً من أن تقول خيراً وترشد للصلاح والفلاح أيها الإمام وأنت في خاتمة العمر. أيها الإمام أنت تدري معنى «السلام»، فالسودان منذ اتفاقيته ينعم في السلام ونعيش بدون حرب تذكر في الجنوب، اذا تركنا المحرضون والشامتون الذين لا يريدون للسودان التقدم والازدهار، ويقبضون الأثمان «البخسة» من تلك الدول التي تريد «الانفصال» والحرب ليجنوا تلك الثمار.. ولا يريدون الوحدة والسلام لهذا الوطن. وهم دعاة الحرب الذين يريدون للسودان أن يكون في حرب دائمة لكي لا يلتفت إلى التنمية والازدهار والتقدم، وهم أيضاً معروفون لدى الشعب السوداني، لأنهم رموز بارزون في المجتمع السوداني. ويحللون السودان كما يريدون هم وليس كما نريد نحن، وأبسط مثال لذلك ما يريده الصادق بأن يضع السودان في برنامج «الحوكمة» كما يقول: لا خلاص للوطن من المصير المظلم إلا إذا قبل الجميع برامج منابر الحوكمة البديلة. أو إذا استطاعت تلك البرامج عبر إرادة شعبية فاعلة تحديد خط مصير للبلاد بديلا لهذا الخط، الذين يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا.. فهل يا ترى سينقذنا هذا البرنامج من تلك الكوارث التي ذكرها في مقاله التحليلي ذي «المنابر» الثمانية التي تشكل مرجعية ديمقراطية خارج الدولة وفي مواجهة الاغتراب التمثيلي والتسلط الدكتاتوري. أو كما قال إنها ترياق فكري وجماهيري مضاد لعملية تمركز اتخاذ القرار في أيد متسلطة.. ألم تكن أنت متسلطاً حينما كونت المكتب السياسي في القاهرة؟ ألم تكن متسلطاً حينما عزلت كل الوزراء في حكومتك الديموقراطية السابقة وجعلت وكلاء الوزارات هم من يقومون مكان الوزراء؟ ألست أنت من تجلس على رأس حزب الأمة لأكثر من «35» عاماً ولم تداول الرئاسة حتى الآن؟! أهي حلال عليكم وحرام على الآخرين هذا الحق الذي تتحدث عنه.. أن يجلسوا في السلطة حتى ولو كانوا عبر انتخابات مزورة كما ذكرت أم ماذا يا ترى؟! لأن تلك المواقف «المتذبذبة» والحديث المتغير والمتلون هي دائماً التي «تسفسط» الأمور كما تشاء، وفي كل الأحوال والله من وراء القصد.