٭ قيل عن مناسبة المثل المصري الشهير «يا فرعون مين فرعنك»، أن آسيا امرأة فرعون عندما آمنت وأخفت عنه إيمانها، عنّ لها ذات مرة أن تسأله من باب النصيحة المستترة عن أسباب بطشه بشعبه وظلمه لرعيته وعصيانه لربه، ولكنها ترددت أول أمرها في طرح سؤالها، فكانت تقول يا ثم تصمت، رددت هذا النداء المبتور أكثر من مرة، قال لها فرعون وقد لاحظ ترددها، ما بك يا آسيا، قالت أوتغضب لو سألتك سؤالاً، قال سلي ما بدا لك، قالت لماذا أنت ظالم لشعبك وباطش به ولماذا سميت فرعون، قال بكل صلف وخيلاء وعنجهية وغرور «ما لقيتش حد يردني» فجرت مثلاً «قالوا لفرعون مين فرعنك، قال ما لقيتش حد يردني».. يقيني لو أن أحداً ممن يشتطون في الهجوم على دكتور شداد ويغالون في المطالبة بتنحيته عن قيادة اتحاد الكرة بعد أن يشبعوه ذماً وقدحاً ويصفونه بالديكتاتور والمغرور والمستبد وهلمجرا من نعوت ويعلقون على رقبته كل بلاوي وخيبات كرة القدم السودانية، يقيني لو أن أحداً من هؤلاء وقف لبرهة مع نفسه وسألها بكل حياد لماذا تسوِّل له وصف شداد بكل هذه الصفات وتشن عليه كل هذا الهجوم، ومع ذلك ظل الرجل يكتم على أنفاسهم بقيادته للاتحاد كل هذه الاعوام المتتالية، لكانت إجابته على نفسه حاضرة على طريقة المثل إياه «يا شداد مين فرعنك قال ملقيتش حد ينافسني»، فإذا كان شداد هو فرعون الكرة السودانية الباطش الظالم المغرور الفاشل الذي اودى بها الى المهاوي، فأنتم من صنع شداد وفي المقابل لم يصنع من ينادده دعك من أن يصنع من ينافسه.. ودعونا نعترف مؤازرين لاستمرارية شداد في قيادة الاتحاد ومعارضين له، بشساعة الفارق بينه وبين أقرب من يمكن أن ينافسه في الفهم الرياضي والعلاقات الرياضية البينية رأسياً وأفقياً هذا غير نزاهته وعفة يده غير المختلف عليها، وحزمه وشدته مع الأندية المتفرعنة التي لن يقوى على مصادمتها إلا فرعون مثل شداد، فهل بعد هذا الاعتراف يمكن أن يكون طول البقاء على قيادة الاتحاد سبباً كافياً لاقصائه؟ لا اعتقد، فإينما نولي وجوهنا وندير بصرنا ونجيله في كثير من القيادات في مختلف المؤسسات، فثمة قائد طال بقاؤه بما لا يقارن بطول مدة بقاء شداد على سُدة الاتحاد، انظروا فقط الى الوزارات والاحزاب، ستجدون في أغلبها شداداً مكث فيها أكثر مما ناله شداد سيد الاسم. المشكلة عندي ليست في شداد الشخص الذي لا بد أنه ذاهب، إن بالقانون الارضي أو القانون السماوي، فكل ابن آدم لا بد يوماً على آلة حدباء محمول، فالمشكلة في كامل المنظومة الرياضية، ولا تقل لي إن خراب المنظومة نفسه من تخريب شداد، فذلك لن يكون إلا دليلاً إضافياً على هشاشة هذه المنظومة التي يستطيع شخص واحد أن يطوعها كما يشاء، الحاجة تبدو أكثر الى إصلاح حال المنظومة الرياضية من مجرد إقصاء شداد، وذلك عبر إعادة النظر في القانون الذي ينظم هذا النشاط وما تستتبعه من لوائح ناظمة للحركة الرياضية وفق مبادئ وطنية وأهلية وديمقراطية نابعة من الوسط الرياضي نفسه وبقناعته، وأن تشرف على إدارة المنشآت الرياضية آليات واضحة ومقتدرة وشفافة، وأن تجد الأندية التمويل الضروري ولا نبالغ فنقول الكافي لتسيير نشاطها الرياضي، وغير ذلك من مطلوبات يعرفها الرياضيون لن ينصلح حال الرياضة إلا بتوفرها، وليس مجرد إقصاء شداد أليس كذلك..؟!