كل مرحلة من مراحل العمل الاعلامي رجال يمثلون الشهود العدول علي تفاصيل تلك المرحلة (الصحافه)وهي تبحث عن الاحداث المعتقة دلفت الي حواري وبيوت حي العرب بام درمان لتلتقي بالاعلامي المخضرم الفاتح محمود احد ابرز رجال الكاميرا والتلفزيزن القومي ايام امجاده التليدة واحد مبتكري برنامج(جيشنا) الذي كان سندا للقوات المسلحة الفاتح كان شاهدا علي احداق عظيمة هي الان جزء من تاريخ البلاد وقد شهد ايام حكومة الصادق المهدي واول فجر الانقاذ وتابع بكاميرته التلفزيزنية تفاصيل ما كانت متاحة لاحد غيره ولذالك راينا ان نستنطق الرجل لنخرج منه بحصيلة وافرة من المعلومات المتكتم عليها والتي لا بفرج عنها الا بعد مرور عقود من تاريخ الحدث الي تفاصيل الحوار {برنامج جيشنا … الفكرة والنشأة : - برنامج جيشنا يعتبر أول برنامج من نوعه فى تلفزيون السودان وجاءت فكرته عقب احداث الانتفاضة الشعبيهة .. اذ رأينا فى الادارة السياسية بقيادة الاستاذ / حديد السراج فى ذلك الوقت أن نجعل من البرنامج حلقة وصل بين الجيش والشعب، واكساب المشاهد السودانى قدراً من الثقافة العسكرية .. لأننا ومنذ زمن بعيد نعتقد اعتقادا جازما أن هذا البلد مستهدف من قوى اقليمية ودوليهة.. بدأ البرنامج وواصل مشواره بنجاح بالغ واستطعنا من خلاله أن نعكس صورة حية لواقع الجيش السودانى وهو يخوض أشرف المعارك للبقاء على وحدة السودان وتمثل النجاح فى التفاف الشارع السودانى من خلال الافراد والمنظمات والقوى السياسية نحو الجيش خصوصا بعد استعراضنا لاحوال جرحى العمليات واسر الشهداء ،ولا أنسى حملات التبرع بالدم والمساعدات والزيارات التى قامت بها بعض المنظمات مثل منظمة رائدات النهضة وجمعية الامام المهدى الخيرية ومنظمة شباب الوطن ومشروعات قنطار ذهب وغيرها . التى جاءت كلها فى اطار دعم القوات المسلحة عملية ميوم … وشهرتها عبر البرنامج : {حدثنا عن الحلقة الشهيرة التى بثها البرنامج من منطقة ميوم العسكرية ؟ - هذه العملية تم تنفيذها بقيادة العميد أركان حرب فى ذلك الوقت / عمر حسن أحمد البشير فى منطقة ميوم غرب النوير على بحر العرب وسميت بعملية ( سيف النصر ) باسم الشهيد ملازم / سيف النصر بامكانات شحيحة بالرغم من أن منطقة ميوم كانت محصنة بطريقة يستحيل معها اقتحامها … لكن قائد العملية ورفاقه نجحوا فى اقتحامها باستخدام عنصر المفاجأه والخدعة العسكرية، وكان قائد منطقة ميوم فى ذلك الوقت هو الاخ / رياك مشار … لكن أهم مافى هذه العملية هو انعكاس وآثار نجاح العملية على القوات المسلحة بأجمعها إذ أنها جاءت فى ظروف تشبه الانهيار بعد سقوط العديد من المناطق فى أيدى التمرد … مع شح الامكانات من حيث الآليات وقدرات الجيش على عملية الاخلاء، لكن من ذكريات هذه الحلقة بالذات … أنها الحلقة الوحيدهة التى تم بث لقطات منها فى نشرة الاخبار الرئيسية كخبر … أذكر أن السيد / الصادق المهدى رئيس الوزراء اتصل بعد بث الحلقة تلفونيا وهنأ بنجاحها وطلب إعادة الحلقة مرة أخرى … وأذكر أيضا أن الأخ اللواء أركان حرب فى ذلك الوقت / محمد زين العابدين مدير العمليات الحربية … أخطرنى أنه وخلال زيارة عمل رسمية للصين وفى دعوة خاصة فى مقر قيادة الجيش فوجئوا ببث حلقة عملية ميوم التلفزيونية … {كيف كان الوضع أيام مذكرة القوات المسلحة الشهيرهة ؟ - مذكرة الجيش جاءت كنتيجة حتمية لاوضاع الجيش فى ذلك الوقت وحالة التردى التى كان يعانى منها … وقد صحبت القائد العام فى ذلك الوقت الفريق المرحوم / فتحى أحمد على والفريق / مهدى بابو نمر رئيس هيئة الاركان فى أغلب تحركاتهم التنويرية مع القيادات والوحدات العسكرية … ولقاءاتهم بالقيادات السياسية … لكن لا أنسى لقاء قائد الجيش / فتحى أحمد على مع مولانا المرحوم السيد / أحمد الميرغنى رئيس مجلس رأس الدولة باعتباره قائدا أعلى للقوات المسلحة … وبعد أن أفاض قائد الجيش فى الحديث عن التردى والشلل الذى لحق بالمؤسسة العسكرية … لا أنسى قول السيد / أحمد الميرغنى للفريق / فتحى أحمد على ( البتعملوهو أنا معاكم ) فى هذا الجو المشحون بالتوتر جاء الاحتفال بتأبين الشهيد اللواء طيار / مختار محمدين ونقلنا عبر البرنامج فعاليات التأبين ومن بينها كلمة هيئة القيادة التى ألقاها العقيد مهندس / عبد الرحيم محمد حسين فى ذلك الوقت … لكن المدهش فى الأمر أن جهاتٍ سياسية معينة حاولت كثيرا ايقاف هذا البرنامج … بل وخرجت احدى الصحف لتقول إن/ الفاتح محمود يحرض الجيش على الاحزاب … وهكذا رأينا وسمعنا لكن يكفى أن التاريخ يسجل ويرصد مواقف الوطنيين من أبناء هذا الشعب … وكذلك الآخرين {كيف كانت الأجواء داخل القيادة العامة قبل الانقلاب ؟ - قبل قيام الانقاذ بيومين وفى ادارة التوجيه المعنوى التقيت الأخ العميد أركان حرب / عمر حسن أحمد البشير فى ذلك الوقت فى صحبة اللواء أركان حرب / محمد على حامد التوم … عندما رأيتهما من على البعد وهما يتحدثان قلت فى نفسى ( الجماعة ديل دايرين يعملوا انقلاب ) لكن ما أثار حفيظتى أنه وفى يوم الخميس تم استدعائى لمقابلة رئيس هيئة الأركان والقائد العام … وفى لقائى بالأخ الفريق / مهدى بابو نمر رئيس هيئة الأركان كنا نتحدث عن أوضاع الجيش وكيف سنعالج إعلاميا قرار القيادة العامة فى ذلك الوقت والقاضى بسحب الوحدات العسكرية من المناطق التى تعجز فيها القوات المسلحة من عمليات الاخلاء … وأثناء حديثنا هذا رن جرس التلفون اذ كان المتحدث من الجهة الاخرى اللواء م / برمة ناصر الذى أشار الى معلومة شبه مؤكدهة من أن مجموعة من ضباط الجيش ستطيح بانقلاب عسكرى بالحكومة فى هذا اليوم الخميس لكن الفريق / مهدى طمأنه وأكد له أن ذلك لن يحدث لأننا نمسك بزمام الأمر داخل الجيش … والتفت إلى وقال … {كيف واصل البرنامج عمله بعد الانقلاب ؟ - جاءتنى عربة عسكرية فجر الجمعة وتحركت نحو القيادة العامة حيث التقيت العميد أركان حرب / عمر حسن أحمد البشير الذى احتضننى داخل مكتب القائد العام وقال لى ( نحن قمنا بالعمل ده وعايزين الرجال يقيفوا معانا عشان نلحق البلد دى ) وفى ذلك هنالك مجموعة من الاعلاميين وقفوا الى جانب الانقاذ منذ اللحظات الاولى وكان الفرق بينهم وبين العسكريين الذين تحركوا فجر الجمعة فقط ثلاث ساعات وهكذا بدأ عهد جديد … وكل زمان برجاله . {انطباعاتكم عن أعضاء مجلس قيادة الثورة ؟ - أول ملاحظاتى كانت حول رئيس مجلس قيادة الثوره الأخ / عمر البشير .. هو شخص خلوق ومهذب ومرتب فى حديثه وأحكى لك قصة قصيرة من ذكريات تلك الايام … عندما تم اعتقال السيد / الصادق المهدى تم اخطارنا وذهبت الى مبنى قيادة المنطقة العسكرية حيث كان يوجد هناك … وقام المصور بتصويره وعندما عدنا للقيادة العامة لصياغة بيان اعتقاله أصر أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة على بث الصورة مع البيان … الا أن الاخ / عمر البشير طلب منى تسليمه الشريط ووضعه داخل درجه واصدر قراره بالاكتفاء بإذاعة الخبر دون صورة ،هذا الموقف أثار اعجابى بالرجل وأكد لى أنه رجل ود بلد حقيقى ويعرف مقادير الرجال . أما بقية أعضاء المجلس كانوا يعرفوننى من خلال البرنامج ومن خلال زياراتى لقيادات الاسلحة والوحدات المختلفة … لكن المهم فى الامر احساسى نحوهم جميعا أنهم مجموعة عسكريين أولاد بلد … كنا جميعا نأكل وجباتنا من بوفيه القيادة العامة فول وفاصوليا وعدس وبامية … شخصيات متواضعة لأبعد الحدود … لكن لاحظت أن أكثر الناس حركة فى كل هذه المجموعة المرحوم / ابراهيم شمس الدين … وعبد الرحيم محمد حسين و د/ الطيب ابراهيم محمد خير وصلاح كرار … وآخرين. {ثم ماذا … ؟ - تسعة وأربعون يوما قضيتها مع رئيس وأعضاء مجلس قيادة الثورة ثم غادرت لأعمل مع العميد / محمد عثمان محمد سعيد معتمد العاصمة القومية ثم غادرت الى التلفزيون ثم بعده الى اتحاد الاذاعة والتلفزيون الذى غادرته منتدبا للجنة الاولمبية ثم عدت الى الهيئة القومية للتقانة والفنون وبعدها الى البيت ،حيث عكفت على كتابة مذكرات أعتبرها تاريخية منذ أيام النميرى رحمه الله … الى يومنا هذا وهى أحداث أنا شهدتها وسمعتها أو كنت جزءً منها. {ما رأيك فى عملية الاستفتاء القادمة وأنت ذهبت الى الجنوب كثيرا ؟ - قيام دولة فى جنوب السودان معناها أن هذه الدولة تحمل عوامل فناءها فى داخلها … هؤلاء الذين يروجون لفكرة قيام دولة جنوبية لم يقرأوا التاريخ ولم ينظروا للحاضر بعين فاحصة، ونظرتهم تكاد تكون منعدمة الرؤية للمستقبل… واذا سلفاكير ومن حوله ذهبوا فى اتجاه الانفصال سيلعنهم التاريخ والاجيال التى قد تأتى من ابناء الجنوب … لكن اؤكد لك أنه اذا حدث انفصال …. لابد أن يأتى اليوم الذى يعود فيه الجنوب الى أحضان الوطن … والعرجة لمراحها … {مارأيك فى برامج التلفزيون ؟ - من حيث التقنية التلفزيون الآن متطور جدا … ونحن عملنا فى ظروف أشبه بظروف الجيش وهو يخوض معارك الوحدة والسلام … عموما الأخ الأستاذ / محمد حاتم رجل مهذب وخلوق وفى تقديرى أنه أفضل مدير تلفزيون فى الفترة الأخيرة وله طموحات كبيره أتمنى أن تتحقق … لكن المشاهد السودانى يفتقد البرامج التى تمس حياته وحياة من حوله ولابد للتلفزيون لكى لا يفلت المشاهد السودانى عن مشاهدته أن يرتبط بحياة الناس ويلعب دوره الرقابى فى الكشف عن مشاكل الناس ومعاناتهم واخفاقات المسئولين …نشرات الأخبار فى التلفزيون ممتازة ... والدراما التلفزيونية وبعض البرامج تستحمر المشاهد السودانى ...