بدأ الريئس الأمريكي باراك أوباما سحب قوات بلاده التي احتلت العراق في عام 2003، وذلك بناءً على الوعد الذي قطعه لشعبه إبان حملته الانتخابية الرئاسية بأنه سوف يقوم بالانسحاب من العراق والتركيز على افغانستان في الحملة الأمريكية على الإرهاب التي بدأت على إثر عمليات الحادي عشر من سبتمبر الشهيرة في الولاياتالمتحدةالأمريكية . وقد خرج بالفعل عدد من الألوية المسماة قتالية من العراق برا وجوا واحتفظت الولاياتالمتحدة لنفسها في العراق بعدد 56 ألف جندي بحجة القيام بتدريب الجيش العراقي ليتولى مهام حفظ الأمن، على أن يغادر آخر جندي أمريكي العراق في نهاية علم 2011م، وهذا الرقم هو المعلن رسميا من جانب السلطات الأمريكية بينما دار حديث عن إقامة الولاياتالمتحدةالأمريكية قواعد عسكرية لها في العراق دائمة ومجهزة وحسب ما نشرت وسائل الأعلام فإن وزارة الدفاع الأمريكية -الببنتاغون- قامت في عام 2004م ببناء نظام اتصالات عسكرية مستديمة في العراق يمثل أساسا قويا لوجود عسكري أمريكي دائم في العراق . والنتيجة بعد سبع سنوات من الاحتلال الأمريكي للعراق هي صفر لكون الأهداف الأمريكية من غزو العراق لم تكن واضحة ولا منصفة وبالتالي ما بني على باطل فهو باطل. أعلنت إدارة الريئس الأمريكي جورج بوش الابن أن العراق يمتلك أسلحة للدمار الشامل ولم تكن هناك أسلحة وصارت مجرد أكذوبة ومبررا لغزو العراق والقضاء على حكومته وجيشه لصالح حلفاء الولاياتالمتحدة من المعارضين العراقيين لنظام الريئس العراقي الراحل صدام حسين . وجاءت الدعاية الثانية للغزو الأمريكي للعراق بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية تريد إقامة نظام حكم ديمقرطي في العراق يشكل نموذجا للديمقراطية في المنطقة بأسرها، ولكن النفاق الأمريكي والغربي الأوروبي المعادي للديمقراطية والحرية تمثل في استعانة الأميركيين بالأنظمة الديكتاتورية والملكية والأميرية في القضاء على الحكومة العراقية،وبعد سقوط الدكتاتورية العراقية وهي بالفعل دكتاتورية ولكن العراق إنزلق إلى مستنقعات من المحاصصة الطائفية التي فتحت لها أمريكا الباب لكي تشكل أسوأ نمط للسلطة والحكم عرفته البشرية على إطلاقها، ناهيك عن العراق الذي حكمه صحابة الرسول صلي الله عليه وسلم وجسدوا فيه قيم العدل والتقشف والزهد والاهتمام بأحوال الرعية ،وبالتالي فإن الكل خاسر من الغزو الأمريكي للعراق، وان الجهة الوحيدة الرابحة من الغرو وتتأسف اليوم على الانسحاب من العراق هي إسرايئل التي بدأت تحذر وعلى أعلى المستويات من أن انسحاب القوات الأمريكية من العراق يعرض أمنها للخطر، وستكون فريسة سهلة لهجمات الجماعات السنية المسلحة في العراق إذا ان إسرائيل هي المستفيد الأول من الوجود الأمريكي في العراق أما الشعبان الأمريكي والعراقي فهما الأشد خسارة من الحرب التي قام المحافظون الجدد بقيادة بوش بشنها على العراق، فقد خسرت الولاياتالمتحدة 4400 قتيل في صفوف قواتها منذ الغزو الأمريكي للعرا ق، وخسرت الخزينة الأمريكية ودافع الضرائب الأمريكي ما يساوي ألف مليار من الدولارات الأمريكية، وخسرت الولاياتالمتحدة كثيرا من حلفائها الذين تعاونوا معها لشن الحرب على العراق، إما بالانسحاب العسكري من الأراضي العراقية كما فعلت العديد من الدول الأوربية والآسيوية في مراحل مختلفة من الغزو، أو بالتنديد بالحرب والمطالبة بمحاكمة من قاموا بشنها كما يحدث هذه الأيام في بريطانيا . وباختصار، فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية خسرت كل شئ ولم تستطع فعل شئ بعد كل هذه المدة الطويلة من الاحتلال. لم تتمكن من إعادة بناء الجيش العراقي بعد تدميره ولم تستطع إيجاد حكومة عراقية مستقرة بل إن البلاد اليوم في فوضى وخراب وعنف وشد وجذب بين الداخل والجوار العراقي الذي تتناقض أمريكا بدورها في التعامل معه وخاصة إيران وسوريا والمملكة العربية السعودية . وتخرج اليوم الولاياتالمتحدةالأمريكية من العراق وعدوها اللدود تنظيم القاعدة ما زال موجودا في الساحة وقد أعلن مسؤوليته عن التفجير الذي وقع في مركز تدريب المتطوعين في الجيش العراقي اخيرا وأدى لوفاة المئات منهم وحذر التنظيم من أن كل من يجند نفسه لتأمين العراق سوف يفقد روحه . أما الشعب العراقي فقد خسر كل شئ أوله الاحتلال نفسه وما ترتب عليه من مآسٍ ومصائب يعجز القلم عن ذكرها، فالعراقيون هم اليوم ما بين قتيل ومشرد ولاجئ داخل وطنه، وقد عرف هذا الشعب الذي كان أغنى الشعوب العربية ، بل شعوب الأرض كافة ، الضنك والبؤس و صار هذا الشعب يعاني الفقر والجوع وانقطاع التيار الكهربائي والمياه والبنزين، ومعروف أن العراق هو صاحبة أضخم احتياطي للنفط في العالم،وهو بلد صالح لزراعة القمح والشعير. وهناك من يقول ويدعي أن الغزو الأمريكي للعراق قد حرر العراقيين من دكتاتورية صدام حسين وقد يكون هذا القول صحيحا في بعض جوانبه ولكننا في المقابل لم نجد ديمقراطية في العراق ولم يتبادل العراقيون السلطة سلميا في ما بينهم ومنذ إقامة الانتخابات العامة في مارس الماضي لم تستطع القوى السياسية العراقية التوافق في ما بينها على تشكيل حكومة عراقية، والجيش الأمريكي ينسحب من العراق والقلق على مستقبل العراق يتزايد في كافة الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجنماعية .