إيه حكاية الكشات والجرافات الماشة في البلد اليومين دول، لا يطلع عليك صباح إلا وتشاهد كشة كاسحة على ستات الشاي المسكينات، ولا يمر عليك يوم إلا وتشهد أو تسمع عن إزالة هنا أو هناك لدرجة تجعلك تشك في أن الاكشاك المزالة وستات الشاي المكشوشات هن وهي سبب الاذية للعاصمة القومية التي لن ينصلح حالها الا بممارسة الكشات والإزالات... وفيما يلي إحداها... الاستاذ /حيدر المكاشفى بعد التحية والسلام... أسمح لى أن أنقل لك صورة حدث وقع يوم الخميس الماضى السادس عشر من سبتمبر الجاري بقلب ولاية الخرطوم وكان بطله عبد الملك البرير معتمد الخرطوم والذي كان قد قام قبل فترة بزيارة لموقع يشتهر بوجود عدد من المطاعم والكافتيريات الراقية التى تقدم خدمة مميزة جداً للمستهلك وتهتم جداً بالمحافظة على سمعتها وبينما كان أصحاب هذه المحال الذين إستبشروا خيراً بهذه الزيارة اذا بهم يفاجأوا بالمعتمد وهو يزجرهم على اضافتهم الجمالية التي كانت تستحق الاشادة والتقريظ وليس الزجر والتأنيب إلا أن السيد المعتمد لم ير في تلك السياجات النباتية الخضراء اليانعة والمورقة التي أقامها أصحاب هذه المحال أمامها وبينها في مساحة محدودة جداً شيئاً جميلاً بل عدها تعديا على أرض الحكومة وتشويهاً لجمال المنطقة، ليعتبرهم متهمون تحت طائلة التمدد خارج المساحة المخصصة للمبانى متوعداً ومهدداً بازالة هذا القبح ..فتأمل .. كيف تكون شجيرات يانعات وزهيرات ناضرات قبح وتعدي يوجب الازالة والرمي في المزابل، فهل هذا من أعمال تنظيم المدن وتزيينها أم هو حرب على النظام والجمال، والاجابة لا تحتاج لإعمال العقل فاللمسة الجمالية بائنة إلا للذي نفسه بغير جمال، ثم هل فرغت المعتمدية ومعتمدها من البلوات والكفوات الكثيرة التي تعج بها المدينة ولم يبق إلا هذه الشجيرات والزهيرات لتقلق مضجع المعتمد ومعتمديته، إنها والله مفارقة لا تدري هل تضحك معها أم تبكي لها، أن يبني البعض ومن حر مالهم الخاص مساحة للجمال العام فيأتي المسؤول العام ليهدم وهذا ما حدث.... ففي يوم المجزرة وهو يوم الخميس الماضي والشمس تأذن بالغروب يقرر المعتمد أن تغرب عن وجهه أيضاً هذه المساحة الترويحية، فيأتي الى هناك في موكب حاشد يحرسه رجال الشرطة المدججين بالسلاح تتقدمهم جرافة لها زئير لتبدأ الغارة وتشنها بنجاح كاسح تساقطت على إثره الشجيرات والزهيرات فى مشهد يعيد للذاكرة ما فعلته وتفعله جرافات الاسرائيليين في ممتلكات الفلسطنيين الامر الذي حدا بي كشاهد عيان للحدث للتساؤل عن مغزى هذه الازالة فى وقت لايوجد فيه مشروع للمعتمدية فى المنطقة كتوسعة شارع أو مد شبكة للصرف الصحى أو شبكة مياه فقد كانت الازالة عملاً عنترياً لاطائل من ورائه سوى الخراب وإزالة واجهات جميلة لو إستحسنتها المعتمدية لما انشأت مثلها..والادهى والامرّ ان عمليات الازالة لم تكن منصفة وعادلة حتي في الظلم، ففي حين أنها طالت البعض قد تغاضت عن آخرين فى مشهد غريب جعل شهود الحدث يتهامسون عن هذا الخيار والفقوس الذي لا تفسير له سوى أن الذين لم تطالهم الازالة «مسنودين» وقد أحزننى أمر هذه الازالة الضيزى جداً لسبب إضافي وهو أن المعتمد فيما أعلم قانونى ضليع وضليع جداً ولعل أبسط القواعد القانونية تقول بتساوى الجميع أمام القانون.. وعلى ذكر القانون فقد كنت حتى وقت قريب أعتقد أن تنفيذ الازالة يجب أن يتم عبر أمر محكمة بعد إثبات حالة التعدي على أراضي الحكومة بإشراف الشرطة، فما الذى تغير يا ترى؟؟ لأن أمر المحكمة يعطي الشخص المتعدي الوقت الكافي لتوفيق أوضاعه حتى لاتُزال بهذه الصورة غير الكريمة ..ما ضرّ المعتمد لو أنه تفاهم معهم بالحسنى أولاً وبالعدم فرض غرامات عليهم أو حتى تسويات وهى ديدن الولاية بدلا عن إزالة لا طائل من ورائها سوى زيادة الصرف الاداري باستجلاب شرطة وجرافة وإشراف على عمليات الازالة.. هناك أكثر من حل بدلاً عن تحطيم الواجهات وإزالة السياجات النباتية التى تسهم فى تحسين وترقية البيئة فى بلد أحوج ما يكون لإصحاح بيئته.. أستاذ حيدر، لقد سكب كُتّاب كثيرون مداداً كثيراً حول الانفراد بالقرار وعدم دراسة القرارات والآثار المترتبة عليها وهو فى تقديرى الفريضة الغائبة فى هذا البلد ولكن لقد أسمعت إذ ناديت حياً ولعل معتمداً جديداً يبدأ خدمته بازالة القائم بدلاً عن تشييد الجديد صورة متكررة تحتاج لديباجة من شاكلة «لايوجد إلا فى السودان»... ولك شكرى وتقديرى .. حسن منصور شاهد عيان