قبل بضعة أيام شاهدت فيلماً وثائقياً حول اغتيال الإعلامية والأديبة أطوار بهجت مراسلة فضائية «العربية» في العراق. أطوار ابنة الرافدين من مواليد 1976م من اب سني وأم شيعية، عملت في قناة العراق الفضائية قبل الغزو، وانتقلت بعدها إلى قناة «الجزيرة» التي استقالت منها احتجاجاً على ما اعتبرته إساءة في حق المرجع الشيعي العراقي على السيستاني، وشأنها شأن أهل العراق الذين يجمعهم عشق الشعر والأدب، أصدرت أطوار ديوانها الشعري الأول والأخير «غوايات البنفسج». لقد افترست الحروب والفتن السياسية في عالمنا العربي بل وفي كل العالم، العديد من أهل الصحافة والإعلاميين، نذكر منهم طارق أيوب ومحمد طه محمد أحمد ومي شدياق وتويني «الابن» وغيرهم، إلا أن اغتيال أطوار كان قتلاً مع سبق الإصرار والترصد، إذ تم اختطافها مع طاقم العمل الخاص بقناة «العربية» أثناء تغطيتها لسعير الحرب في بلدها العراق، ومن ثم قتلها بدم بارد هي والفريق العامل معها. إن الفتنة التي أُريد للعراق أن يكون مسرحها، هي فتنة فاتكة تملك من ضراوة البأس وعبثية التدمير حداً جعلها لا تتورع عن ذبح أطوار ومن معها بهذا الأسلوب المفزع. وكونها امرأة لم يوفر لها حصانة في بلد يعشق أهله بداوة الفروسية ويترفعون عن قتل الحرائر. وكونها شاعرة لم يعتقها ويعتق شاعريتها بلد جعل من الشعراء أنصاف آلهة وأقام لهم النصب والتماثيل وأجزل لهم العطاء منذ بلاط الرشيد. وكون نهجها الإعلامي كان مستقلاً ومحايداً، لم يشفع لها في زمن أرعن لا يحترم المهنية المستقلة المحايدة. وكونها نتاج تلاقح سني شيعي، لم يوفر لها الحصانة العشائرية فتفرق دمها بين أعمام سنة وأخوال شيعة..!! أطوار بهجت 1976 23 فبراير 2006م، كانت آخر كلماتها «أتمنى أن يبقى العراق عراقاً.. إني احتاج عراقاً كي أبكي على صدره»..!!