ظلت معضلة حصول كل مواطن على مأوى أو مسكن من أكبر الهواجس التي تقلق مضاجع الحكومات التي توالت على حكم البلاد منذ الاستقلال مما حتم عليها إيلاء قطاع البناء والتشييد اهتماما خاصا ولما كانت ثورة الإنقاذ وحكومة الوحدة الوطنية ليست استثناء من هذه القاعدة فقد أنشأت بيوت للغسكان الشعبي بعدد من مدن البلاد لا سيما العاصمة القومية علاوة على فتحها باب الاستثمار في مجال قطاع البناء والتشييد لا سيما في قطاع صناعة الاسمنت للمستثمرين المحليين والخارجيين لجهة أن الأسمنت يعتبر من اكبر الدعاءم والركائز الأساسية في تأسيس وبناء المساكن فدخل أكثر من مصنع دائرة الإنتاج بولاية نهر النيل ودخل إنتاجها الأسواق مما حد بوزارة الصناعة الإعلان عن اكتفاء السودان من سلعة الاسمنت بإنتاج 3 مليون و780 الف طن في العام ، مقابل الاستهلاك المحلي البالغ مليونين ونصف المليون طن في العام، بفائض مليون و280 الف طن في العام وكشفت عن دخول عدد من مصانع الأسمنت إلى دائرة الإنتاج قريبا مثل مصنع أحكام للأسمنت بطاقة إنتاجية تصل الى 4200 طن في اليوم، ومصنع الشمال بطاقة 4500 طن في اليوم، ليرتفع انتاج السودان من الاسمنت الى 6 ملايين و390 الف طن في العام، بفائض 3 ملايين و890 الف طن في العام، جاهزاً للتصدير بنهاية أغسطس القادم ولم تكتف الوزارة بذلك بل بشرت بإنشاء ثلاث مدن صناعية بنهر النيل (النيل الصناعية وأم الطيور ومدينة الهودي)،غير أن الاكتفاء من إنتاج حاجة السودان برأي عدد من التجار إن الاكتفاء من الأسمنت لن يكون مجديا إن لم يكن ملموسا في انخفاض اسعاره بالأسواق وأوضحوا أن أسعار طن الاسمنت بالأسواق بالرغم من انخفاضها في الفترة الاخيرة من 545 جنيه إلى 510 جنيه إلا أنها برأيهم ما زالت دون الطموح الذي يلبي طموحات المواطن البسيط الذي يأمل في إقتناء طن الأسمنت بأقل ما يمكن . وقال التاجر بسوق السجانة محمد فيصل ابودريس إن وصول البلاد للاكتفاء الذاتي من الأسمنت ينبغي أن يكون نقطة تحول كبرى في قطاع الإنشاء والبناء والعقارات بانعكاسه الإيجابي على اسعار الأسمنت المحلي الذي لا يختلف كثيرا من حيث السعر عن المستور بالرغم من توفر المواد الخام بالبلاد وانخفاض تكلفة ترحيله مقارنة بالمستورد وطالب الدولة بالعمل على رفع كل أشكال الجبايات والرسوم التي تفرضها على الأسمنت في كافة مراحل إنتاجه حتى بلوغه المستهلك حتى ينعم المستهلك السوداني بأسمنت يكون في متناول يده ومقدرته المادية وقال إنه ليس من العدل في شئ أن يكون سعر الاسمنت المستورد الذي يقدم إلى السودان من بلاد بعيدة متساويا مع سعر الأسمنت المنتج محليا وطالب السلطات برفع أو تخفيض الرسوم التي تفرضها على قطاع صناعة الأسمنت حتى يتمكن كل مواطن سوداني من الحصول على مأوى مناسب يتوافق مع المواصفات العالمية وعن مدى إمكانية مساهمة وصول البلاد من الإكتفاء الذاتي من الاسمنت في خفض أسعاره محليا ويضيف ينبغي أن ينعكس على أسعاره غير أن ذلك لن يكون ممكنا إذا ما ظلت الرسوم والضرائب المفروضة على الإنتاج المحلي على ماهي عليه الآن وإذا كانت الحكومة تسعى لوصول الأسمنت إلى المستهلك بسعر معقول يكون في حدود مقدرته المالية عليها خفض الرسوم التي تفرضها على قطاع الأسمنت وإلا استمر الوضع على ما هو عليه الآن . فيما يرى التاجرمحمد الحسن الهادي إن وصول البلاد للاكتفاء الذاتي من سلعة الأسمنت الاستراتيجية يعتبر بكل المقاييس إنجازا يستحق الإشادة والتقدير غير أنه لن يكون مجديا إن لم ينعكس على أسعاره بالاسواق وأن هذا لن يتحقق إلا بإزالة العوائق والموانع التي تقف وراء ارتفاع اسعاره محليا مثل الرسوم والضرائب المفروضة عليه وأشار إلى أهمية الأسمنت في حياة العامة حيث أصبح لا غنى لإنسان عنه في الوقت الراهن وختم حديثه باعترافه بأن اسعار الأسمنت شهدت انخفاضا ملحوظا في الفترة الأخيرة إلا أن انخفاضها ما زال دون الطموحات التي ينطلع المواطنون للوصول إليها حيث يأمل كل مواطن بالحصول على طن الأسمنت بأقل من 100 جنيه . وفي دوائر المختصين في المجال الاقتصادي يقول الدكتور محمد الناير إن الاكتفاء الذاتي من الاسمنت قد تحقق بالفعل حسب إعلان وزارة الصناعة مؤخرا بل سيتم تصدير قدر كبير من الفائض منه إلى الخارج وأن ذلك سينعكس حتما إيجابا على الاقتصاد السوداني بتوفير العملات الأجنبية التي كانت توظف لاستيراده في السابق علاوة على زيادة حصيلة عائدات الصادرات غير البترولية بسلة الخزينة العامة ،وأن أهم ما في الأمر أن ينعكس إيجابا على المستهلك بانخفاض اسعار الاسمنت بالأسواق وأن تكون أسعاره في متناول يد الجميع كوضع طبيعي ما لم يحدث اتفاق بين اصحاب المصانع على البيع بأسعار موحدة ويقول الناير إذا ما تم ذلك لن يحدث انخفاض للأسعار لا سيما أن الأسمنت المستورد عليه رسوم كبيرة تحد من انخفاض أسعاره وقال إن تكلفة الإنتاج المحلي تعتبر معقولة جراء توفر المواد الخام غير أن المعيق الأكبر لصناعة الأسمنت محليا ارتفاع الرسوم والجبايات بصورة كبيرة والازدواج الضريبي وطالب الناير الدولة بخفض الرسوم وأن تترك الأسمنت لسياسة العرض والطلب فعندها ستعود أسعاره إلى ما كانت عليه في السابق بحيث يكون سعر الطن في 300 جنيه ورهن الناير انخفاض أسعار الاسمنت بتنازل الدولة عن قدر كبير من الرسوم التي تفرضها عليه مقرونا بتعاون الجهات المصنعة بتقليل الأسعار .