قبل أيام خرجت مسيرة جماهيرية هادرة تطالب إدارة نادي الهلال بوقف أعمال التحقيق مع نجم فريق الهلال هيثم مصطفى الملقب ب«سيدا».. الجماهير الغاضبة اعتبرت الزعيم «سيدا» خطاً أحمر ولاعباً فوق القانون. بعد سبعة عشر عاماً من الأداء الجيد لم يعد لقائد الهلال هيثم مصطفى شيء جديد يمكن أن يضيفه لأمة الهلال..«سيدا» مثل كثير من السياسيين يرفض الانصياع لأقدار الزمن.. لا يريد الترجل والبحث عن وظيفة أخرى حول الملعب الأخضر.. الآن هيثم مصطفى وبدلاً أن يكون قيمة إضافية أصبح خصماً يهدد استقرار الفرقة الزرقاء ووجودها في المحافل الإقليمية. من قبل كنا نفخر بالرياضة السودانية التي احتفظت باستقلاليتها وأهليتها في أحلك الظروف.. عندما فكر الجنرال نميري على عادة الطغاة.. في حشر أنفهم في تفاصيل حياة المجتمع في ابتداع الرياضة الجماهيرية وحل الأندية الرياضية كانت الجماهير له بالمرصاد حتى عاد عن غيه وتراجع عن نظريته في تسييس الرياضة.. الرياضة في السودان كانت على الدوام منطقة محرمة على السياسيين.. في أوج استبداد الإنقاذ تمكن الخبير الرياضي الدكتور شداد من تسديد اللكمات الرياضية لجنرالات في حجم إبراهيم نايل إيدام والعميد يوسف عبدالفتاح.. صحيح أن الإنقاذ تمكنت من التسلل إلى مجتمعنا الرياضي عبر دعمها لشخصيات حزبية مثل جمال الوالي في المريخ.. ومعتصم جعفر الذي شيدت له صرحاً في الاتحاد العام لكرة القدم السوداني. ظاهرة «سيدا» الذي يرفض الترجل عن القيادة.. في الأصل ظاهرة سياسية.. كم من زعيم حزبي بلغ من العمر عتياً ويرفض حتى فكرة التنازل لفرد من أهل بيته.. لا أحد يستطيع أن يتخيل المؤتمر الشعبي بعيداً عن سطوة الترابي.. مولانا الميرغني ليس فقط كابتن الفريق الاتحادي.. بل هو الحكم وحارس صندوق المال.. إذا تحدث مواطن أن الرئيس البشير قد طال جلوسه على سنام القيادة فسيرمى بالجنون.. أما إذا التمس أنصاري من الإمام الصادق المهدي الاستجابة لتطلعات الأنصار في التغيير والديمقراطية فسيرمى بالعمالة ويفصل من الحزب بحجة عدم الانضباط . إذا ما جردنا ظاهرة «سيدا» على مسؤولين دون القادة الكبار نجدها أكثر وضوحاً.. وزير الزراعة عبدالحليم المتعافي بعد أن فشل في إدارة ملف الزراعة فكر في الاستقالة ليتفرغ للتجارة والاستثمار.. رفضت استقالة المتعافي وعاد الرجل لمزاولة عمله.. مدير الطيران المدني بعد أن سقطت طائرة تلودي في ظروف غامضة.. استشعر الجنرال محمد عبدالعزيز المسؤولية وكتب استقالة مسببة لرئيس الجمهورية.. الحكومة أعادت ولد عبدالعزيز إلى القيادة رغم الفشل الذريع. في تقديري ما زالت أمام «سيدا» الرياضي فرصة لمراجعة الذات.. على النجم الكبير هيثم مصطفى أن يتذكر حكمة مدرب نادي مانشستر يونايتد الكابتن «الكس فيرجسون» التي أوجزها «عندما يشعر أي لاعب كرة أنه أكبر من الفريق فذلك الوقت المناسب ليخرج من الباب». ليتهم جميعاً يدركون أن هناك وقتاً مناسباً للخروج من الميدان.. لا تجبروا الجماهير على ممارسة الاحتجاج حتى تقولوا «الآن فهمت» كما قال الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين. آخر لحظة