٭ أشعلت معركة انتخابات الاتحاد العام لكرة القدم الميدان الرياضي واشتد لهيب وأوار التنافس قوة وحدة ،وذلك حينما تقدم رئيس الاتحاد العام السابق الدكتور كمال شداد ورئيس نادي الهلال صلاح ادريس ونائب رئيس الاتحاد العام الدكتور معتصم جعفر ... ووصلت حالة الاحماء والتسخين لدرجة الغليان حينما تم شطب اسم الدكتور شداد من قائمة المتنافسين على رئاسة كرسي الاتحاد. والشاهد ان مجريات الاحداث بهذه الصورة الدراماتيكية لم تكن معركة رياضية فحسب فقد ألقت السياسة بثقلها في هذه القضية..! ورغم محاولات الدكتور كمال شداد المستميتة لإثبات ان الصراع الحالي حول ملف الرياضة هو صراع سياسي الا ان شداد نفسه حاول وبشتى الطرق بما فيها السياسية الدخول الى المعركة بحسابات سياسية صرفة، فالرجل نفسه عضو المؤتمر العام للمؤتمر الوطني ويحتفظ بعضوية مجلس شورى الحزب الحاكم .. وما يتردد حاليا ان الرئيس المشير عمر البشير لا يزال مساندا وداعما لموقف شداد في مواجهة خصومه يقابل ذلك ما تهمس به مجالس المدينة حول ان امانة الشباب بالمؤتمر الوطني والوزير الجديد حاج ماجد سوار ليسا ببعيدين عن الصراع الذي يدور في انتخابات اتحاد الكرة الحالية..!! ٭ حسنا.. دعونا نضع كل هذا جانبا ونفتح سجلات الرجلين الآخرين اللذين ينازعان شداد موقع الرئاسة «فالكوتش» صلاح ادريس هو قطب اتحادي وعضو مكتبه السياسي بل انه مهندس اتفاق جدة الاطاري الذي تم توقيعه بين نائب رئيس الجمهورية الاستاذ علي عثمان محمد طه ومولانا محمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي. أما الرجل الثاني الدكتور معتصم جعفر سر الختم فهو الى وقت قريب كان من رموز الحزب الاتحادي الديمقراطي الى حين انتقاله كلاعب ضمن تشكيلة المؤتمر الوطني في عملية فك تسجيلات شهيرة انتقل بموجبها محتلا المقاعد الامامية للحزب الحاكم وممثلا للمؤتمر الوطني في الدائرة الجغرافية «4» الحصاحيصاالشرقية كعضو في المجلس الوطني. ٭ وبالتأكيد ان المراقب لا يستطيع بأية حال من الاحوال ان يفصل ما بين تداخلات السياسة مع التقاطعات الرياضية رغم التخديرات الاخيرة المتكررة للدكتور شداد من مغبة دخول السياسة الى المعترك الرياضي..! ولربما كانت السوابق التي لا زالت تحتفظ بها الذاكرة تشير الى جملة من الحيثيات والوقائع لحدوث معارك سياسية ساخنة دارت رحاها من قبل ما بين شداد كطرف وما بين عضو مجلس قيادة الثورة السابق اللواء ابراهيم نايل ايدام حينما كان الاخير وزيرا للشباب والرياضة ثم معركة العميد يوسف عبدالفتاح مع شداد ايضا.. وتروي الطرفة انه حينما اشتد الصراع بين هذه الاطراف حاولت بعض الدوائر السياسية بالمؤتمر الوطني احتواء وتدارك الموقف قبل انفجاره خاصة وان اللواء نايل ايدام والعميد يوسف عبدالفتاح كلاهما يتسمان بالحدة والصرامة ولربما كان ذلك ينبع من طبيعتهما كضباط ينتميان للمؤسسة العسكرية يواجههما رجل لا يقل عنهما «سخونة» هو شداد.. فوقع الاختيار لحل هذا الاشكال على عاتق البروفيسور ابراهيم احمد عمر ، فالبروف ابراهيم احمد عمر متخصص في مجال الفلسفة وكذلك شداد... والتقى الرجلان في اجتماع مغلق الا انه سرعان ما انتهى الى لا شئ ولم يبقَ منه الا ما تداولته المجالس الرياضية وقتها بخصوص عبارة مقتضبة ومحتضرة قالها شداد للبروف ابراهيم احمد عمر «يا بروف خليكم في سياستكم وخلونا في رياضتنا»... ٭ اي ان شداد وقتها حاول النأي بالسياسة عن مطبات الرياضة ومتعرجاتها الملتوية .. وهو ما يحاول ان يفعله الآن.. وقد ينجح وربما يفشل ..!! ٭ حسنا.. تقليب الدفاتر بهذه الصورة لا يبعدنا عن فتح صفحات اخرى ذات صلة لصيقة بالقضية... بل دعونا نقفز فوق الاشياء فزعيم حزب ا لامة الصادق المهدي رجل سياسي ما في ذلك من شك وهو في نفس الوقت زيعم اكبر حزبين في السودان ومع ذلك هو رياضي مطبوع من الدرجة الاولى يمارس العديد من الالعاب الرياضية بل انتقل بهذه الالعاب من خانة الهواية الى الاحتراف خاصة في مجال البولو والجولف والفروسية... بل إن المهدي ظهر ابان حملته الانتخابية لرئاسة الجمهورية في البوسترات والملصقات في الشوارع العامة والطرقات ممتطيا صهوة جواد..! وبالطبع فإن ابنه الامير عبدالرحمن لم يشذ عن القاعدة فهو صاحب مهارات رياضية عديدة تبدأ بممارسة رياضة البولو «الاسكواتش» وتنتهي بركوب الخيل حتى انه وصل الى درجة نال بموجبها عضوية اتحاد الفروسية وحصد من خلالها العديد من الجوائز. ٭ ولربما كان الحديث عن عبدالرحمن الصادق لا ينفصل عن تناول هوايات ابن عمته السيدة وصال فنجل د. الترابي عصام الدين اشتهر بتربية الخيول وترويض الحيوانات المفترسة الى الحد الذي استقر به اخيرا كأحد قادة اتحاد الفروسية السوداني . ٭ لا تستغربوا .. انها جدلية السياسة والرياضة كمتلازمتين حتى لو افترقتا فإنهما تلتقيان عند نهاية الطريق...! فرئيس القطاع السياسي بالحزب الاتحادي الديمقراطي «الأصل» هو حكيم الكرة السودانية ورئيس نادي الهلال الاسسبق طه علي البشير كما ان القيادي بالحزب نفسه حسن عبدالقادر هلال رأس مجلس ادارة نادي الهلال في احدى دوراته كما ان رئيس الحملة الانتخابية للحزب ذاته محمد سيد أحمد سر الختم كان رئيسا لنادي المريخ الحصاحيصا ورئيساً لاتحاد كرة القدم المحلي بالحصاحيصا ويترشح الآن في المقاعد الامامية لاتحاد كرة القدم السوداني. ٭ وبالطبع فإن كل ذلك لا يجعلنا نغفل الدور لشخصية سياسية برزت في المجال الرياضي فلا يذكر نادي المريخ إلا ويذكر معه جمال الوالي مرشح المؤتمر الوطني في دائرة مدني الوسطى وعضو البرلمان الحالي.. ٭ وعوداً على بدء.. ألا تتفقوا معيّ على تشابه المواقف والمواقع وترابط السياسة بالرياضة الى حد بعيد..؟!!! ولربما كان لجوء واستنجاد الدكتور شداد الذي فقد كرسي الرئاسة ب «الفيفا» كمنظومة عالمية ودولية للاستنصاربها ضد خصومه ونقل المعركة من اطارها الجغرافي الضيق المحدود الى الفضاء العالمي يتطابق ويتشابه الى حد بعيد مع استعانة القوى السياسية المعارضة بالمجتمع الدولي ضد خصمها في السلطة «المؤتمر الوطني».. فإذا كانت المعارضة قد جعلت العالم الخارجي يفرض حصارا سياسيا واقتصاديا على السودان فلابد ان الدكتور كمال شداد اليوم في طريقه لتكرار السيناريو وذلك بانتاج تجربة جديدة قبل نهاية الشوط الاول للمباراة تكون نتيجتها فرض حصار رياضي خارجي من قبل «الفيفا» على السودان خاصة وان «الفيفا» اطلقت صافرات انذار مهددة بإنزال عقوبات تتضمن حرمان السودان وتجميد عضويته نهائياً في الاتحاد الدولي. ٭ واخيرا ... دعوني أتساءل.. ما الفرق بين التدخل الدولي الخارجي في شؤون السودان الداخلية وتدخل الفيفا في شؤون الرياضة بالبلاد..!! إنه سؤال.. يجيب عليه الدكتور شداد وحده فقط «بروح رياضية عالية» وألا ينسى ان انتخابات الاتحاد العام لكرة القدم هي نفسها تمرين ديمقراطي ممنوع فيه تعمد اللعب الخشن..!!