بريئة من أزمة السكر استطيع أن أؤكد أن شركة السكر السودانية بريئة من أزمة السكر التي حدثت مؤخراً.. «بريئة يا بيه؟!» وذلك من خلال تتبعي لمسار هذه الشركة منذ سنوات عديدة. عندما استقام أمر الشركة في بداية التسعينيات من القرن الماضي وبدأت مصانعها ترتفع بانتاجها وتشهد تحسناً عاماً بعد آخر ويتجاوز بعضها طاقته القصوى كان الحديث يدور حولها آنذاك بخصوص شبهات في العطاءات.. وكان يتبنى هذا الخط كاتب صحفي كان له شهرته واكتسب سمعة كبيرة في مجال اثارته للقضايا العامة الامر الذي ازعج بدر الدين سليمان وزير الصناعة آنذاك فدعاه إلى مقابلة مباشرة مع أركان الشركة وقيادتها العليا طالباً منه كشف أدلته وبراهينه والتحدث بصراحة في وجوده كوزير مختص.. وقد كنت حضوراً في ذلك الاجتماع وقد عجز الكاتب الصحفي المشار إليه في ابراز أي مستند يؤكد به ما أثاره من اتهامات.. وبعد فترة من الزمن بعد ذلك اللقاء التقيت بقيادي من (سونا) حمل إلي نفس الاتهامات طالباً مني الكتابة حول هذا الموضوع..! وطلبت منه نفس الطلب الذي طلبه الوزير من الكاتب الصحفي إلا انه ذهب ولم يعد..!! ما قصدت قوله هو ان هذه الشركة ظلت مستهدفة وهي تحقق نجاحاً بعد نجاح وهذه هي ضريبة النجاح.. فيما يختص بمعالجة الفجوات في الاستهلاك السنوي ظلت هذه الشركة تنبه على الدوام ان هنالك فجوة تحدث في الانتاج الذي ينمو ببطء والتزايد السنوي في الاستهلاك وكانت الشركة تبادر دائماً بطلب فتح اعتمادات لها لسد النقص.. وكان هذا يحدث في وقت مبكر وقبل نهاية موسم الانتاج.. حتى تستطيع الشركة أن تكمل كل اجراءات الاستيراد التي قد تأخذ زمناً خاصة في عدم توفر العملات الصعبة كما حدث في ا لموسم الماضي وأنا شاهد على ذلك.. وكانت تسعى دائماً إلى ايجاد ا لموازنة المطلوبة بين الكميات المستوردة والزمن الذي تستغرقه في عملية الاستهلاك حتى الموسم الجديد لكي لا يحدث اغراق في السوق وبالتالي يصعب عليها تصريف الانتاج الجديد.. والشركة شأنها في ذلك شأن كل منشأة انتاجية تعمل على بيع انتاجها لعدد من زبائنها الذين يوفرون لها سيولة تحتاجها للموسم الجديد.. فإذا قام هؤلاء أو من يأتي بعدهم بتخزين هذا الانتاج واحتكاره فليس هذا من شأن الشركة بل من شأن السلطات الرقابية والتي ينبغي أن تراقب انسياب هذا الانتاج حتى يصل إلى المواطن بالسعر الرسمي الذي تحدده الدولة! ولكن السلطات الرقابية «لا تفعل ذلك..! بل تنتظر حتى تتفاقم الازمة لغرض في نفس يعقوب» ثم تحمَّل الشركات المنتجة مسؤولية عدم كفاءة التوزيع!! حتى كشوفات التجار المستلمين عند الطلب لمن يطلبها.. ولكن لا توجد متابعة انتظاراً لموسم «اللغف» الذي ظل يتكرر سنوياً وهو مشهد مللناه. وفي أحد المواسم عندما ضغطت السلطات على الشركة في عملية التوزيع أوجدت الشركة من نفسها ليس فقط كشركة منتجة بل وعلى مستوى تجار القطاعي عندما فتحت نوافذ توزيع للجمهور كلفها ذلك شططاً ولكنها فعلت ذلك ارضاءً لضميرها الوطني اننا نحذر من المناداة بفتح باب الاستيراد للتجار لأن في ذلك اغراق للسوق والقضاء التام على شركات الانتاج.. حتى نظام الكوتة الذي اقترحه البعض سيستغله التجار في استيراد اضعاف الكميات المسموح بها ونحن نعلم أساليب التجار في تحقيق اغراضهم والخروج بأرباح غير مشروعة. وقد أصبح الكل ضعيفاً أمام اغراءات ما يقدمه هؤلاء التجار..!! لذلك اذا كانت الحكومة جادة في حل هذه المشكلة فعليها أن تقدم التسهيلات اللازمة لشركات الانتاج لسد الفجوة في الانتاج عن طريق السكر الخام والذي يساعد على تشغيل هذه المصانع في فترة التوقف وتوفير العملات الصعبة لها وهذه الشركات مستعدة لتسليم انتاجها للحكومة اذا بادرت بدفع قيمته مباشرة.. كما يفعل التجار.