كتبت الآسوشيتدبرس مطلع أبريل تقول إن المسلمين السنيين في العراق محرومون من الوظائف الرئيسة في الجامعات والحكومة وأن رايات الشيعة يمكن أن تشاهد الآن في كل مكان في بغداد. وقالت (الآن وبمغادرة القوات الأمريكية العراق يتحرك الشيعة الحاكمون في العراق بسرعة ليُبقوا على الطائفتين المسلمتين منفصلتين وغير متساويتين). ومع صحة القول كما تفيد المقالة بأن أحياء بغداد المختلطة سابقاً مثل حي الحرية قد أصبحت شيعة في الغالب لكن من الخطأ تصوير هذا القول بأنه نتيجة الانسحاب الأمريكي أو إلقاء اللوم على أية جهةٍ أو طائفة. إنها آثار الحرب الأهلية التي ضربت البلاد وليس لها علاقة بالسياسة المحلية الحالية للحكومة. وفي الواقع إن نخبة العراق الشيعية والسنية جنباً إلى جنب مع الأكراد ومجموعات أخرى اتفقوا على تشكيل حكومة ائتلافية مبنية على المحاصصات العرقية/ الطائفية وكانت النتيجة بروز طائفيةٍ على الأنموذج اللبناني، لقد كان ذلك قراراً جماعياً اتخذه الساسة الباحثون عن السلطة والنفوذ من كل الأطراف. وفي حين أن تقرير الآسوشيتدبرس يتحدث عن الهيمنة الشيعية في بعض المناطق لكن التقرير يفشل أن يقول إن العكس أيضاً موجودٌ هناك، ذلك أن المناطق المختلطة سابقاً مثل الغزالية والدورة والأميرية يغلب عليها السنيون الآن. إن النقطة المحبطة في هذه المقالة هي أنها تمس مشكلة حقيقية أي التهميش الطائفي في المجتمع العراقي ومع ذلك فإنها تبدو مثيرة للذعر، فالمقالة تستشهد حتى بآية الله السيستاني العالم الشيعي الأشهر في العراق حين تقول على لسانه (شيعي واحد من بغداد يساوي خمسة شيعيين مثلي من النجف، وأنتم الأغلبية وأن أعداءكم يحاولون أن يقللوا من أعدادكم). ويُنسب هذا الاستشهاد إلى مجموعة مجهولة من الرجال الذين يُزعم أنهم التقوا به في شهر نوفمبر من العام الماضي، ولكن هذا التعبير غير معهود من جانب السيستاني ذلكم الرجل الذي يزن أية كلمة وكل كلمة بعناية كبيرة، فقد كان السيستاني دائماً حذراً في خطواته السياسية في العراق خاصة عندما يتعلق الأمر بالتوترات الطائفية. فمثلاً نجد السيستاني خلال ذروة الحرب الأهلية يقول للشيعة العراقيين (إن السنيين هم نحن أنفسنا، وليسوا إخوتنا [فقط]) وذلك في محاولة منه لتهدئة المجموعات الغاضبة التي لا تريد شيئاً سوى الانتقام. فلو أن السيستاني لزم الصمت فقط عندما طلبت منه القبائل الشيعية الإذن بالزحف شمالاً و»تطهير العراق» لأصبحت البلاد مختلفة جداً اليوم ولتم تطهير مدنٍ كاملة لا الأحياء فحسب، ولكن السيستاني رفض في الحال اقتراحهم وحث أي أحد على الالتزام بالهدوء. وتقول المقالة أيضاً (إن السنيين ظلوا يؤكدون لمدةٍ طويلة أن السلطات الشيعية تستغل علاقات البعث ذريعة لتطهير الخدمة المدنية والمؤسسات الأكاديمية من أعضاء جماعتهم). هذا صحيح ولكن المقالة لم تقل إن سياسة اجتثاث البعث استخدمت ضد البعثيين الشيعيين أيضاً، كما لم توضح المقالة أن كثيراً من هؤلاء الأكاديميين قد مُنحوا وظائفهم بسبب علاقاتهم السياسية خلال حكم صدام.