من المهم ان يعرف الغرب ان افريقيا طوت الظلام وودعت حقباً عجافاً لا تعي لاتنطق ولذلك جاءت ردود الفعل تجاه إملاءات الغرب بخصوص التعاون مع محكمة الجنايات الدولية مثل فرمان استعماري يطالب الافارقة بالاحتكام الى قوانين ونظم العدالة الغربية ، وكانت نتيجة ذلك التصرف الصادر من العقل الباطن الغربي ان تذكر الافارقة عهود الاستعمار والصلف الغربي في التعامل معهم كأنهم عبيد . لقد رفضت كثير من الدول الافريقية التعامل مع المحكمة الدولية لاعتبارات تتعلق بالسيادة وليس بالعدالة فالعدالة عند الافارقة وتراثهم الممتد عبر القرون يحتفي بالقصاص والعدل ولهم تراث حافل بالنماذج فيما يتعلق بالانتصاف للمظلوم ، ولذلك حينما يطلب الغرب بكل صلف وغرور من الافارقة ان يتعاونوا بتوقيف رئيس دولة منهم فإن الامر يبدو غبياً لدرجة لا توصف فليس من المقبول في العرف الافريقي ان يقوم الشخص باقتلاع عينه بيده او الإضرار بها فكيف يتصور ان يقوموا طواعية بتسليم شخص منهم الى من كان الى وقت قريب مستعمراً لبلدانهم سارقاً لثرواتهم. لقد استفز الطلب العقلية الافريقية ايما استفزاز ولذلك رد احد كبار القادة الافارقة بأنهم لن يقوموا بتسليم رئيس افريقي للمحكمة وعلى من يرغب في ذلك تنفيذ الطلب بنفسه ان استطاع ، ومن الواضح ان الاجابة كانت على قدر الاستفزاز الناجم عن طلب الغرب مع انهم كانوا يعلمون ان طلبهم سوف يرفض خاصة وانه لم تحدث حادثة مشابهة في افريقيا قط فكيف يخلط الغربيون بين ثقافتهم وبين التقاليد الافريقية ؟ ولكن دعونا نفكر في المستقبل كيف نقابل الوقفة الافريقية الشجاعة مع قضايانا الداخلية وكيف نستثمر التقاليد الافريقية الراسخة بما يخدم الامن والاستقرار في السودان ؟ انه التحدي الذي يفرض علينا انتهاج سياسة جديدة تقنع الذين وقفوا معنا اننا جادون في سبيل تحقيق السلام في دارفور ، يجب علينا ان نبادر ونطلق صافرة توقف القتال في دارفور ونعلن جاهزيتنا لاقرار السلام فالوقت لم يعد يكفي لممارسة سياسة إضاعة الفرص وكلما تطاولت الازمة سيشتد تطاول المتطاولين وربما يتساءل البعض عن مغزى دعم استمرار الحرب . منذ وقت قريب قدم الافارقة مبادرات جيدة مساهمة منهم في حلحلة تعقيدات ازمة دارفور ماذا كانت ردة الفعل تجاه تلك المبادرات ؟ هل كافأناهم بالشكر والتقدير على المجهودات التي يبذلونها من اجل السلام والاستقرار في السودان ام قمنا برفض المبادرات ؟ هذا السؤال نوجهه للممسكين بملف سلام دارفور القدامى والجدد خاصة في ظل التغييرات والتبديلات التي تتم على صعيد الوفود الحكومية المشاركة والمباشرة للمفاوضات . ان مسلسل المحكمة الجنائية الدولية ستكتمل حلقاته حينما يتوصل السودانيون الى اتفاق سلام نهائي ينهي مشكلة دارفور ، ولن يكون لصوت مدعي المحكمة الجنائية اي معنى حينما يتوافقون على آلية تبسط العدل بينهم وتذهب ما يجدونه في انفسهم من لجلجة سببتها الحرب والدمار الذي لحق بالانفس والممتلكات ، ولذلك دعونا نكافئ وقفة الأفارقة المستمدة من التقاليد الافريقية العريقة بايقاف حرب دارفور .