رأيت ان اساهم برأيي في ما يجري هذه الايام من حديث عن الوحدة والانفصال، والذي دعاني لكتابة هذه المساهمة هو الشعور الطاغي بأن الانفصال واقع لا محالة ورغبة البعض في الوحدة والتعبير عن هذه الرغبة بالحديث دون فعل اي شئ ايجابي يجعل الوحدة جاذبة واذا كانت الوحدة بالكلام لكنا الدولة الوحدوية الاولى في العالم..!! ولكي نحقق الوحدة ليس هناك خيار امامنا الا بتطبيق اسس العدالة في المجتمع مثال بسيط: اب لديه ابناء ، احس الابناء ان ابيهم يفضل احدهم على بقية الاشقاء تلقائيا سوف يحقدون على الاخ المفضل وتنشأ بينهم كراهية وما بالكم بشعب دولة يحس جزء مقدر منه بتفضيل الآخرين عليه،؟! فالجنوبيون لديهم احساس بأنهم مواطنون من الدرجة الثالثة ولديهم الحق في هذا الشعور فمنذ الاستقلال نتعامل معهم بالترضيات بوزارات هامشية ونقض العهود ولكن اذا احسوا بالعدالة وان كل المواطنين متساوين في الحقوق دون تفضيل اصحاب اي عقيدة على اصحاب العقائد الاخرى، وهذا من البديهي لأن الله سبحانه وتعالى هو صاحب الحق في محاسبة الناس على عقائدهم ، فالموحدون له هم الفائزون بالجنة يوم القيامة ونحن البشر ليس لدينا اي حق ان نحاسب الناس على عقائدهم ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في سورة الكهف الآية (29) : «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا اعتدنا للظالمين ناراً احاط بهم سرادقها وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا» ، وفي سورة البقرة الآية «256» - «لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يفكر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم» ، وفي سورة يونس الآية «99» : «ولو شاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين». ونفهم من هذه الآيات الكريمة ألا نكره الناس على الإيمان، وأن الله سبحانه وتعالى هو وحده الذي يجازي المؤمن ويعاقب الكافر ونحن كبشر لابد ان نتعامل بكل احترام ونطبق فيما بيننا مبادئ العدالة والمساواة في كل الحقوق والواجبات دون تعالي جماعة على اخرى. اما في الحقوق الخاصة بأصحاب كل عقيدة هي شأن خاص بهم دون إجبار الآخرين عليها. ولنا في سيرة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة عندما كتب وثيقة او دستور المدينة اعطى كل سكان المدينة من غير المسلمين حق الاحتكام الى شرائعهم دون اكراهههم بفرض الاسلام عليهم، وكذلك ألا نفضل البعض باللون او العرق كلنا لآدم وآدم خلق من تراب ويقول الله سبحانه وتعالى في سورة الحجرات الآية «13» «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير».. والحديث الشريف «لا فضل لعربي على اعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى»... والتقوى علمها عند الله سبحانه وتعالى العليم الخبير ونحن كبشر يجب ان يكون معيار التفاضل بيننا في الدنيا بحسن التعامل وحسن الخلق وتطبيق قيم العدالة والمساواة وهي مبادئ اساسية في الشريعة الاسلامية، ولكن نحن كمسلمين حولنا الشريعة الاسلامية من هذه المبادئ الى مجرد خطب انشائية وعوالم اسطورية لما بعد الموت وترديد لأقوال السلف وجعلناها حائط مبكي دون تدبر وتركنا الحياة ولو انا عملنا على انزال هذه القيم على واقع الناس ما كنا لنحتاج الى خطب واقامة مناظرات ومؤتمرات واذا اردنا الوحدة حقيقة لابد ان ننزل مبادئ العدالة والمساواة وحسن المعاملة على ارض الواقع عندها سيختار اهل الجنوب الوحدة طواعية. أدعو الله ان يجنب السودان الانزلاق في هاوية الانشقاقات.. والله ولي التوفيق.. ضابط شرطة سابق