المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    بيان هام من السفارة السودانية في تركيا للسودانيين    "بناء الدولة وفق الأسس العلمية".. كامل إدريس يدعو أساتذة الجامعات للاسهام في نهضة البلاد وتنميتها    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    نبيل عبد الله: قواتنا بالفرقة 14 مشاة صدّت هجومًا من متمردي الحركة الشعبية بمحطة الدشول    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    أكثر من 8 الاف طالب وطالبة يجلسون لامتحانات الشهادة الابتدائية بسنار    كيف تغلغلت إسرائيل في الداخل الإيراني ؟!    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    أردوغان: الهجوم الإسرائيلي على إيران له أهداف خبيثة    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    فيكم من يحفظ (السر)؟    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يُرفع العزاء شمالاً أم يظل قائماً إلى حين إشعار آخر؟
تقرير المصير: سيناريوهات مساء الجمعة 9 يناير 2011
نشر في الصحافة يوم 31 - 07 - 2010

يحمل مصطلح «تقرير المصير».. ادانة مسبقة، لطرف مارس الظلم او اختلفت ثقافته وخصائصه اختلافا بيناً مع وصد طرق آخر، استحق من خلال رفضه السلمي وغير السلمي، الاعتراف له، وبشهادة دولية بحق شعبه في تقرير مصيره «اتفاقية نيفاشا 5002 والدستور الانتقالي لسنة 5002م» ويقول لنا التاريخ القريب ان معركة استقلال السودان، والذي اعلن من داخل البرلمان في 19/12/1955 كان بينها النص على حق تقرير المصير في اتفاقية الحكم الذاتي 21 فبراير 1955 التي وقعها عن مصر اللواء اركان حرب محمد نجيب وعن بريطانيا رالف سكرين سيتفنسون. ولم يكن اعلان «الاستقلال» في سياق حق تقرير المصير بعيدا عن صراع انتهت شرارته الى اول مارس 1954 وفي المقابل فان مصر لم تأل جهدا في ان تهيئ لاتحاد السودان بل ان الواقع والرأي العام في السودان كانا يقودان لذلك حيث فاز الحزب الوطني الاتحادي برئاسة السيد اسماعيل الازهري عند اعلان النتائج في 29 نوفمبر 1953 ب 229.221 صوتا في مقابل 190.822 نالها حزب الامة والتي عادلت 51 مقعدا له مقابل 22 لحزب الامة بالاضافة لمقاعد احزاب اخرى.. فكانت احدى قيامات التاريخ السياسي للوطن، وكان طبيعيا ان تطمئن القيادة المصرية الى ترجيح نتيجة «تقرير المصير» لمصلحة الارتباط معها، وهو مما اورده الرئيس محمد نجيب في كتابه «كلمتي للتاريخ» ص 114
٭ كان «لتقرير المصير الاول» فيما نرى صدمته العجيبة «اول مارس 1954» ولكن القراءة الثاقبة لردود الفعل في داخل اجهزة الحزب الوطني الاتحادي «بقدراتها الفذة على قراءة اتجاه البوصلة» توصلت الى ما يلي:
حق المعارضة في المشاركة الحقيقية في القرارات المصيرية بعيدا عن عدد الاصوات.
نتائج ما بعد «الاتحاد» بافتراض الموافقة عليه ولم تكن لنتجاوز الحرب الاهلية «بأي حال من الاحوال».
امكان ان تكون تلك الاحداث ذريعة لعودة الحكم الثنائي «وفقا لصلاحيات الحاكم العام آنذاك».
«راجع كتابنا: قراءة جديدة في العلاقات السودانية المصرية مدبولي ص 190» ولم يكن بعيدا عن تخفيف وقع ما اضمره السيد اسماعيل الازهري بعيدا عن توجيهه لبعض «مستشاريه» من اعداد مشروع «لاتحاد كونفدرالي» مع مصر، وهو ما وافق عليه واجازه مجلس قيادة الثورة المصري في الاسبوع الاول من اغسطس 1954. وكان «المشروع الكونفدرالي» ينص على حق اي من الدولتين في الانسحاب بعد وقت يمكن تحديده اذا رأت اي من الدولتين ان هذا الوضع قد يضر بمصالح اي منهما. وعلى ان يكون ذلك بمقتضى استفتاء. ويبدو ان ذلك التصور لم يطرح على اجهزة الحزب او قاعدته.
وفي كل الاحوال، ادت ظروف موضوعية كثيرة داخل الحزب الوطني الاتحادي وداخل السودان بظروفه السياسية المعقدة الى ترجيح خيار «الاستقلال» وكانت اولى خطوات ذلك تصريحات اسماعيل الازهري في لندن «16 نوفمبر 1954» حيث استجاب للرأي العام السوداني قائلا «ان اي نوع من الاتحاد يقرره حزبنا لا بد ان تكون فيه الضمانات الكافية لاستقلال السودان واحتفاظه بكينونته وسيادته.. مع تقوية مركزه الدولي وان الاتحاد مع مصر يجب ان يكون كالعلاقة القائمة الآن مع الدول العربية «محمد احمد كرار، الاحزاب السودانية والتجربة الديمقراطية ص 93»
واعقب ذلك حملة «الاستاذ عبد الماجد ابو حسبو» الشهيرة للمناداة باستقلال السودان وتداعت الاحداث تباعا وسراعا «نحيل بشأن تفاصيلها الى امهات كتب التاريخ» وليعلن في 6 ديسمبر 1955 ان دولتي الحكم الثنائي قد اتفقتا على تشكيل لجنة دولية لتشرف على «تقرير مصير السودان» ولكن الاستقلال اعلن داخل البرلمان في 19 ديسمبر 1955. وكان مسرح تقرير المصير الاول شائكا.. واللامعقول فيه.. يسبق المعقول! ولكنه حدث ولم يخل من «الردح الاعلامي» شمالا رغم سمو سياسي استقبلت به «مصر الثورة» الاستقلال.
«2»
يورد الدكتور جبرئيل ايزاك اوو، في رسالته للدكتوراة والتي قمت بالاشراف عليها، «ان ابعاد الصراع بين الشمال والجنوب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية قد تميزت بعدم التقدير للسياسات والمواقف وغياب الرشد في التعامل مع التطورات، وعلى الرغم من تداخل اجتماعي كبير الا ان روح التعالي لدى بعض الشماليين قد اثرت سلبا على المزيد من الترابط «الاطار الدستوري لاتفاقيات السلام 1972 2007» ص 20 وان الصراع المسلح في الجنوب ادى الى تسوية سياسية سعى الجنوبيون في الجوار الافريقي والمهجر الاوربي «والامريكي» الى طرحها في المحافل الدولية والاقليمية بما حولها من «الازمة» الى «القضية» وهي التي انتهت عبر مراحلها المعروفة الى اتفاقية 9 يناير 2005 والتي بلورها وترجمها الى واقع الدستور الانتقالي لسنة 2005م ولعل من اهم تلك المحطات «وهو تكرار ممل في كتاباتنا الحالية»
٭ مؤتمر جوبا 1947
٭ مؤتمر المائدة المستديرة 1965
٭ الحكم الذاتي الاقليمي 1972 «اتفاقية اديس ابابا»
٭ اعلان كوكادام 1986
٭ مؤتمر القضايا المصيرية 1995 اسمرا
٭ المبادرات الاجنبية والاقليمية
٭ اتفاقية السلام السودانية 1997
٭ اتفاقية السلام الشامل 2005م
وكان مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية 1995 قد اعترف بحق تقرير المصير ليس فقط للجنوب وانما ايضا كحق غير قابل للانتزاع من كل اقوام السودان واكدت الاحزاب الشمالية «المعارضة» تخليها عن فرض الوحدة قسرا «راجع د. منصور خالد: اهوال الحرب وطموحات السلام 2003» ص 1007، ولقد مضى التطور السياسي عبر ما اورده بروتوكول ميشاكوس على حق شعب الجنوب في تقرير مصيره عن طريق «الاستفتاء» وهو ما هيأت له الاتفاقية ونصوص الدستور الانتقالي لدرجة البند العاشر من المادة 226 والتي اوردت انه اذا اختار الجنوبيون الانفصال.. فان كل ما تعلق بالجنوب في الدستور يكون ملغيا!
واذا كنا على اعتاب «زلزال» هو اختيار اهل الجنوب وفقا لحق تقرير المصير للانفصال، بديلا للوحدة فاننا نعيد وبصورة اخرى التاريخ في محطاتنا السياسية.. بأمل الا نفتح «بيت بكا» آخر باسم تقرير المصير الداخلي او التمثيلي.. ونأمل كل الامل الا تنطبق الشروط الموضوعية لحق تقرير المصير علي اي ديار ومضارب اخرى «راجع د. جبرئيل ايزاك المرجع السابق ص 415».
وعودا على بدء:
هل ما طرحته الحركة ابتداء وهي تبدأ معكرتها قد قام على «التاكتيك» ام «الاستراتيجي»
ثمة جراحات نفسية غائرة.. لم تدركها عقول اهل الشمال آنذاك «لماذا».
٭ لماذا لم يتح للجنوبيين المشاركة في محادثات القاهرة التي انتهت الى اتفاقية الحكم الثنائي 12 فبراير 1953 بما ترتب عليها من حق تقرير المصير.. وهي جرح فادح اورده القاضي ميشيل قطران في تقريره حول احداث توريت اغسطس 1955.. وكان له نتائج احتجاجية صارخة.
٭ اشار «قطران» كذلك الى فاعلية ان يكون منعا لمشاركة الجنوبيين في احتفالات الثورة المصرية
٭ غياب الثقافة المشتركة وتغليب مظاهر الثقافة المهيمنة
٭ التراجع عن مقررات وتوصيات مؤتمر المائدة المستديرة 1965
٭ محاكمة عضو البرلمان «اسليا كوزي» من غرب الاستوائية
٭ المسافات الامنية والعسكرية التي حالت دون استمرار الحوار والفهم المتبادل (Mutual Understanding)
وهي المسافات التي ادت الى ميلاد ونشأة وتطور حركتي الجنوب المسلحتين باسم الانانيا في مرحلة والتي قادها «جوزيف لاقو» والحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان والتي قادها «الدكتور جون قرنق» في المرحلة التي اعقبت الاولى.
٭ ولعلي اثبت من بين اهم تلك الاحتجاجات الصارخة ما يمكن ان يكون تنبؤا بالوضع الماثل وانا هنا انقل عن كتاب «الدكتور عبد الماجد بوب بعنوان جدل الوحدة والانفصال» مطبعة جامعة الخرطوم 2009 ص 60
«في ذات السياق سياق الاحتجاجات الصارخة بعث «مايكل وارتا اليقا» برسالة لوزير خارجية بريطانيا، عدد فيها الفوارق القائمة بين الشمال والجنوب وان احزاب الشمال يجب ان تسعى للمساومة مع الجنوبيين لضمان المساواة التامة التي تشمل كل المواطنين الجنوبيين، وفي حالة عجز او عدم رغبة الاحزاب الشمالية في الايفاء بهذا الشرط فان اللجنة السياسية للطوارئ في جنوب السودان، تطالب بالآتي:
٭ وضع مديريات جنوب السودان تحت وصاية الامم المتحدة وتعيين مبعوث مقيم لادارة الجنوب.
٭ اقامة وصاية على المديريات الجنوبية تحت مظلة الامم المتحدة ويكون على رأس ادارتها بريطاني.
٭ اقامة اتحاد فيدرالي مع شمال السودان باشراف مستشار قانوني من الامم المتحدة.
وتلازمت تلك الحملات الاحتجاجية مع ميلاد اول حركة سياسية جنوبية «حزب الجنوب الليبرالي» ولم يقف من وقتها «1952» الصراع السياسي المباشر او العسكر غير المباشر، وظل «الاستقلال» في عقول ودواخل اهل الجنوب حلما استراتيجيا، يرحل باسم «التاكتيك» الى مسميات اخرى «راجع مقالات الدكتور الواثق كمير في جريدة الرأي العام» وظلت مصطلحات مثل «الخوارج» والمتمردين والجلابة والمندكورو علامات بارزة في شارع التوتر والاحتقان وتصفية الحسابات التاريخية وتثبت من محطات «التاكتيك» ان الفصل السابع من منفستو الحركة «وكالة السودان للانباء ملف شامل: جنوب السودان والمؤتمر الدستوري يونيو 1987 ص 29» يورد ما يلي:
البند 20 ان الحركة تستهدف في المحصلة النهائية تحويل «كل القطر اشتراكيا وان الجيش الشعبي لتحرير السودان، يقاتل لتأسيس سودان اشتراكي موحد وليس جنوب السودان منفصلا.
البند 12 ان الواجب الفوري لحركة تحرير الشعب والجيش الشعبي لتحرير السودان هو تحويل الحركة الجنوبية من حركة رجعية يقودها رجعيون وتهتم فقط بالجنوب، الى حركة تقدمية يقودها «ثوريون وتتجه الى تحويل كل القطر اشتراكيا ولا بد من التأكيد بأن الهدف الاساسي للحركة والجيش ليس هو فصل الجنوب، فالجنوب جزء لا يتجزأ من السودان».
البند 22 ان الاتجاهات الانفصالية التي تمت في الجنوب منذ عام 1955 قد اثارت اهتمام المناطق المتخلفة في شمال السودان. وقد برزت حركات انفصالية مسلحة في غرب وشرق السودان.. هذا التمزق الوشيك هو ما تسعى الحركة والجيش لوقفه وتنفيذ حل ديمقراطي لكل القضايا القومية والدينية في اطار السودان الاشتراكي المتحد.
هذا ما اكد عليه المانفستو وظل يعلنه ويعتنقه الدكتور جون قرنق حتى في احلك ظروف المتغيرات المحلية والاقليمية والدولية.
«راجع مقالة الدكتور محمد يوسف في جريدة الاهرام اليوم» فالذي حدث «فكريا» فكيف تحولت الفكرة على الرغم من نص تقرير المصير الى ترجيح الانفصال اي نقيضها تماما.. ثمة دورة تاريخية لم تكتمل حلقاتها بعد!!
«3»
العقل السياسي السوداني في اطار المنظومة الكلية للعقل السوداني عقل قبلي ما زال يتشح ازار العشيرة بكل انواعها ودرجاتها ويدخل في ذلك القياس الصحراء والغابة والجبال والاودية والسهول والساحل والانهار. عقل غير مرتب ينتقل بمقتضى ردود الفعل او الابتدار الى مواقف مقتضى الحال.. يبدو المستقبل عنده بعيدا.. وتبدو الحلول عنده خدرا مؤقتا وتسجل «البعدنية شوف» في رؤانا «غيبا» لا تريد ان تعرفه.. خوفا وخجلا، عقل تحكمه «المناورة» والاستقطاب والشطارة والذرائعية والاندفاع والانطباع «صراعات الاحزاب السياسية ودورات الحكم العسكري» ولقد حذق الاشقاء، ابان مؤتمر الخريجين «لعبة المناورة» الذي سرعان ما انتقلت عدواه لبقية القوى السياسية «اعتماد الحلول المؤقتة» مدخلا للقضايا المحورية «في وقتها» وليعقب ذلك «التبرير» حين تنتهي النتائج الى طريقها المسدود.. ويبدو الصراع الماثل الآن بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية نموذجا امثلا للطرق المسدودة، فكل اتفاق اصلي او فرعي هو مرحلة تؤدي بالنتيجة الى ما رسمته اتفاقية نيفاشا من الهدف المطلوب وهو الانفصال.. فلم يكن ممكنا بأي حال من الاحوال في ظل مرجعية كل من طرفي الاتفاقية ان يصلا لغير تلك النتيجة: خطان متوازيان لا يرضى اي منهما بغير ازاحة الآخر.. حتى بعد الانفصال، وهو مما صرحت به بعض قيادات الحركة! وهو مما يشير لاحتمال الجوار الملتهب.
«4»
عقلنا السياسي في سياق بنائنا الاجتماعي والتاريخي يحتاج الى الدراسة والتشريح والتشخيص، وفي تلافيفه تكمن اسباب ازماتنا الدائمة والمستمرة وهو بعد نتاج منطقي لمعادلة المكان والزمان والبشر ولعلي ابدي بعض الملاحظات مع تحفظات ممكنة.
هل تبعدنا «الفرعيات» عن «الكليات»: غياب الترتيب المنطقي للاولويات
هل نستسيغ الدراسة المنهجية في الوصول للنتائج ام يغلب علينا الاندفاع والانطباع والحماس والعصبية «عنادا».
لماذا تعتقل الولاءات الجهوية والقبلية والطائفية.. مبدأ المواطنة الذي يقوم على المساواة.
لماذا نهدر الوقت «في هذر سخيف» «لاحظوا المقدمات قبل البدء في الموضوع»
لماذا لا يتطابق السلوك مع الموقف «سياسيا، اجتماعيا، واقتصاديا»
لماذا تشبعنا الاحتفائية والموسمية.. وصرنا نلغي «الحساب الدقيق في حياتنا والبرمجة» تعافي يوم الوقفة.
لماذا غابت الخصوصية لتصير اعلانا تماما وبالمقابل اندغم «العام» في «الخاص»
لماذا نرفض النقد.. ونرى فيما نقول ونفعل الصحة المطلقة «حتى يقع الفأس في الرأس».
لماذا لا نستسيغ الابداع والتجديد والابتكار... ونحتفي بالجمود والسكون الى درجة التبلد.
لماذا يتمدد المزاج الشخصي على المؤسسية.
٭ اسباب كافية لتتوقف النهضة او بالاصح لكي لا تبدأ او تقوم اساسا كما انها اسباب كافية لغياب الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي. فهل تبحثون معنا.. عن قمر يغيب.. وعن شمس تتراجع.
هل بالامكان ان نستعيد «عقلنا» قبل ان تنهمر «دموعنا».
فالعزاء بات قريب الوقوع.. وللغرابة عزاء يقابله «مراسم زفاف».
هل «تفرشون» في «الخرطوم» ام تهنئون بيت العرس في «جوبا»؟
«5»
الشاعر الصديق «امل دنقل» رحمة الله عليه في ديوانه مقتل القمر ينعي القمر.
وتناقلوا النبأ الاليم على بريد الشمس
في كل المدينة «قتل القمر»
شهدوه مصلوبا تدلى رأسه فوق الشجرة
نهبوا قلادة ألماس الثمينة
من صدره
تركوه في الاعواد، كالاسطورة السوداء في عيني ضرير
ويقول جاري:
كان قديما، لماذا يقتلونه؟!
وتقول جارتنا الصبية:
كان يعجبه غنائي في المساء
وكان يهديني قوارير العطور
فبأي ذنب يقتلونه
هل شاهدوه عند نافذتي قبيل الفجر يصغي للغناء
وتدلت الدمعات من كل العيون
كأنها الايتام اطفال القمر
وترحموا وتفرقوا
فكما يموت الناس، مات
وجلست اسأله عن الايدي التي غدرت به
لكنه لم يستمع لي: كان مات!
«انتهت القصيدة»، فليتأملها الاخوان باقان اموم والطيب مصطفى!!
«6»
وبعد:
«منقو».. هل تسمعني.. اخاف ان يبدأ وطننا «سيناريو الحريق»
ملاحظة:
ما اورده الاخ العزيز فيلثاوس فرج بجريدة آخر لحظة بتاريخ الأحد 25 يوليو 2010 بعنوان «الحواتي.. نحو المسالمة» يجد مني كل الشكر والتقدير والاعزاز وقبل ذلك الموافقة، فالمشروع يستحق ان نبدأه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.