٭ صورة مقربة: المسرح هو ابو الفنون ورائد التغير الاجتماعى والانسانى منذ العصور القديمة، والحكماء يقولون اعطنى مسرحا اعطك امة مستنيرة، وعلى امتداد السنوات ظلت خشبة المسرح السودانى تتألق بالعروض المسرحية الكبيرة التى شكلت وجدان الامة، بدءاً من عهد الرواد الاوئل والى الاجيال الحديثة. وخلال السنوات الماضية تراجع الحضور المسرحى فى اجندة الجمهور السودانى لاسباب تتعلق بعدم ديمومة العروض ومشكلات تتعلق بالانتاج. كيف ينظر اهل المسرح الى اسباب ذلك التراجع على مستوى العروض التى تقدم؟ الزميلة هبة عوض اجرت هذا الاستطلاع حول الموضوع وانتهت الى هذه الافادات .. ٭ أزمة تخطيط استراتيجي وفجوة بين الماضي والحاضر: ويقول الممثل طارق علي: «لا نستطيع ان نقول للمسرح وداعاً، نعم هناك ازمة تخطيط استراتيجى على مستوى الجهات المسؤولة من ادارة الشأن الثقافى، والمسرح القومى السودانى منذ الستينيات وحتى الثمانينيات قدم الكثير من الاعمال المسرحية، وكان النشاط فى قمته على خشبة المسرح، والشاهد على ذلك ان الموسم الواحد كانت تقدم خلاله اكثر من خمس مسرحيات جديدة، الى جانب العروض التى تعرض على مسارح الولايات بتخطيط مسبق، وتلك الليالى المسرحية كان لها جمهورها الدائم، وفى بعض العروض كان شباك التذاكر يغلق بعد امتلاء الصالة، وفى ذلك اشارة الى ارتباط المسرح بقضايا الناس والمجتمع السودانى، واعتقد ان ما نحن عليه من انقطاع تام عن تقديم عروض مسرحية ناضجة قادرة على تلمس ومعالجة المشكلات المجتمعية، بسبب أن هناك مشكلة عقول وتخطيط، والمسرح اصبح الآن مكانا للعرض، وفي ما مضى كان هو الذى يدير كل العمليات الفنية والانتاجية والنقدية، وهذه الفجوة بين الماضى والحاضر هى السبب فى الصراع الدائر فى ظل غياب الممارسة الفنية الى المسرحية برمتها، وادى عدم قدرة المسرحيين على انتاج اعمالهم الى غياب الجمهور عن صالة المسرح ومتابعة فعاليته، هذا من ناحية المعنى، اما من ناحية المبنى فالعاصمة الآن ليست هي عاصمة السبعينيات، فقد تمددت أطرافها وتزايد عدد سكانها اضعافاً عما كانت عليه فى الماضى، وهذا يستوجب تأسيس بنيات تحتية فى مجال المسرح، وكل هذه المعوقات لا تجعلنا نقول وداعا للمسرح، وهو جزء من الحضارة الانسانية ومرتبط بكل ما هو ثقافى، فالمسرح موجود بوصفه فناً، ولكن هناك مشكلات فى الممارسة، واذا تم حل تلك المشكلات سوف يعود الى المسرح السودانى ألقه القديم الذى نعرفه» ٭ عودة المهرجانات والفرق والجماعات: ويقول المخرج والمؤلف عادل حربى «إن المسرح يعمل تحت كل الظروف، فهناك ضمور حقيقى فى المسرح، ويجب ان يكون هناك تضافر بين المبدعين والدولة، والساحة الثقافية متنوعة وزاخرة بالثقافات، والحركات المسرحية بحاجة الى التكاتف تحت مظلة اتحاد المهن الدرامية، ولا بد من عودة الفرق والجماعات والمهرجانات، فليست هناك حركة دينماكية من المبدعين والدولة، والمسؤولية تقع على عاتق الجميع. واتمنى أن يحدث تفعيل للمسرح حتى نخرج من دائرة السكون، وهذا الضمور طبيعى ويحدث فى مسارح الدنيا والمسرح لن يتوقف ابدا». ٭ الظروف الاقتصادية تحول بين الجمهور والمسرح: وتضيف الممثلة سهام بدر «لا نستطيع ان نقول ابدا وداعا للمسرح قلب الامة، فهناك نشاط درامى على شاشة التلفزيون سوف ينعكس على المسرح، وان كان من المفترض ان يحدث العكس لأن المسرح هو الاساس، فنحن الآن نؤسس لمسرح الشارع واقامة المنتديات لمناقشة قضايا المسرح، وكل الظروف والمعوقات التى تكبل انطلاقة الحركة المسرحية سوف تزول. واعترف بأن النشاط المسرحى فى الفترة السابقة كان ضئيلاً ولكنه ليس منعدماً، والظروف الاقتصادية تحول دون الجمهور والمسرح، وهناك مشكلات فى مجال النصوص الجيدة، ومسارح الولايات تعانى من الضرائب العالية، والمسرح قادر على طرح قضايا المجتمع، ولذلك لن اقول وداعا لأبو الفنون».