من المهم بالطبع مناقشة قضايا الراهن السياسي الخطيرة بقلب مفتوح مع الجميع دون تمييز لأن التمييز على اساس الإتجاه السياسي والجهة والقبيلة وبقية النعرات المتخلفة أضر بهذا البلد أيما إضرار ولذلك نحن اليوم أحوج ما نكون الى إدارة حوار عميق يشارك فيه الجميع من أجل الخلوص الى رؤية نورانية تضيئ لنا الطريق نحو مستقبل آمن لأجيالنا القادمة في ربوع السودان المتنوعة والمتعددة الثقافات ، لقد سمعنا بأن وزارة التربية والتعليم تعكف على عقد مؤتمر جامع من أجل تقييم سياسة التعليم في السودان ووضع منهج قومي يصلح للتدريس وتعليم النشء في كافة أقاليم السودان ويستصحب التنوع بحيث يشعر الجميع بأنهم مواطنون صالحون ينتمون لهذا الوطن الكبير ويعملون كل في مجاله من اجل رفعته وإعلاء شأنه . إن قضية الوحدة والإنفصال هي قضية الساعة ومما لا شك فيه ان الإنفصال يجرجر خلفه شروراً كثيرة نحن في غنىً عنها فلا يعقل ان تكون الحرب الاهلية هي الخيار المفضل لشعب ظل يرزح تحت الاستعمار الاجنبي ثم حكومات الفقر والجهل واللصوصية الوطنية منذ اكثر من خمسين سنة دون ان تكون له تطلعات نحو مستقبل زاهر ، الجميع يتطلع الى سلام دائم لا تعقبه مشكلات ونيفاشا لم تحقق لنا ما زعمت انه سلام شامل ولذلك نقف اليوم على أعتاب تقسيم السودان بملء إرادتنا كما خيل الأجانب لنا ذلك فيما نتكتم على آمال الوحدة خوفاً من نسف بنود اتفاق السلام المزعوم ، نريد اليوم ادارة حوار وطني بناء من اجل الخروج من مأزق نيفاشا وإستحقاقاتها الوبيلة . بالعقل المفتوح الذي ذكرناه آنفاً نريد قراءة ومناقشة كلمات كتبها الاخ ياسر عرمان القيادي بالحركة الشعبية وهو يمثل رؤية طرف من اطراف شركاء نيفاشا ولكن نستشف من حنايا عباراته القومية المرجوة وشئ من الحسرة على تكاثر فرص ضياعها ، فهو يقول ( الوحدة على أسس جديدة هى الأفضل إذا توفرت لها الأسباب وقبلها شعب الجنوب ، ولذا فإن على القوى السياسية السودانية ونخص المؤتمر الوطنى قبل غيره تقديم رؤية جديدة وتحويل المصاعب الناجمة عن الاستفتاء والمشورة الشعبية وأزمة دارفور والتحول الديمقراطى وإتفاقيات السلام فى جيبوتى وأسمرا والقاهرة وابوجا الى منفعة وطرح مشروع قومي جديد متكامل لإعادة هيكلة الدولة السودانية بكاملها ، وقيام إستفتاء حر ونزيه وفى مواعيده والقبول بنتائجه ، وإذا أراد المؤتمر الوطنى دعم الوحدة عبر الإستفتاء عليه تقديم عرض دستورى جديد يخاطب جذور مشكلة الجنوب وهى مشكلة السودان ويعلى من سقف الوحدة ويساهم فى إقناع الناخب الجنوبى لإختيار الوحدة بعرض دستورى جديد لا عبر الإنقلاب على الإستفتاء أو نتائجه ). إذن هنالك رغبة في الوحدة وهناك طرق لتعقبها وتحقيقها فأين تكمن المشكلة ؟ هل يعقل ان الذين ينادون بالوحدة من شمال السودان يعملون في الخفاء من أجل الإنفصال وذات الحديث يقال لاصحاب الجنوب ؟ هذا كلام لا يصدق وإن وجد فهو يعني وجود تيار تخريبي يريد ان يرى السودان ممزقاً على اسس عرقية ومن المهم ان نوقف هذا التيار وإلا حدث ما مفترض ان يحدث لسكان السفينة المذكورة في مأثور الحكمة حينما ذكرت قصة الركاب في أسفل السفينة يريدون ثقبها وحينما احتج الذين هم في الاعلى قالوا لهم نحن أحرار في ما نملك !!! إن السودان لجميع السودانيين يتنقلون في أقاليمه وهم يحسون بدفء العشيرة وتنوع السحنات دون ان تنتابهم مشاعر كراهية الآخر ، نريد تنمية الأحاسيس السودانوية فهل تتفق السياسات العامة مع تطلعات الجماهير ؟.