عرف «البنقو» كأحد أخطر المخدارات التي يتم زراعتها وترويجها واستهلاكها محليا ، اذ تتم زراعته في مناطق دارفور والنيل الازرق في مناطق تصعب مكافحتها، وحتى وقت قريب كان السودان يمثل دولة معبر لعدد من الجرائم العابرة للحدود الوطنية مثل الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر وتجارة المخدرات وتجارة السلاح والمتفجرات ، ولكن وفود عدد كبير من الاجانب وتداخل الثقافات احدثت واقعا جديدا في مجال تجارة و تعاطي المخدرات. وتتحدث التقارير العالمية بكثير من القلق عن «600» نوع جديد من المخدرات ذات الطبيعة الكيميائية التي تدار برؤوس اموال تصل الى أكثر من «800» بليون دولار في العام ، ولم يكن السودان بمعزل عن هذه الانواع الجديدة التي تجاوزت الحشيش التقليدي المتمثل في البنقو الى منشطات الكبتاجون التي تجعل من الشخص يعمل مثل الآلة ما يؤثر على صحته في القريب العاجل ويعجل بوفاته، هذا بالاضافة لظهور «البخاخا» التي يتم رشها على اوراق الاشجار الجافة وهذا النوع من المخدرات وفق مصدر متخصص لها تأثير اقوى عشرة اضعاف تأثير البنقو ، وبكثير من القلق الدولي تتحدث التقارير عن الترامادول و الاكزول وحبوب الكبتاجون التي تجاوز فيها السودان مسمى دولة معبر بعد ضبط مصانع تقليدية لصناعته كما اشارت بعض التقارير الى وجود سوق استهلاكية له. قلق دولي من الترامادول ووفقا لتقرير الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات لعام 2015م والصادر في مارس السابق فان هناك زيادة بنسبة 55% في المؤثرات العقلية الجديدة التي تشكل وفقا لتقرير الهيئة الدولية تحديا متزايدت للصحة العامة ، بوجود أكثر من «600» مادة مؤثرة جديدة حتى نهاية شهر أكتوبر2015م ، ما يشكل زيادة قدرها 55 % عن عام 2014م. وعن الوضع في افريقيا اشار التقرير الى ان القارة الافريقية ما تزال نقطة عبور رئيسة لتهريب المخدرات ، مع التركيز على شمال أفريقيا الذي شهد زيادة في ضبطيات راتنج القنب بنسبة 31% للعام 2013م مبينا التقرير ان القنب اصبح المخدر الرئيس الذي يحصل الأشخاص على العلاج من تعاطيه ، في حين أصبح الهيروين ثاني أكثر المخدرات تعاطيا، وأضحى تعاطي الكيتامين والترامادول مصدر قلق. وفيما يختص بمنطقة الشرق الاوسط فأوضح التقرير انها تستخدم بشكل رئيس بواسطة شبكات الاتجار بالمخدرات كمنطقة عبور لتهريب الكوكايين والهيروين والمنشطات الأمفيتامينية ، حيث تمارس تجارة اقراص الكبتاجون المزيفة «المحتوية على الأمفيتامين» في المنطقة بلا هوادة في صفوف جميع الأطراف المشاركة في العنف المسلح في الجمهورية العربية السورية. كما أشار التقرير الى انخفاض الضبطيات من الهيروين بين الدول في الشرق الأوسط ولا سيما في الأردن ولبنان والمملكة العربية السعودية ، ومن ثم وجه التركيز على المغرب ، التي ظلّت واحدة من أكبر منتجي راتنج القنب في العالم والتي واصلت تزويدها لراتنج القنب في أوروبا ، بحسب التقرير. واقع المخدرات في السودان ويقول عقيد شرطة منور محي الدين ان التقرير العالمي للعام 2015 م الصادر عن مكتب الاممالمتحدة المعني بالجريمة والمخدرات يشير الى ان عدد المتعاطين في العالم يقدر بحوالي «246» مليون شخص وان نحو «27» مليون شخص هم متعاطون اشكاليون ويقدر عدد الوفيات المتعلقة بالمخدرات بحوالي «187.100» شخص ، وان غالبية هذه الوفيات ناتجة عن النقص الكبير في توفير خدمات العلاج في مختلف دول العالم. وعن الوضع الراهن لمشكلة المخدرات في السودان يقول منور ان السودان يعتبر منتجا «للبنقو» الذي تتم زراعته بكميات كبيرة في بعض المناطق النائية والوعرة أهمها محمية «الردوم» التي تقع على الحدود بين دولتي جنوب السودان وافريقيا الوسطى في مساحة تقدر بأكثر من ثلاثة آلاف كيلو متر مربع ، وبسبب البيئة المناخية المثالية ووعورة تضاريس المنطقة وضعف فرص العمل وضعف البنى التحتية والاضطرابات الامنية وانتشار السلاح ازدادت عمليات زراعة البنقو بمحمية الردوم واشار الى ان اغلب الكميات المنتجة من البنقو يتم استهلاكها محليا والقليل منها يتم تهريبه الى دول الجوار. معبرا للهيروين والكبتاجون ويضيف منور: يمثل البنقو اكثر المخدرات تعاطيا في السودان تليه العقاقير التي يساء استخدامها مثل الاكزول والترامادول ، حيث بدأت بعض المجموعات الاجرامية العالمية المنظمة محاولات لتصنيع حبوب الكبتاجون في البلاد ، حيث يعتبر السودان حسب تقارير الوكالات المتخصصة في مكافحة المخدرات معبرا للهيروين القادم من آسيا والمتجه الى اوربا، كما يعتبر معبرا لحبوب الكبتاجون المخدرة والمحظورة التي يتم تصنيعها في سوريا ولبنان وتهرب الى المملكة العربية السعودية، الا ان عمليات الضبط المتكررة تشير الى تنامي استهلاك الحبوب وبروز سوق جديدة لحبوب الكبتاجون في السودان وازدياد عمليات الاتجار فيها، كما ان هناك تزايدا في عمليات تهريب عقار الترامادول وبعض انواع الحشيش من دول الجوار وتورط مجموعات كبيرة من الاجانب في التعامل غير المشروع بالمخدرات. مشاكل وتعقيدات ويرجع عقيد شرطة منور محي الدين زيادة حجم مشكلة المخدرات بالبلاد الى النزاعات المسلحة والاضطرابات الامنية في بعض المناطق وانتشار السلاح ، مع ضعف مقدرات الادارة العامة لمكافحة المخدرات ووعورة الطرق والمعابر وطول الشريط الحدودي في ظل عدم الاستقرار السياسي والامني باغلب دول الجوار بالاضافة لظروف البطالة وتأثيرات العولمة السالبة ووفود اعداد كبيرة من الاجانب الذي تزامن مع توقف الدعم المالي من قبل بعض المنظمات الدولية العاملة في مجال مكافحة المخدرات هذا مع نقص المعلومات بشأن حجم التعاطي نتيجة ضعف الدراسات والمسوحات الاجتماعية في ظل عدم توفر خدمات علاج واعادة تأهيل ودمج المدمنين. وفيما يختص بشأن مكافحة المخدرات قال عقيد شرطة منور محي الدين ان السودان اعتمد في العام 2015 م استراتيجية وطنية للمكافحة تحت مسمى الخطة الوطنية لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية والتي تهدف الى تنسيق الجهود الحكومية وغير الحكومية في مجال المكافحة وتهدف الخطة الى خفض الطلب وتقليل العرض وتقليل الضرر. مضبوطات المخدرات وعما تم انجازه في عمليات الضبط يضيف منور: ان المضبوطات من البنقو في الفترة ما بين 2012م وحتى 2015م وصلت الى «69567» كيلو حيث مثل العام 2012م أعلى نسبة في مضبوطات البنقو مقارنة بالاعوام التالية له عندما بلغ حجم المضبوط منه «23988» كيلو جراما. وفيما يخص الحبوب المخدرة فقد تم منذ العام 2012م وحتى العام الماضي ضبط «15327908» حبوب مخدرة ضبط منها في العام 2014م وحده «14408165» حبة ، اما الهيروين فقد تم منذ العام 2012 م وحتى العام 2015م ضبط «14.89» كيلو هيروين، خلا فيها العام 2014م من اي مضبوطات بينما تم ضبط «11.600» كيلو في العام الماضي. وفيما يخص القات فقد تم ضبط «10258» كيلو جراما منذ العام 2012م وحتى العام 2015م، وبلغ عدد المقبوض عليهم في جملة جرائم المخدرات المختلفة منذ العام 2012م وحتى العام الماضي «32408» شخص. رصد متواصل وعيون يقظة ما بين الفينة والاخرى تعلن قوات الشرطة عن ضبطها كميات من المخدرات حيث تمكنت عبر مطار الخرطوم من كشف شبكات لبنانية تعمل على تهريب المخدرات والمنشطات عبر الاجهزة الالكترونية والكهربائية ويتم ذلك بدقة عالية لا تكشفها اجهزة الفحص الحديثة في المطارات. و تمكنت قوات الشرطة من ضبط خمس عمليات في فترة «45» يوما ما اربك العصابات والشبكات العاملة في هذا المجال وجعلها تراجع حساباتها في طرق ادخال المخدرات للسودان. وعبر مطار الخرطوم ايضا تم اكتشاف مادة يمكن سكبها على مخلفات نباتية وهذه المادة كان دور المعلومات والمراقبة هو العامل الاساسي في كشف هذه الشبكات. ضوابط وآليات للمخدرات الحديثة ويقول عميد معهد الادلة الجنائية اللواء شرطة أحمد عوض الجمل في حديثه عن المنشطات والمخدرات الحديثة في السودان انه منذ العام 1924م وحتى العام 1994م كانت المخدرات المنتشرة في السودان تراقب وتضبط من خلال قانون الحشيش والافيون وبعد هذه المرحلة اصبحت هناك آليات قانونية ولوائح للتعامل مع المخدرات الحديثة ، وفي العام 2011م تم وضع ضوابط لمراقبة عقار الاكيزول والترامادول بالاضافة للمواد السابقة من خلال التشريعات واللوائح ، ومنذ اكثر من عشرين عاما انتشرت المذيبات الطيارة وسط فئات مختلفة وما زالت الدراسات والمحاولات لضبط هذه المواد المستمرة . المخدرات وجرائم المجتمع وقال رئيس اللجنة القومية لمكافحة المخدرات البروفيسور الجزولي دفع الله ان المخدرات اصبحت وباءً عالمياً تزداد بوتيرة متصاعدة اذ بلغت رؤوس اموالها أكثر من «800» بليون دولار في العام ، واضاف ان هناك هجمة شرسة نحو المخدرات يعاني منها السودان، وقد رصدت الدولة لأول مرة اموالا هذا العام لمكافحة المخدرات ، واضاف الجزولي: كان الحديث عن المخدرات في السابق يتم عن «البنقو» على اساس انه اخطر انواع المخدرات ، ولكن الان هناك احاديث عن الشاشبندي و الخرشة والحبوب والمخدرات الجديدة. وارجع بروفيسور الجزولي انتشار الجرائم الغريبة على المجتمع من ظواهر اغتصاب الاطفال والسلوك المنحرف وغير الاخلاقي وحوادث المرور والجريمة المنظمة والبغاء المنظم الى تعاطي المخدرات وقال ان قضية تعاطي المخدرات لا يمكن النهي عنها بالاسلوب المباشر.