الغناء السوداني وخصوصاً الحقيبة، المتأمل فيه يرى ان شعراءه كانوا على درجة عالية من الثقافة والتمكن من اللغة العربية، لأن اغلبهم كانت ثقافهم قرآنية، كما أن معلوماتهم وثقافتهم عالية، واصدق مثال لذلك الرائعة التي تغنى بها ابو داؤود والعطبراوي: خلي جات مربوعة صافية كالدينار ٭٭ في القوام مربوعة شوفا عالية منار موضة آخر موضة هيفاء غير زنار ٭٭ روضة داخل روضة غنى فيها كنار شوف عناقيد ديسة تقول عنب في كروم ٭٭ شوف وريدها الماثل زي زجاجة روم القوام اللادن والحشا المبروم ٭٭ والصدير الطامح زي خليج الروم وفي الآونة الاخيرة في جماعة عفصوا الغناء وشوهوا المعنى، وانطبقت عليهم المقولة الشهيرة «فنانين شُتر وكلامهم كُتر»، ونعطي نماذج لذلك: أ الفنان العظيم ابو داؤود ذهب لحفلة واستمع للفنان الشاب وهو يغني كيف الحياة غير ليمك، وغناها المؤدي كالآتي: «كيف الحياة غير نيمك» ولما تأكد ابو داؤود من خطأ المؤدي كذا مرة قال ليه: انت حقو تقول مرة واحدة: كيف الحياة غير «نيمك» ٭٭ ومن بعدك اصبح حظي زي لون «برسيمك»..!! ب/ مؤدي آخر يصدح في نص الليل برائعة الكابلي «آسيا وافريقيا» وعندما اتى للمقطع: صوت طاغور المغني، قالها كالآتي: صوت «طيفور» المغني وكأن طيفور هذا هو شاعر الهند العظيم، ده شاعر الهند ولا شاعر الجعليين...؟! ج/ ده كله كوم والفنان المثقف الذي يؤدي اغنية الحقيبة الرائعة كوم آخر... الاغنية تقول: آه يا الأهيف ابى ما «يريم» من بعده ٭٭ صار قلبي «ضريم» بي نار الفرقة تخيلوا اداها كيف؟ «طه» الأهيف أبى ما «يلين» من بعده ٭٭ صار قلبي «ضنين» بنار الفرقة ولا يفوت على ذكاء وفطنة القارئ كيف «يلين» طه من بعده وكيف يكون قلب العاشق «ضنين» بنار الفرقة؟! فقد افسد المعنى وافسد اللغة وفي طريقه الى افساد الذوق العام. د/ استمعت قبل يومين الى فنان معروف، ولكنه أيضا وقع في فخ التسرع وعدم التركيز في الانصات، وكان يردد أغنية عبقري الأغنية السودانية المرحوم الكاشف: صابحني دايما وابتسم، وعندما اتى لكوبليه: «إنت الشرف سار ليك اسم» قالها: ان الشرف «صار» ليك اسم ، والشاعر لم يقصد ذلك، وانما اراد ان الشرف سار بين الركبان ووسط الناس اسما لهذا المحبوب، والفرق واضح بين «سار وصار». ه/ من المضحكات في اغنية وداعا روضتي الغناء ٭٭ وداعاً معبدي القدسي هنا بيت يقول: كسرت ابريقي والدّنا ٭٭ وسكبت على الثرى كأس فما كان ممن صاحبنا الا ان قالها: كسرت ابريق والدنا «يقصد ابوه» وسكبت على الثرى كأسي و/ طاف خيالك والليل كافر ٭٭ شفت بدره المتجلي سافر قال لي جملة وعقد الاظافر ٭٭ قال لي طبع الريم اصله نافر قلت له علِ «تريم» النوافر ٭٭ وعلّ راء الريم يبقى لام وطبعا واضح جليا للجميع ما عدا صاحبنا - ان راء الريم عندما تكون لام تصبح «ليم» ولكن العبقري غناها الآتي: وعلّ راء الريم يبقى «لان» وهذا بعيد كل البعد عن المعنى، ولا يستقيم عقلا ولا وزنا ان حرف الراء «يلين» كما قصد صاحبنا. هدايا الحلقة: 1- الجماعة كانوا فاطرين مع شيخهم في واحد اصر عليهم لازم يصلوا المغرب قبل افطار رمضان، وهم في اثناء الصلاة جات غنماية ودفقت المويات واكلت وكشحت الصينية، تاني يوم شيخهم قال ليهم نفطر ثم نصلي لأن المغرب لن تأكله الغنماية..!! 2- في رباطابي سأل صاحبه الجنو كتشينة قال ليه انا عايز احج لي امي، قال ليه ما ممكن لأنك ما اديت الفريضة إنت عايز تغطي قبال ما تنزل؟ 3- أمثلة مقلوبة: أ/ الاعور ضربوه في عينه قال ليهم كسرتو لي نضارتي.. ب/ لو حبيبك بقى ليك عسل تأكد انه عسل نحل أصلي. ج/ العين بصيرة واليد الواحدة ما بتصفق. 4- شرطي مرور ولدوا ليه ولد لا يفهم الا بالاشارة. 5- واحد شخصيته مهزوزة الدكتور ركب ليه أريل. 6- واحد سمين الدكتور قال ليه عشان تنزل وزنك لازم تمشي كل يوم 3 كيلو، بعد خمسة ايام ضرب للدكتور قال ليه يا دكتور وصلت الحصاحيصا اواصل ولا رجع؟! 7- واحد كسلان قالوا ليه بعد تصحى من النوم بتعمل شنو؟ قال ليهم برتاح شوية..!! 8- شافع رباطاب قرصته نملة قعد يحك فيها امه سألته مالك بتحك في ايدك؟ قال ليها قاعد احك لي في اسكراتش..!! 9- اربعة من اصحاب الخيال قالوا اتخيلوا المطرة حتصب كل واحد يعمل حاجة: الاول قلد صوت البراق.. والثاني قلد صوت الرعد والثالث قلد صوت المطر «شو شو اجو اجو» الرابع شال مرتبته ودخل الاوضة. 10- الجعلي جا لحفلة مصطفى سيد أحمد ومنتظر غنا دلوكة، ومصطفى سيد احمد يغني الشجن الأليم، غدار دموعك، والله نحن مع الطيور، الكلام ما دخل في راس الجعلي مشى هزَّ فوقه بعصايته وقال ليه كلامك ده كله ما داخل في رأسي وعليّ الطلاق نحن لا مع الطيور ولا حاجة، لكن حرم شنبك سمح.. خاتمة: نقول للبكاسي واهل الغناء الهابط، غناء الحقيبة ده ثروة ادبية قومية يجب ان نصونها جميعا، يا غنوها زي ما غنوها ناس كرومة ولا خلوها..!! مع تحياتي لعدو الحقيبة مؤمن الغالي ودمتم.. أحمد دولة