ظلت مشكلة الفقر علامةً فارقة وقاسماً مشتركاً أكبر بين كافة البلدان الأفريقية حيث يحجز أكثر من عشرين قطرا أفريقيا مقاعد لها بين اكثر من 38 دولة فقرا في العالم مما يحتم على الحكومات ومجتمعات أفريقيا ومنظماتها المدنية عبئا كبيرا للعب دور فاعل في تخفيف حدة الفقر ولما كانت الحكومات تجد أنفسها مواجهة بالتصدي لكل قضايا المجتمعات كان لابد من إيجاد وسيلة لتفعيل دور المنظمات الطوعية الخيرية بالقارة السمراء للإسهام في مكافحة الفقر بها ولإتخاذ خطوة في هذا المنحى التقط منتدى النهضة والتواصل الحضاري بالتعاون مع مفوضية العون الإنساني بوزارة الشؤون الإنسانية بعقده ندوة عن دور المنظمات الخيرية في معالجة مشكلة الفقر في المجتمعات الأفريقية حيث ركز المتحدثون فيها على ضرورة تبني استراتيجية واضحة لتمهيد الطريق أمام وسائل مكافحة الفقر الإسلامية من زكاة وصدقات وأوقاف وخلافها لاسيما بعد الإكتواء بلهيب تداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر على الولاياتالمتحدة التي شددت والدول الغربية على حركة رؤوس الأموال العربية والإسلامية تحت دعاوى دعم الإرهاب الأمر الذي قاد إلى تقليص مصادر تمويل المنظمات الطوعية والخيرية بالعالم العربي والإسلامي في أفريقيا وأخذ المتحدثون كثيرا من المعائب على المنظمات الطوعية الغربية التي لا يخلو ما تقدمه من مساعدات من الغرض وتمرير الأجندة . ودفع المتحدث الرئيس بالندوة البروفيسور عبد الرحمن أحمد عثمان عميد مركز البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة أفريقيا العالمية بحزمة اقتراحات لانتشال المنظمات الطوعية من الوقوع في هوة الافتقار إلى موارد ومصادر التمويل عبر تبني استراتيجية إسلامية لإختزال الفقر بالقارة الأفريقية وفي كل بقاع المسلمين حيث أوضح أن نسبة الفقر بأفريقيا تتجاوز 90% من نسبة السكان وقال إن المنظمات الخيرية تعاني من ضعف مصادر التمويل خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر حيث حيل بين المنظمات الخيرية و مموليها في البلدان الإسلامية المختلفة جراء تشديد الحصار على حركة رؤوس الأموال الإسلامية والعربية ووصم كل من يعمل على توجيهها إلى العمل الخيري ذي الصبغة الإسلامية بأنه داعم للإرهاب الأمر الذي جعل كثيراً من المحسنين المسلمين لا يجدون وسيلة لإيصال مساهماتهم المالية إلى المنظمات الخيرية وأضاف عبد الرحمن أن شائبة الإتهام التي تلصق بالمنظمات الخيرية أدخلتها في دائرة الفقر نفسها حيث ما عاد كثير منها الإيفاء بالفصل الأول للقائمين على أمرها فلأجل تجدها على تمويل مشاريعها غير أقدر . وارجع عميد مركز البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة أفريقيا العالمية تمدد الفقر بالقارة السمراء وانتشاره إلى افتقاد القطبية الثنائية التي كانت تسيطر على العالم فلما انفردت الولاياتالمتحدة بالسيطرة على ما يجري بالكرة الأرضية خلا لها الجو فأصبحت تعمل سياسة التلويح بالعصا دون أي إبراز لسياسة الجزرة التي كانت يعتمدها الاتحاد السوفيتي قبل انهياره مع الدول الأفريقية ودلل على ذلك بأنه في العام 1985 أغلقت الولاياتالمتحدةالأمريكية 18 مركزا للمعونة الإنسانية الأمريكية بالقارة الأفريقية وقال إنه إذا اتبعت استراتيجية إسلامية واضحة المعالم لأمكن تخطي عقبة ضعف تمويل المنظمات الطوعية عن طريق تفعيل الزكاة ودورها باستخدام المصطلح الديني لمخاطبة العقل والقلب المسلم حتى تكون الاستجابة أكبر لدفع الزكاة من أج الوصول إلى التكافل الاجتماعي المنشود عن طريق توزيع الزكاة على مصارفها المعروفة بالتركيز على مصرف الفقراء الذي كون للواقعين في حماه القدرة على الإدخار أكثر من المساكين الذين يكبر عندهم الميل الحدي للاستهلاك منه للإدخار عكس الفقراء الذين يقل ميلهم الحدي للإستهلاك عن ميلهم الحد للإدخر لأجل هذا يرى البروف أن تقديم المساعدة بصورة مركزة للفقراء من شأنها إخراجهم من دائرة الفقر وأن يصبحوا من دافعي الزكاة في الأعوام المقبلة وبالتالي يكون بإمكانهم المساهمة في تخفيف حدة الفقر بالمجتمع الذي هو عجز مكتسب يقعد بالناس عن الإستفادة من موارد البيع الطبيعية حولهم لأجل وطالب بتركيز الجهد لدعم الفقراء ليجتازوا حد الفقر مع ضرورة مراعاة التوازن في استراتيجة توزيع الزكاة على أن تتبع الزكاة بمشاريع تنمية بشرية قوامها التأهيل والتدريب ورفع وبناء القدرات وغرس القيم في المجتمع وترتيبها في وسط المجتمع كما دعا إلى تفعيل استراتيجية مشاركة الشرائح المستهدفة في كل مراحل المشاريع المقدمة لهم بغشراكهم في التخطيط والتنفيذ والتمويل والإدارة وقال إن المنظمات الطوعية منشط وليس داعم وقال إن مشاركة المستهدفين تزيد أرصدة المشاريع بنسبة (27-28) % وأبان أن الفشل في التخطيط تخطيط للفشل . ومن جانبه قال المعقب على المتحدث الرئيس بالندوة دكتور يسوف خميس أبرفاس إن الفقر ظاهرة إنسانية متجزرة في كل مجتمع وأن الزكاة وحدها لاتجدي في إختزاله بالصورة المرجوة لأجل هذا لابد من تفعيل أدوات مكافحة الفقر وتفعيل التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع من شاكلة الأوقاف والصدقات والنذور والهبات وخلافها وقال يجب أن يكون دور المنظمات الطوعية مكملا لدور الأفراد ومنثم يأتي دور الدولة في مكافحة الفقر وقال إن ما شدد من أزمة الفقر بالقارة الأفريقية الأزمة المالية العالمية التي ضربت اقتصاديات جل دول العالم . أما الدكتور محمد البدوي الصافي ممثل ديوان الزكاة الاتحادي أوضح أن العمل الخيري أو الطوعي جهود إنسانية للغفاء بما عجزت عنه المجتمعات وأن المنظمات الطوعية تعمل في عدة محاور رئيسة تتمثل في الإغاثة والإصلاح والتدريب والتأهيل ورفع القدرات غير أنه أوضح أنها يؤخذ على كثير من المنظمات الطوعية طغيان الصرف الإداري على الصرف على البرامج التي تقودها وأن الكوادر التي تعمل بها أقل كفاءة من المطلوب علاوة على بطء استجابة المنظمات للإشارات التحذيرية التي تثلها قبل وقوع الكوارث الأمر الذي يؤدي إلى آثار وخيمة وفوق ذلك كله أن المشروعات التي تنشط في تنفيذها لا تتسق والاحتياجات الحقيقية للمستهدفين مع افتقار القائم منها إلى التقييم العلمي الذي يساعد على استمراريتها إذ أن كثير من المشاريع لا تقوى على الصمود والاستمرار بعد خروج المنظمات منها بجانب الشبهات التي تحوم حول أدوار كثير منها وعن المنظمات التي تعمل في مجال الإغاثة أوضح الصافي أنه يؤخذ عليها اختلاف غاياتها وأهدافها من تقديم المساعدات بجانب عدم ترتيب الأولويات عند تقديم الدعم وعدم دقة المعلومات وسرعة تغيير المواقف الذي يقلب الأولويات وضعف التأهيل وقلة تدريب الكوارد العاملة بها وعدم استقرار الكارد البشري بجانب افتقارها إلى مناهج التخطيط الاستراتيجي السليم وعوزها إلى حزمة خطط واضحة وجنوحها إلى تقديم الإغاثات الاستهلاكية دون المساهمة في تأسيس مشاريع تنموية ذات مسحة إنتاج حقيقي .