اذكر قبل فترة ابان اضراب الاطباء الشهير قال د. كمال عبدالقادر وكيل وزارة الصحة ان الوزارة لا تشتكي من قلة الاطباء بل العدد كافي ويزيد وان الاعداد في ازدياد مع ازدياد عدد الدفعات المتخرجة من كليات الطب بمختلف الجامعات عوضاً عن الاطباء الاجانب الذين يتم استيرادهم وفق سياسات معينة كتلك التي انتهجها والي البحر الاحمر محمد طاهر ايلا حينما عمد الي استجلاب اطباء مصريين للعمل في مستشفيات الولاية ، وبحسب افادات السيد وكيل وزارة الصحة فان السودان غير محتاج لاطباء ولكن دعونا نتساءل بعد العلم بالحيثية المذكورة لماذا اصدر رئيس ادارة الجودة بالوزارة حسن عبدالعزيز، قراراً بايقاف استخراج شهادات خلو الطرف بالنسبة للأطباء الراغبين في الهجرة والعمل خارج السودان ؟. ان الاجابة علي السؤال اعلاه تقودنا الي المزيد من التساؤلات والهواجس بشأن مايجري داخل أضابير وزارة الصحة الاتحادية وما اذا كانت الوزارة فعلاً تعتمد سياسات متوازنة تجاه قضايا الصحة بالبلاد وتنتهج اساليب علمية في مواجهة تحدياتها علي الصعيد الاداري ، لقد تابع الجميع أزمة اضراب الاطباء بكافة فصولها التراجيدية والدراماتيكية والدرامية حتي وحينما توصل المخلصون من قادة العمل الصحي بالبلاد والمهتمون الي اتفاق « جنتل مين » مع لجنة الاضراب وظن الكثيرون ان الأزمة قد انقشعت سحابتها السوداء وعاد دولاب العمل في المستشفيات الي سابق عهده في الدوران بانتظام برزت مجدداً عمليات الكيد الرخيص وسط التيارات المتنازعة في قطاع الصحة لتنسف ماتم التوصل اليه من اتفاق عبر تدابير تصب في نهاياتها في غير صالح العمل رغم هيئتها ذات الطابع الرسمي ، لقد انفجرت الأزمة الصامتة مجدداً في صورة اجراءات محاسبة الاطباء ثم تطورت الي ايقاف العمل الخاص بالمستوصفات والتضييق علي معايش عباد الله حتي اذا ضاقت الدنيا علي البعض وقرر الهجرة للبحث عن لقمة العيش والحياة الكريمة يجئ قرار رئيس ادارة الجودة بايقاف استخراج شهادات خلو الطرف ليغلق الباب أمامهم ويسد منافذ الأمل والرجاء . ومن الواضح في ظل هذه التجاذبات والاضطرابات التي تضرب وزارة الصحة وتبدو جلية من واقع السياسات والقرارات التي تصدر من حين لآخر ان الأزمة تحتاج الي مبضع جراح كبير يخضعها لعملية نقاش مستفيض بمجلس الوزراء الموقر ليتم تمحيص المسألة ومعرفة كافة جوانبها، فالأمر اصبح أزمة اكبر من مكايدات البعض في تصفية الحسابات الشخصية وهجرة الأطباء السودانيين الذين صرفت عليهم البلاد وخرجتهم لينفعوا اهلهم في المدن والارياف هذه الهجرة تكشف خللاً كبيراً في سياساتنا الصحية الرسمية وتفضح قلة الحكمة لدي متخذي القرار في هذا الخصوص وما قرار ايقاف شهادات خلو الطرف الا نتيجة حتمية حينما يعود العقل الرسمي ادراجه الي الوراء ليتلمس الطريق سالف الذكر . أوقفوا هجرة الكفاءات والخبرات في كل المجالات والتخصصات الحيوية ، ولن تستطيعوا فعل هذا الأمر الا اذا اوقفتم السياسات العرجاء التي تنتهجونها مع ابناء السودان العاملين في دولاب الدولة المتهالك والعاجز عن الدوران بصورة طبيعية بسبب قصور ملازم يستحوذ علي أدمغة القائمين علي سدة كثير من الوزارات والمؤسسات الحكومية ، ان مراجعة كافة السياسات والقرارات العرجاء الضارة بالوضع الصحي بالبلاد واجب تمليه ضرورات المرحلة التي يعيشها السودان والخطوات الكبيرة التي يخطوها متخذو القرار الاعلي في البحث عن الاستقرار في كافة الجوانب سواء علي صعيد حرب دارفور او علي صعيد تأمين الخدمات الضرورية لكافة المواطنين .