مازال البعض يشكك في قيام انتخابات حرة ونزيهة على الرغم من الخطوات المتقدمة في مضمارالعملية الانتخابية والسعي نحو التحول الديموقراطي والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الإقتراع ، وذلك نتيجهً لإختلال ميزان الثقة، بين المعارضة نفسها وبين الحكومة. مجلس شؤون الاحزاب بالتنسيق مع بعثة الاممالمتحدة بالسودان والمفوضية القومية للانتخابات، حاول نسج خيوط الثقة من جديد بين الاحزاب السياسية المختلفة، والتي إجتمعت في فندق السلام روتانا للتحاور والتفاكرحول كيفية (بناء الثقة في انتخابات سليمة) يرتضي بنتائجها الجميع. وقال ممثل الاممالمتحده بالسودان جاس بين ليدا، ان بعثة الاممالمتحدة بالسودان تسعى مع جميع الاطراف الى تحقيق الهدف السامي ( تحقيق السلام ) والاستقرار في السودان، وان الانتخابات القادمة تعد معلماً بارزاً في اتفاقية السلام الشامل وتحقيقها بصورة سلمية تساعد في عملية التحول الديموقراطي. واشار ليدا الى ان القرار (15,090) الصادر عن مجلس الامن ينص علي إنزال اتفاقية السلام على أرض الواقع، والتوعية والدعم الفني للاحزاب السياسية، ومراقبة الاتفاقية ، واجراء الانتخابات والاستفتاء، وقدر مجلس الامن فترة البعثة وفوضها بمساعدة المفوضية ودعم الانتخابات في المسائل التي تتعلق بالأمن والنقل والوسائل المختلفة ، والمسؤولية الأولى تقع على عاتق المفوضية ونجاحها يعتمد على التنسيق بينها والاحزاب، ونحن بدورنا نطالب كل الاطراف المختلفة ان تعمل معاً وتتفق على المصلحة المشتركة، وهي قيام الانتخابات . واوضح نائب رئيس المفوضية عبدالله احمد عبدالله ان المفوضية تسعى الى تعزيز الثقة بين الجميع واقامة انتخابات حره ونزيهه وبنسبة عالية من المشاركة، والمهمه الاساسية للمفوضية تأمين الإنتخابات وضمان حقوق المواطنين، دون تمييز بمباشرة حقوقهم السياسية وابداء الرأي الحر بإقتراع سري في الانتخابات وفق القانون ، ولذلك يجب ان نركز على ثلاثة محاور، مهمة في سلامة الانتخابات، المحور الاول التفاكر حول مصادربؤر التوتر المتوقعة خلال الحملات الانتخابية والبحث عن الحلول والتحوطات ، وبؤر التوتر تشمل ضعف وعي الناخبين بالحملات الانتخابية وهي تأتي بعد آخر انتخابات تعددية ديمقراطية اجريت عام 1968 ومن ثم مراعاة برامج الاحزاب وخطب الاحزاب السياسية والتي يمكن أن تثير كثيراً من المشاكل اذا تعرضت فيها الاحزاب الى السب والتجريح، وإثارة النعرات القبلية والعنصرية . والمحور الثاني تحديد مجالات المصالح المشتركة التي يمكن ان تصبح ارضية مشتركة للوفاق بين الاحزاب المختلفة، وذلك بتقدير المسؤولية الوطنية ، والإدراك الواعي لعملية التحول الديمقراطي والاستقرار السياسي، وتوفير الجو الحر للأحزاب للوصول الى ناخبيها. والمحور الثالث يتمثل في مناقشة القيم والسلوكيات التي تصلح أن تكون دليلاً وهادياً للاحزاب في انجاز انتخابات آمنة، والتركيز على مخاطبة الناخبين بما يعنيهم، والإلتزام بالابتعاد عن السلوكيات الفاسدة التي اوضحها القانون. واوصى عبدالله بتثقيف مكثف للناخبين والجمهور بكل مفاهيم وعناصر الانتخابات، والمراقبة المهنية المحايده، والحماية الامنية والشرطية ذات الوعي المتفهم بطبيعة الإنتخابات. وقال رئيس مجلس شؤون الاحزاب السياسية محمد بشارة دوسة، نحن مقبلون على مرحلتين مهمتين وخطيرتين، الحملات الانتخابية والاقتراع والفرز ولذلك لابد ان تعي الاحزاب دورها في المرحلة المقبلة، ومسألة توفر الثقة مهمه جداً لتكملة المراحل المتبقية، واضاف دوسة « ان الانتخابات اصبحت سلعة وبضاعة مقدمة للاحزاب المختلفة بكل مستوياتها وعلى الاحزاب ان تشتري بثمن نظيف بعيداً عن الاساليب الفاسده التي نص عليها القانون لان الشعب السوداني واعي جداً وسيختارالافضل وعلى الاحزاب ان تقدم افضل ما عندها لكسب رضا الناخب السوداني» وقال دوسة « غياب الديموقراطية بعد الآن هو مسؤولية الاحزاب السياسية بعد ان اتتها الفرصة على طبق من ذهب ، وعليها ان تدرك ان زمن الانقلابات قد ولى واصبح الطريق الوحيد للوصول للسلطة عبر صناديق الاقتراع فقط ، واشار دوسه الى سلامة الانتخابات وشموليتها لا تقتصر فقط على المفوضية وحدها بل ان الاحزاب السياسية هي اللاعب الأول في المرحلة المتبقية من عمر التجربة الانتخابية، ومايهمنا نحن في مجلس شؤون الاحزاب ان نرى احزابنا قوية وقادرة على تحمل المسؤولية والخروج بالبلاد الى بر الامان. ريتشارد سميث (جنوب أفريقي) و ايمانويل سواتي (غاني) قدما ورقة عن التجربة الانتخابية في بلديهما والقيا نظرة على الآليات المتبعة لفض النزاعات الانتخابية وتبدأ الورقة بغانا وتقول إن لها باعاً طويلاً في الفتن الداخلية وقد غرقت في الصراعات بين الفئات العرقية و الاجتماعية المختلفة في البلاد وابتليت بحكم عسكري وتقلبات سياسية ولكن في العام 1992م صار المجتمع الدولي ينظر إلى غانا على أنها رمز لنجاح الانتخابات التي تجري في بلاد تشهد تحولا ديمقراطيا وحتى الآن شهدت هذه الدولة الافريقية الشبيهة بالسودان في الكثير من الاوجه خمسة انتخابات آخرها في العام 2008م وتعيد الورقة الفضل في نجاح الانتخابات في غانا إلى ثلاثة عوامل رئيسية هي ميثاق الشرف الذي وقعته الاحزاب واللجان الاستشارية للأحزاب والمجلس القومي للسلام. ثم تتحدث عن كل عامل على حدة وحيال ميثاق الشرف تقول إنه توافق طوعي على آلية للتنظيم الذاتي وضعتها الاحزاب السياسية بعد مشاورات مكثفة وهو عبارة عن سلسلة ارشادات تعمل على ترسيخ احترام الآراء المختلفة وحكم القانون والانشطة الانتخابية السليمة الاخرى اللازمة لتعزيز استحقاقات غانا الديمقراطية. وينقسم الميثاق إلى ثلاثة أقسام تعكس المراحل الثلاث المختلفة في انتخابات البلاد وهي اطلاق الحملات الدعائية قبل تاريخ الاقتراع، يوم الاقتراع ومابعد نهاية الاقتراع. وقد ساهم تطبيق الاحزاب والمفوضية القومية للتثقيف المدني ومنظمات المجتمع المدني في بناء الثقة بين مؤسسات الدولة و الاحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني وتحقيق بيئة ديمقراطية سليمة. أما اللجنة الاستشارية للاحزاب فقد أنشأتها المفوضية القومية للانتخابات كرد مباشر على انعدام الثقة والعداء المتصاعد الذي شاب العلاقة بين احزاب المعارضة الرئيسية ومفوضية الانتخابات و الاحزاب ذاتها والحزب الحاكم ورغم أن الهيئة استشارية الا أنها أفادت غانا في ادارة الانتخابات السلمية لأنها ساعدت على تعميق الثقة بين الاطراف الثلاثة واصبحت كمنبر للأحزاب السياسية ومفوضية الانتخابات و الحكومة لطرح المسائل الرئيسية ومناقشتها و حلها عن طريق الحوار، مما أثرى العلاقة بين كافة الاطراف ومكنت من حل الكثير من القضايا عن طريق ما تصفه الورقة باصلاح ذات البين . وعن العامل الثالث الذي هو المجلس القومي للسلام تقول إنه تأسس في العام 2003م وهو مؤسسة حكومية مستقلة قوامها من الزعماء الدينيين و الحكام المحليين ورجال الاعمال و الخبراء الاكاديميين وهي فئات تتمتع باحترام المجتمع الغاني ومن مهامها الرئيسية درء النزاعات وادارتها وحلها واشراك المواطن العادي في احترام التنوع الديني والاجتماعي و السياسي و التوسط في النزاعات السياسية بالطرق السلمية. وقد ساهم المجلس في النجاح بمساهمته في التخفيف من حدة التوتر وسوء الفهم بين بعض الاطراف الرئيسية وبناء الثقة فيما بينهم وتخصص الورقة فقرة للدروس المستفادة من التجربة وتقول إن الانتخابات السلمية عامل مهم من عوامل التقدم الديمقراطي و التنمية ، رغم حتمية بعض جزئيات النزاع المرافق للانتخابات يمكن لهذه الانتخابات أن تخلو من العنف ،يمكن التخفيف من وطأة انعدام الثقة بوضع آليات وعمليات معينة موضع التنفيذ كما هو الحال في التجربة الغانية. وتنتقل الورقة إلى التجربة الجنوب أفريقية وتقول إن نص قانون المفوضية المستقلة للانتخابات رقم 150 للعام 1993م على أن تتألف من دائرة لادارة الانتخابات و أخرى للاشراف وأمانة عامة للتحكم وتعمل هذه الدوائر بصورة مستقلة عن بعضها البعض وتكمن مهمة الدائرة في الاشراف على أداء دائرة الانتخابات و طرح التدقيق والتوازن الداخليين. أما لجنة ادارة النزاعات فكان هدفها ايجاد فهم واضح لطبيعة ومصدر النزاع الانتخابي والطرق الممكنة لمنع حدوث وتعزيز قدرات المفوضية المستقلة للانتخابات لكي تتمكن من اجراء الانتخابات بشكل حر ونزيه وتشجيع اقبال الناخبين وذلك بتوفير بيئة ملائمة لقيام الانتخابات كما ينبغي تشجيع حل ادارة النزاعات المتعلقة بالانتخابات من خلال الحلول البديلة للصراعات و تنشئة ثقافة ديمقراطية عن طريق تسهيل ودعم قيام انتخابات منظمة وخالية من النزاعات. العمل كنظام انذار مبكر واخطار المفوضية المستقلة وغيرها من جهات الاختصاص بأي صراعات محتملة أو موجودة أو في طور التكوين. وتتحدث الورقة عن الدروس المستفادة من التجربة الجنوب افريقية وتقول إن دروساً عديدة الهامة و التوصيات الناشئة عن تجربتي عامي 1999م و2000م ابرزها ضرورة تشكيل هيئات لادارة النزاع قبل وقت كافٍ من الانتخابات مع وضع هيئة صغيرة كمصدر للمعلومات أثناء الفترة الفاصلة بين الانتخابات خاصة على المستوى المحلي. يجب تمليك المواطنين الحقائق و المعلومات الكاملة عن وجود اللجان ودورها واختصاصاتها و الوسطاء الموجدون في مناطقهم مع تحديد الوسطاء وقبولهم من جميع الشركاء. وتؤكد الورقة على ضرورة أن يشجب علنا أي فعل قد يقوض قيام الانتخابات الحرة وقبول نتيجة الانتخابات او الطعن فيها لدى المحاكم و اتخاذ الخطوات المعقولة التي تضمن مشاركة المرأة في أي نشاطات سياسية و الاعتراف بسلطة المفوضية في قيام انتخابات و تطمين الناخبين بنزاهتها كما لا يجوز لاي حزب حسب الورقة منع وصول العاملين في وسائل الاعلام الى الاجتماعات السياسية العامة والمسيرات و المظاهرات والحشود، و الامر نفسه ينطبق على استخدام لغة أو التصرف على نحو يثير الرعب في نفوس المرشحين أو اعضاء الاحزاب او ممثلي ومؤيدي الاحزاب او المرشحين او الناخبين، أوطمس والازالة غير القانونية أو تدمير لوحات الإعلانات أو مواد انتخابية أخرى تخص أي حزب.