أظهرت الحلقة التي يقدمها الأستاذ علي الظفيري من برنامج بالعمق في قناة الجزيرة الفضائية، أن العمل الخيري والانساني يواجه تحديات كبيرة أهمها أن هذا العمل الخيري قد تراجع وتقلص لدرجة الصفر في بعض وجوهه، وبدأ ذلك التراجع والانحدار منذ احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م التي شهدتها الولاياتالمتحدةالامريكية وقد اتهمت امريكا الاسلام والمسلمين ثم تنظيم القاعدة بقيادة اسامة بن لادن بتنفيذ عمليات 11 سبتمبر وبدأت الولاياتالمتحدةالامريكية وحلفاؤها بإعلان الحرب على الارهاب والارهابيين وتحت مسمى تجفيف مصادر تمويل الارهاب قامت بمحاربة الجمعيات الخيرية والمنظمات العاملة في مجال الاغاثة ودعم المحتاجين بدءاً بالمنظمات العاملة في الدول الغربية نفسها مثل بريطانيا والولاياتالمتحدةالامريكية وغيرها من الدول الاوروبية، وكانت هذه المنظمات تقوم بجمع الأموال من عدة جهات رأت ان تقدم عونها الانساني للمحتاجين من خلال هذه المنظمات التي ظلت تقدم العون للفقراء في الارض المحتلة منذ عشرات السنين «مثلا» ولمزيد من الحرب على العمل الخيري أصدرت الدول الغربية أوامرها للحكومات العربية مباشرة وطالبتها بشن حرب لا هوادة فيها على المنظمات الخيرية العاملة فيها بحجة انها تقوم بتقديم الدعم للإرهابيين . وقد أتقنت الحكومات العربية الدورعن طريق سن القوانين التي تمنع النشاط الخيري وتقيد حركة أهل الخير الذين يدفعون زكاة أموالهم لمنظمات تضطلع بدور الاغاثة ودعم المحتاجين والفقراء، لكنها تحولت بين يوم وليلة إلى حطام أوعدم ولم تستطع فعل شئ على ارض الواقع بسبب هذه الحرب وكانت النتيجة ان فقد فقراء المسلمين في فلسطين وافريقيا اهم مصدر للحصول على مقومات الحياة من مأكل ومشرب ومسكن وتعليم وصحة، حيث كانت العديد من المنظمات الخيرية تقوم بفتح المدارس والمستشفيات التي توفر الرعاية الصحية للمحتاجين ولم يكن عمل كثير من المنظمات قاصراً على المسلمين وحدهم بل كانت منظمات خيرية مثل منظمة الدعوة الاسلامية تقدم العون الاغاثي والانساني للمسلمين وغير المسلمين في ادغال أفريقيا والوصول إلى المحتاجين والمتأثرين بالحروب والمجاعات والكوارث الطبيعية . العمل الخيري بالفعل تقلص وضاعت ملامحه وصارت قبضة الحكومات شديدة الوطء على كافة اوجه البر والاحسان باسم التنظيم والمراقبة والتوجيه، ولكن النتائج على ارض الواقع صارت مخيفة ويكفي ماجرى في باكستان اخيراً حيث واجه الباكستانيون الكوارث الطبيعية والفياضانات والنزوح بسبب النزاعات القائمة هناك ولم تستطع الحكومات العربية والاسلامية التي تتحدث عن التنظيم والمراقبة تقديم مايطلبه الباكستانيون والهنود من إحتياجات تتمثل في الغذاء والمأوى . ولما يتميز به العمل الخيري عند المسلمين من خصوصية ودور في حياة الناس فإن منظمات مثل الأممالمتحدة وغيرها قد عجزت عن سد الفراغ الذي خلقه غياب الجمعيات الخيرية الاسلامية التي كانت تتولى القيام بدورها الانساني والخيري نيابة عن اهل البر والاحسان والذين ينشدون البركة والزيادة في أموالهم من خلال الصدقة والزكاة، وقد صار هذا الباب شبه مغلق بواسطة الحراسة الامريكيةوالغربية المشددة والتي تقوم الحكومات العربية عليها بالوكالة ولم تسأل نفسها يوماً إن الله تعالى سوف يحاسبها على ذلك وبدلاً من تنزيل العمل الخيري إلى أرض الواقع وتوصيله لمحتاجيه صار الأمر مهرجانات واحتفالات وجوائز تقدم لزيد وعبيد من الناس . صدق الله تعالى وهو يصف الذين من قبلنا بقوله تعالى : (بئر معطلة وقصر مشيد) ولاحول ولا قوة إلا بالله