في إطار الفتح المستمر لملف الصحة بالبلاد، نناقش اليوم مسألة إنشاء وتشييد مستشفيات جديدة دون الاهتمام بالمستشفيات القديمة القائمة أصلاً ، فقد ظهرت تقليعة جديدة تفترض في الرأي العام السبهللية حينما يروج البعض اخبارا عن نية الجهة الفلانية انشاء مستشفى جديد وضخم بتكلفة كذا مليون دولار، ونية آخرين استجلاب دعم خارجي بمقدار اربعين مليون دولارلانشاء مستشفى جديد في ولاية بها عدد من المستشفيات تحتاج فقط الى ربع هذا المبلغ لتغطي كافة احتياجات السكان من الخدمات الطبية. إن مشكلة المستشفيات الولائية تكمن في عدم وجود الاجهزة والمعدات الطبية المتطورة ولذلك يلجأون الى التحويل الى المركز عبر عربات الاسعاف البدائية قليلة العدد، وبقليل من الصرف على تحسين بيئة العمل وتوزيع الاطباء من مختلف التخصصات وترميم المباني تستطيع مستشفيات الولايات تقديم خدمة أفضل لمواطنيها، وبالتالي تقل عملية التحويل الى الخرطوم فلماذا الصرف على الانشاءات الجديدة ونحن نحتاج الى تحسين القائم منها حالياً ؟ . قبل ايام روجت وزارة الصحة لمشروع انشاء مدينة طبية ضخمة اطلقت عليها اسم رئيس الجمهورية ( مدينة البشير الطبية ) ومن الواضح ان وزارة الصحة تفترض في الصحافة السودانية النسيان؛ ذلك ان قضية التردي المريع في خدمات الصحة داخل مستشفيات وزارة الصحة مما يتابعه القراء على الدوام يكفي دليلاً بيناً على أن المسألة ليست مسألة إنشاءات، وان الازمة ازمة خدمات ونوعية وتطوير وادارة امكانات موجودة تشكو من سوء الادارة . ان اطلاق اسم الرئيس على منشأة طبية جديدة لن ينهي ازمة تردي الخدمات الصحية داخل أرتال المدن الطبية والمستشفيات التابعة لوزارة الصحة، ومن الحكمة توضيب الموجود من المنشآت الطبية وترقية نوعية الخدمة المقدمة للمواطن قبل الشروع في إهدار ملايين الدولارات على شركات المقاولات والإنشاءات . هل تم توفير كافة الادوية المنقذة للحياة في جميع مستشفياتنا ؟ هل توجد بهذه المستشفيات كافة الاجهزة والمعدات الطبية اللازمة لمقابلة الحالات المرضية العادية والحرجة ؟ هل قمنا بتطوير الخدمات الطبية وقللنا من لجوء المواطنين للعلاج بالخارج ؟ هل تسير الامور على الوجه الاكمل داخل امبراطورية الصحة المترامية الاطراف؟ وكم بلغ بالضبط عدد المنشآت الطبية التابعة لوزارة الصحة حتى تفكر في إنشاء مدينة جديدة تستنزف الموارد وتصنع امجاداً كاذبة؟ . ان الرئيس البشير يا سادة تكلم قبل ايام عن ضرورة تطوير الخدمات الطبية وتقديمها للمواطن بصورة ميسرة، ولم يقل اصنعوا لى مدينة او تمثالاً من ذهب ، هذا الامر يعتبر مزايدة رخيصة مكشوفة يتوجب على مبتدعيها التوقف والاهتمام بمعالجة اشكالات الصحة بالبلاد وإيقاف هجرة الاطباء ومراجعة النقص في المعدات والاجهزة الطبية داخل المستشفيات الحكومية التي يرتادها يومياً الآلاف من المرضى الفقراء والجرحى، والحالات الحرجة من المركز والولايات ثم لا يجدون الا النذر اليسير من العناية الطبية، ولو فتحنا قصص المرضى ومعاناتهم داخل المستشفيات بسبب التردي المريع في الخدمات لفاضت صفحات الصحف بالكثير المثير الخطر، ولذلك نكررالقول الخدمات قبل الانشاءات ياسادة، ودعونا من نهج الإدلاء الى الحكام بالاساليب المتنوعة .