الاخ الاستاذ حيدر، بعد التحية تكرم بعد الاطلاع بنشر هذه المشاركة مع الشكر.. بدا لي ان يكون عنوان هذه الكلمة «صلاح حسن بموته اعطى درسا» وبدا ان يكون «صلاح حسن تميز حيا وميتا» ، وبدا «الدفع قبل الدفن عبرة اخرى يا حيدر» ثم عدلت عنها الى هذا العنوان الماثل، ارجو ان يكون امثل الاربعة، واصله عجز بيت من مرثية لشاعر بالعصر العباسي يرثي بها آخر ، صدره «وكم لي في حياتك من عظات».. وبعد... «الدفع قبل الدفن» كان هذا عنوان موضوع عمود «بشفافية» للاستاذ حيدر المكاشفي اليومي بجريدة «الصحافة» الصفحة الاخيرة بتاريخ الثلاثاء 2010/1/27م امتدادا طبيعيا لصلته برجال القانون منذ ان كان وكانوا زملاء بكلية القانون بجامعة الخرطوم التليدة، خلاصة الموضوع: ان القاضي صلاح حسن ادخل احدى المستشفيات الخاصة في مساء الخميس 2010/1/21م، وفي صباح الجمعة توفى بعد 12 ساعة لا غير، رفضت ادارة المستشفى تسليم الجثمان الا بعد دفع الفاتورة على دائرة المليم والفرطاقة، كما رفضت اي تعهد بتأجيل الدفع الى حين فتح البنوك بالاحد بعد عطلة الجمعة والسبت ، رفضت رغم مكانة الاسرة المعهودة، وموقف صلاح المشرف من حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه الفائزين بأصوات دوائر الخريجين 11 نائبا من 15 ورغم حق زمالة بنته الطبيبة المرافقة لأبيها ، عليهم ورغم قلة العلاج المعطى له «شن من علاج؟!» مجرد درب بالوريد، وجهاز تنفس بالأنف..!! والاقامة نصف يوم «12 ساعة» ، وارتفاع المبلغ المطلوب 5 ملايين بالقديم إلا ربعاً ، وبالتحديد «4725» بالجديد أ. ه ما قال بإيجاز. والغاية ابراز معارضته لسياسة الخصخصة بعامة ، وظاهر المستشفيات الخاصة بخاصة اليه اضيف. بعد اذن: لماذا كانت ظاهرة المستشفيات الخاصة اصلا بقطع النظر عن موضوع صلاح لشذوذه عن علة ظهور الظاهرة، لا عن سلبيات الظاهرة. ولكل قاعدة شواذ ، الاجابة : ان مستجدات الحياة بعامة ، وقول الرئيس نميري «من لا يغني في عهدي هذا لن يغنى بعدها» اوجد فئة ولا اقول طبقة من اثرياء الحرب كما يقول المصريون. او مستجدي النعمة كما يقول السودانيون ، مشكلة هذه الفئة تتمثل في ردم الفجوة بين ما كان وبين ما هو كائن اليوم. ردمها بالصرف ببذخ ، وقديما قيل: الصبر على النعمة اصعب من الصبر على الفقر، اذكر مثالا لإثبات الوجود بالبذخ، كنت اجلس بدكان الاخ أحمد بابكير بالامتداد وبجواره بائع بطيخ... حضر مشترٍ وأخذ يساوم في بطيخة بكذا لا بكذا ، اثناء المساومة حضر آخر بسيارة مرسيدس تثير الغبار في اوجه السائرين لعرض اكتافها المتجاوز حافة الزلط، على حد قول عبدالرحيم الوسيلة بالخمسينات عليه الرحمة «بعرباتهم الكاديلاك يثيرون الغبار في اوجه الكادحين». انصرف البائع بكله وكليله عن المساوم اليه. قال له وهو بالسيارة ارفع 5 ، فرفع ، سأل بكم؟ طلب البائع رقما باهظا.. دفع كما طلب، وسار بالعربة غير مكترث، سأل صاحبنا الاول: آخر كلامك شنو؟! قال: خذها ساكت.. لأن راكب المرسيدس اغناه عنها ، لم يأخذها ساكت ، بل دفع جنيهين واخذها شاكرا..! وفي السعودية حدث العكس ، اراد احد الامراء ان يذهب الى انجلترا لطبيب عظام لإجراء عملية، فقال له آخر: لا تتعب نفسك اذهب الى دكتور سوداني بمستشفى الشميسي اسمه بابكر عوض يغنيك عن انجلترا، فأخذ برأيه وذهب، فأغناه ولم يخذله الله فيه.. «إن شاء الله ثابت اجره» اعني اجر بابكر بعد ان توسد التقيلة. وهنالك عدة امثلة في الطب بخاصة وغير الطب بعامة، ادرك الاطباء نفسية هذه الفئة فأخذوا يبتزونهم بها، وإلا ما معنى 5 ملايين بالقديم مقابل 12 ساعة..! لو كانت الروح تشترى لاشترت روحا، وقديما كانت تعرف روح هذه الفئة بعقدة الخواجة... إلا ان تلك كانت عامة ايام الجهل وسطوة الاستعمار العالمي. وهذه خاصة بفئة خاصة. بداهة هذا لا يشمل كل المستشفيات الخاصة ، فهنالك مستشفيات تغني عن الذهاب الى الخارج، ولا تضع في ذهنها زهد العلاج بالداخل مقابل تكاليف قيمة السفر والاقامة والعلاج لتشاطر المريض الفارق بين الحالين ، وان وضعت لا تنس ان العلاج بالخارج نتائجه اكيدة، وبالداخل بين بين.. بل احتمال الاخطاء غير بعيدة.. اذكر مثالا: الامس القريب «السبت 2010/1/30» ، قال لي احد السودانيين: كان عليه ان يصور اشعة معينة اعطي ورقة بها عدة اسئلة، منها : هل سبق ان عملت لك عملية؟! وضع علامة صاح بخانة نعم. عند التصوير اراد الفني ان يصور ، فقال له: لقد اجريت عملية قبل هذا بالكلى؟ فقال الفني الله شافك لأننا لو صورنا الاشعة لتمزقت الشريحة ولتمزقت الكلى..! معنى هذا انهم لم يطلعوا على ورقة الاسئلة..!! بعد هذا نأتي الى موضوع العنوان.. وهو مساق الحديث وبيت القصيد .. في الحلقة الثانية إن شاء الله .. والله من وراء القصد. البروفسير عبدالله عووضة حمور