وقلت لليلتي: دوري! وراء الليل والسور و أنت حديقتي العذراء.. ما دامت أغانينا سيوفا حين نشرعها و أنت وفية كالقمح .. ما دامت أغانينا سمادا حين نزرعها و أنت كنخلة في البال، ما انكسرت لعاصفة و حطّاب و لكني أنا المنفيّ خلف السور والباب «محمود درويش» * ربما نشعر أحيانا بالضجر من الاشياء التي من حولنا لمجرد انها تحيط بنا و من الأشخاص الذين بقربنا من لهم المهارة في تحديد مساحة دوراننا على الأرض خوفا علينا من الأخطار ، قد نسأم ونتأفف لمجرد النظر الى وجوه تعودنا على رؤيتها كل صباح لأسباب كثيرة وأحيانا دون سبب أو ربما لمجرد أنهم حاضرين كلما احتجنا اليهم… * أن نشعر بالإنتماء لشخص أو أرض تلك هي أعلى مراتب العشق التي تجعلنا نتوهج كلما اسدل الظلام ثوبه في أعماقنا، فقط لمجرد أنه ثمة من يستحق من أجله أن نحيا حتى وإن كان بعيد المنال ونظل عالقين في تلك الفكرة حتى لا نفقد الجذور في قلب رياح لم يتنبأ بها خبراء الطقس… * حينما نغادر من مكان لآخر نشعر بالفرق في البرودة والدفء، في الحب والبغض في الاحتواء حتى في رسم خطواتنا على الطريق و في تلك اللحظة فقط نستشعر قيمة الجذور سواء كانت أرضاً أو ملامح من وجه إنسان… * كلما شعرت بشيء من التوهان الوجداني أو فقدت معالم خارطتي أستحضر ما خطه يراع الروائي السوداني «الطيب صالح» في روايته موسم الهجرة الى الشمال : «ونظرت خلال النافذة إلى النخلة القائمة في فناء دارانا، فعلمت أن الحياة لا تزال بخير .. أنظر إلى جذعها القوي المعتدل، وإلى عروقها الضاربة في الأرض، وإلى الجريد الأخضر المنهدل فوق هامتها.. فأحس بالطمأنينة، أُحس أنني لست ريشة في مهب الريح .. ولكنني مثل تلك النخلة مخلوق له أصل، له جذور، له هدف ..» قصاصة أخيرة ثمة أشياء تمنحنا سر الحياة