بلفتة رمزية حاولت ان تجمع بين الماضي والحاضر ذي الخيوط المتشابكة من حيث الفكر والرؤي، استهلت الحركة الشعبية حملتها الانتخابية لرئاسة الجمهورية ومنصب والي الخرطوم من امام منزل المناضل علي عبد اللطيف قائد ثورة اللواء الابيض بحي الموردة بام درمان، في محاولة لربط التاريخ التليد بتطلعات تغيير التاريخ الحالي، من خلال البرنامج الانتخابي للحركة الشعبية الذي يقوم علي التغيير تحت شعار «الأمل والتغيير» الذي حملته بوسترات الحملة الانتخابية التي كست خيمة الاحتفال التي نصبت أمام منزل رمزية الاحتفال الذي عبر عن أكثر من دلالة للقادمين الجدد الي الخرطوم تحت شعار التهميش. احتفالية «التغيير» التي استهلت بها الحركة الشعبية تدشين حملة ياسر عرمان لرئاسة الجمهورية، افتتحها امبراطور الاغنية السودانية محمد وردي بأناشيد اكتوبرية وجدت تجاوبا كبيرا من الحاضرين الذين احتشدت بهم خيمة الاحتفال. بعدها قدم ادوارد لينو مرشح الحركة الشعبية لمنصب والي الخرطوم خطابه الذي حوي برنامجه الانتخابي «للخرطوم» الولاية ، والتي كانت ترد كثيرا بدلالات رمزية مختلفة أحيانا يرمز بها للسودان، وأخري لسياسة المركز، وثالثاً للسودان، وقد افتتح ادوارد لينو خطابه ببشري قال انه يزف لهم بزوج الفجر الجديد، من اجل الخرطوم العاصمة القومية للسودان الجديد لأنها ولاية تستوعب كل أبناء السودان بمختلف ثقافاتهم وتبايناتهم، مشيراً الي أنها ولاية تحتضن بداخلها الثري والفقير، والصادق والحقير، وفيها المسلم والكافر، والعدو والصديق، واضاف «في سنوات الجوع والفقر والحرب والدمار،ظلت الخرطوم الملجأ للناس» ، وقال ان عدد سكانها يفوق سكان ولايتي نهر النيل والشمالية ومن هنا لكم ان تتخيلوا مشاكلها، وهي يقطنها أكثر من «500» خريج بلا عمل ولا أمل، كما أصبحت مدينة يقطنها المشردون من الخدمة المدنية والقوات المسلحة ليعيشوا فيها بلا أمل، واشار لينو الي ان كل امتدادات الخرطوم بلا أنوار وبلا تعليم وبلا صحة، بعد أن خصخصت السلطة هذه المؤسسات بغرض توطين الجهل واستشراء المرض،ومن ثم استعرض برنامجه الانتخابي لولاية الخرطوم والذي ارتكز علي 6 محاور، أولاً: تحرير العاصمة من كافة القوانين المقيدة للحريات، والقضاء علي التمييز الديني والعرقي، والكف عن مطاردة النساء في السوق، والتي وصفها بانها من بلاوي الانقاذ التي لاتحتمل، وتحرير الشباب وتقديم الدعم لهم للنهوض بقدراتهم، ثانياً: اعادة النظر في كل الخطط الاسكانية لتوفير السكن للانسان العادي، ثالثاً: الاهتمام بالباعة المتجولين وستات الشاي، واصحاب المداخيل الصغيرة من العربات ، واضاف «حرام علينا ان لم ننظر لقضاياهم، وخاصة والحكام يقدمون علي استيراد البصات الكبيرة، وقال «ليتهم استوردوا معها شوارع». رابعاً: لابد من تحرير الاقتصاد حتى تعود عجلة الانتاج بتحرير العاصمة من الجبايات والضرائب. خامساً: الشفافية في العمل، وقال ازف لكم بزوغ فجرها، وقال لسنا من دعاة الاحتكارات، واتهم الحكومة بنهب أراضي من الجموعية باسم المطار الجديد ووزعوا الاراضي علي طول الطريق لأنفسهم وذويهم. سادسا: تحديث الخرطوم وليتم ذلك قال «لابد من تحريرها» ، واستنكر ادوارد لينو دعوات الجهوية والقبلية التي يمارسها بعض الساسة ، وقال كاذب من يقول اننا قادمون للنيل منكم او ان ابناء دارفور قادمون للنيل من نسائكم، مشيراً الي ان احداث التغيير بعد سنوات عجاف لهو شئ مخيف ولكنه ليس مستحيلا للعاقدين العزم. وقبل ان يعتلي المنصبة ياسر عرمان لالقاء خطابه قدمه ادوارد لينو بسرد بداية تاريخ انضمامه للحركة الشعبية من الخرطوم، وقال انه أتاني في الخامس من مايو 1984م، قال لي انه يريد ان ينضم للحركة الشعبية وتخوفت بدءاً ان يكون احد عناصر الأمن، وبعدها وافق ناس اديس ابابا وطلبوا ارساله لهم، ليبدأ من هناك مسيرته مع الحركة الشعبية بعد أن وصفه بانه من ابناء السودان الخلصاء. ومن ثم بدأ عرمان خطابه الذي استعرض فيه جزءا من برنامجه الانتخابي ووعد بتفصيل البرنامج في حشد ترتب له الحركة الشعبية بالخرطوم سيكون حديث المدينة زمناً طويلا، وقال في بداية كلمته ، ان السودان علي موعد مع التغيير، وقال ان ترشيح ادوارد لينو لولاية الخرطوم يجسد معاني كبيرة ويجسر فروقات كبيرة في المجتمع، وقال نحن اكبر حركة للمهمشين الذين يتطلعون لعهد جديد وفجر جديد وسودان جديد، ومشيداً بمكانة السودان الرابطة بين العرب والأفارقة، وقال ان فيه «570» لغة وليست رطانة لقد انتهي عصر الرطانات وبدأ عصر اللغات بانتهاء التهميش، وقال عرمان ان الاسلام دخل لسودان عن طريق الحجة والمنطق والنوبة والشيخ، وان اسلام السيف والدبابة هو اسلام المتأخرين وعلينا تخليصه من التشوهات بعد ان انتشر بالحكمة والموعظة الحسنة، واضاف «ولم ترق فيه كل الدماء» ، وقال ان الاسلام الذي نعرفه لم يقف ضد وحدة السودان فهو بناها في الشمال فكيف يقف ضدها جنوباً، واشار الي انه آن الأوان ان تتصالح بلادنا مع مكوناتها في مشروع جديد وأمل جديد لا يأتي الا بالتغيير، وقال بهذه الآمال والاحلام نجدد الانتماء والفداء للبلاد نحو أمل جديد في ظل اكبر قضية وطنية تواجهنا وهي قضية الوحدة الطوعية، ثم شرح عرمان مغازي اختيار شعار «الأمل والتغيير» لأنه جاء بعد نص قرن من الاستقلال وعشرين عاماً من حكم الشمولية اصبحت بعدها بلادنا الآن بأن تكون او لا تكون، وقال «آن لها ان تكون لأنها جوهرة غالية وثمينة في القارة الافريقية» لذا لابد من أمل جديد وفجر جديد للانتقال من دولة القهر الي دولة الاختيار الحر وفق ارادة شعوب السودان جنوباً وشمالاً - غرباً وشرقاً ووسطاً، من دولة الشمولية لدولة الحرية، من حكم الخوف الى حكم الطمأنينة، من الحروب للسلم المستدام والعادل والشامل، ومن دولة الفساد لدولة الشفافية والمحاسبة، من دولة الحزب لدولة الوطن التى تسع الجميع، ومن دولة المرافق العامة الحزبية لدولة المرافق العامة النزيهة المحايدة المستقلة والمهنية، من دولة الجباية لدولة الرعاية والرفاهية والخدمات، ومن اذلال النظام العام لاحترام الخصوصية والكرامة، ووقف تشريد وهجرة السودانيين وان يصبح وطناً جاذبأ لا طارداً، ومن احتكار الوظائف والمحسوبية الحزبية الى معيار الموضوعية والالتزام بالمهنية، ومن الاقتصاد المتوحش الى الاقتصاد الاجتماعى الانسانى . وقال عرمان ان حملتهم الانتخابية لاتدور حول افراد مهما عظم شأنهم ولكنها حول قضايا وحول وطن كاد ان يضيع، وشارف على الانهيار فكل المؤشرات فى الزراعة واسطعها مشروع الجزيرة والصناعة والرعى والخدمات والضرائب والجبايات تقول انه على حافة الانهيار لم يعصمه من الانهيار الا البترول الذى ينتج معظمه فى الجنوب، والجنوب نفسه يتم دفعه الى خارج الخريطة بسياسات حزبية ضيقة وخربة وباصرار على عدم تنفيذ اتفاقية السلام، وجوهرها الرامى الى تغيير السياسات التى ادت الى الحروب واعادة هيكلة الدولة السودانية ومركز السلطة، ووقف سياسات افقار وانهيار الريف ودفعه نحو المدينة ونقل الريف الى المدينة!! لا المدينة الى الريف. واضاف «ان افقار الريف لايجلب سوى التهميش والتهميش لايجلب سوى الحروب» ، وقال لقد آن الاوان لتغيير توجهات الدولة السودانية على نحو ديمقراطى ومنصف والدولة السودانية لايمكن تغييرها من الفاشر او جوبا او بورتسودان او مدنى او دنقلا، فان تغييرها يأتى من الخرطوم. وقال لابد من حريات وتحول ديمقراطى، ولابد من سلام شامل وعادل، ولابد من رفاهية، ولابد من مصالحة وتضميد الجراح، والامن والامان والاستقرار، ومن سياسة خارجية تعكس المصالح الوطنية وتدعم استقرار السودان ودول الجوار والعالم اجمع. وقال عرمان انه مرشح باسم الحريات، وباسم العدالة، وباسم الكرامة والحقوق لكل سودانى وكل سودانية، باسم السلام العادل، وباسم الرفاهية والخدمات، وباسم الاستقرار والتعاون الاقليمى والدولى، وباسم الريف وفقراء المدن، وباسم مساهمة القطاع الخاص فى التنمية المستدامة، وباسم اصحاح وصيانة البيئة، وباسم الرغبة الملحة والحلم الذى طال وغاب فى تحرير النساء ووقف عطالة الشباب، ومن اجل ارجاع المفصولين، واستعادة الدولة السودانية واجهزتها المختطفة من قبل فئة تعلمونها جميعاً ولاحاجه لى ان اذكركم بما فعلت بالعباد والبلاد، بل حتى بالذين خدموا البلاد من معاشيين ومهنيين من نساء ورجال من ريف ومدن، وسوف نفصل كل ذلك حينما نقدم برنامجنا الشامل لاحقا فى احتفال وكرنفال جماهيرى ستذكره هذه المدينة لوقت طويل. وقال عرمان ان رسالتهم الاولى من هذا الاحتفال هي رسالة الوحدة الطوعية، واضاف «نقدم في هذه الانتخابات الفرصة الاخيرة ونجدد الأمل فى وحدة طوعية ترنو الى اجماع وطنى والى انتخابات حرة ونزيهة تركز على القضايا لا الافراد، انتخابات نظيفة تعزز السلم الاجتماعى، وقال سنعمل مع قوى اجماع جوبا نحو اجماع وطنى حقيقى ونحو حكومة وحدة وطنية تعبر بالسودان نحو فجر جديد. وقال ان رسالة على عبداللطيف استنكفها البعض مثل ما يستنكف بعضهم الان الدعوة للسودان الجديد، ويستثمرون فى الكراهية والفتن والعنصرية. ولكننا سنتجاوز بفكرنا حدود السودان الى الانسانية جمعاء ونسعى الى سودان متصالح مع العرب والافارقة، الى سودان يتكامل مع حوض النيل ومع جواره الافريقى والعربى، ولكن فاقد الشىء لايعطيه، فلينسجم السودان مع نفسه اولاً حتى ينسجم مع الاخرين. واختتم خطابه بقوله «نبدأ حملتنا اليوم بامال عراض وقد سبقنا البعض الى امدرمان ودشن حملته امام اعيننا جميعنا بدم بارد مراق فى مشرحة مستشفى امدرمان للشهيد محمد عبدالله بحر الدين الذى قتل غيلة وغدرا فى امدرمان وليس فى قرية نائية فى دارفور بل فى قلب الخرطوم وكأن شيئا لم يكن وقد اعاد اغتياله للجميع سيرة بيوت الاشباح ومأسى دارفور التى لم تتوقف بعد، ان ماحدث يستحق وقفة كبرى ومحاسبة المجرمين والانحياز التام لشعب دارفور واهل دارفور والاستجابة لمطالبهم العادلة فى السلام العادل والشامل والمصالحة بين كافة القبائل.