٭ في سبتمبر عام 3002 وفي صحيفة الصحافة كتبت على يومين متتاليين بالعنوان أعلاه رأيت ان اقرأهما ثانية مع قراء صدى الاعزاء. ٭ روى لنا قرنق تلك الطرفة التي حدثت مع زميله القائد الشمالي حينها ابان فترة التدريب التي تلقياها في امريكا في السبعينات قال كان المسؤول العسكري الامريكي يطلب من كل وفد أن يدخل لمكان الدراسة وفق الجهة التي أتى منها وبدأ باؤلئك الذين حضروا من أمريكا الجنوبية وجنوب شرق آسيا والهند والشرق الاوسط.. الخ لم يبق أخيراً غير الضابطين القادمين من السودان قرنق وزميله ولم يعرفا لمن ينضمان بطبيعة الحال فهم سودانيون لا يعرفون هل ينضمون للشرق الاوسط أم افريقيا.. اراد جون قرنق ان يقول لنا ان ما يجمعنا هو (السودانوية) التي لا يجب ان تنحاز لهذا الطرف أو ذاك. ٭ هذا ما كتبه الأخ الزميل محجوب عروة عقب عودته من كينيا حيث قابل دكتور قرنق في نيفاشا.. وصحيفة الأنباء في زاويتها بالصفحة الأخيرة (توقعات خاصة جداً) جاءت الفقرة التي اوردها عروة من باب الطرفة ولكنه أشار لبعدها الحقيقي. ٭ هذه الفقرة فجرت عندي السؤال الذي هو أصله منفجر ومنساب لا سيما هذه الايام ونحن نتحدث عن ثقافة السلام وفي رأيي أن ثقافة السلام لا تتأتى إلا في مناخ السلام سلام حقيقي يقوم أساساً على احترام الواقع والتعامل معه بمقتضى مكوناته الحقيقية ومن ضمن ما تذكرت تلك المساجلة الطويلة التي تمت في صحيفة (آخر خبر) في مايو 5991 وكانت بعنوان (الوطن اللوحة). ٭ وكان الاخ محمد علي عبد الجابر قد جاءني بخاطرة عن تجربة تمازج حضاري وثقافي في بقعة عزيزة من بقاع السودان الجميلة واحتفيت بالخاطرة ولاقت هوى في نفسي.. فقد كانت تحكي عن حيوية العلاقات ما بين قبائل السودان.. عن الشكرية والبطاحين ووساطة الجعليين بينهما. ودفعت بما جاءني إلى المطبعة ووقفت مع نفسي أتأمل عظمة هذا الوطن اللوحة.. ومحمد علي عبد الجابر من أصل نوبي (حلفاوي) يتحدث عن أشعار الشكرية والبطاحين وفرسان الجعليين. ٭ وتداعت الخواطر.. زعيم الفونج عمارة دنقس وزعيم العبدلاب عبد الله جماع تحالفا في فترة تاريخية حاسمة وحرجة وكانت السلطنة الزرقاء التي امتدت من 40511281م ما يقارب الثلاثة قرون ونصف.. وعندها يجوز لنا تاريخياً أن نقول اسلام السودان وتعريبه لم يتم على أيدي العرب الوافدين وإنما على أيدي المستعربين عمارة دنقس وعبد الله جماع في ظل دولة هى دولة الفونج. ٭ وعلى الدوام ظل الحديث والمناقشة حول هذه المسألة في السودان.. عربي مسلم؟ هل هو زنجي مسيحي أو وثني؟ هل هو مزيج من العروبة والزنوجة؟ ومزيج من المعتقدات والأديان؟ ٭ وتطاولت وتمددت هذه المناقشات والمساجلات وفي بعض الحقب شكلت معارك واضحة عبرت عنها مدارس واتجاهات الادب وعبرت عنها الاتجاهات السياسية ومازالت. ٭ ويقول دكتور مصطفى هوارة في كتابه تيارات الشعر العربي المعاصر في السودان الذي أصدره عام 2791: لن أحاول في هذه المقدمة اثبات العروبة الخالصة للسودان أو تأثره بجارته مصر وحدها.. بينما يجاور الحبشة وكينيا ويوغندا والكنغو وافريقيا الوسطى وتشاد وليبيا في الوقت ذاته ولكن غاية ما أريد الوصول إليه أن الاعراق العربية قديمة في السودان وان دور مصر الحضاري الذي يفوق حضارات الجيران الآخرين كان بلا شك أقوى تأثيراً في الفكر السوداني وأشد ارتباطاً به. ٭ وما اصدق محمد أحمد المحجوب حين قال: سودان اليوم تراث أجيال متعاقبة من الوراثة والاختلاط والتفاعل فلا سبيل إذن إلى تغليب عنصر من العناصر على آخر من ناحية الجنس أو الوراثة أو التأثير الحضاري إلا أن يكون شيئاً ظاهراً لا يمكن إنكاره مثل التأثير العربي والإسلامي والمصري. أواصل مع تحياتي وشكري