٭ حين كنت مستشاراً لهيئة التحرير بالزميلة «أجراس الحرية» أُوكلت إليَّ مهام من بينها مراجعة المقالات والأعمدة قبل الدفع بها إلى المطبعة.. ٭ وكانت مقالات الزميل أبو ذر الأمين - فك الله أسره- من أكثر المقالات إرهاقاً لي من حيث التقويم على أسس مهنية.. ٭ فالاعتبارات المهنية هي التي كانت تهمني وليست السياسية.. ٭ ومن هذا المنطلق كنت أوقف نشر كثير من مقالاته بسبب عدم تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من فجر «واقع!!» البلاد.. ٭ عدم تَبَيُّن الفرق ما بين الفجر الصادق والفجر الكاذب.. ٭ عدم تَبَيُّن الفواصل «المرورية!!» ما بين ممارسة الحرية وسلوك شارع الحرية المؤدي إلى «السجانة!!».. ٭ كنت أرفع له يمناي «تعظيم سلام» حين أنظر لما كتب بعين القارئ المعارض.. ٭ وأرفع له يسراي في الوقت ذاته حين انتبه إلى أن هذا الذي كتبه سوف يجرجر الصحيفة من قفا هيئة تحريرها إلى ساحات المحاكم.. ٭ ثم لا يجد القارئ ما يرفع له يده «تعظيم سلام».. ٭ تماما مثلما يحدث له الآن أي القارئ إزاء الصحيفة التي انتقل إليها أبو ذر.. ٭ إزاء «رأي الشعب».. ٭ وكاتب هذه السطور رغم أنه من الذين يوصفون بأنهم «يشوتون ضفاري» إلا أنه يحرص على ألا تكون «شوتاته» هذه مثل «شوتات» مهاجمي المريخ في مباراتهم ضد الجيش النيجري.. يحرص على ألا تكون «شوتاته» تحت تأثير حالة من التوهان الذهني يدفع ثمنها المشجعون «الزملاء» .. ٭ حالة التوهان التي جعلت كابتن بشارة أحد نجوم الزمن الجميل يبكي في الاستوديو التحليلي عقب ولوج الهدف الثاني في المريخ خلال مباراته تلك وهو يرى ألا أحد من اللاعبين «يبكي!!».. ٭ فالحكمة الصحفية تقول: انتقد خصمك ولكن إياك أن «تمنحه» ثغرة قانونية في هذا «الزمان!!» ينفذ عبرها إليك ثم «يفسِّحك» في شارع «الحرية!!» مروراً ب «النص!!».. ٭ والحكمة الكروية تقتضي كذلك عدم منح الخصم ثغرة تاكتيكية «مجانية» يصيبك من خلالها في مقتل .. ٭ أما الحكمة السياسية فتستوجب من الذين بأيديهم الأمر باسم «الإسلام!!» حسب قولهم الاقتداء بموقف عمر بن الخطاب إزاء شاعر الهجاء الأشهر الحطيئة.. ٭ فالحطيئة حين منح أحد ولاة عمر ثغرة «شرعية» بهجاء يفتقر إلى «الإثبات» دفع به إلى «السجانة!!».. ٭ فما كان من الحطيئة إلا أن أنشد قصيدته الشهيرة مخاطبا أمير المؤمنين عمر: ماذا تقول لأفَراخٍ بِذي مرخٍ.. زُغْب الحَوَاصِلِ لا ماءٌ ولا شجرُ .. ألقيتَ كَاسِبَهم في قَعْرِ مظلمةٍ.. فاغفر عَلَيْكَ سلامُ اللهِ يا عُمَرُ.. ٭ وفور سماع عمر للقصيدة بكى وأمر بإطلاق سراح الحطيئة.. ٭ فقد ألانَ قلبه ذكر «المسجون» ل «أفراخ» لا ذنب لهم ولا جريرة.. ٭ ولأبي ذر كذلك صغار لا ذنب لهم ولا جريرة .. ونحن رغم موقفنا المعارض الذي لا نخشى الجهر به، فإننا لا نتحرج لدوافع إنسانية من مناشدة «الرئاسة» الاقتداء بابن الخطاب .. ٭ لا نتحرج من ذلك مع علمنا أن من بين «زملائنا» المعارضين من لا تهمه «عذابات !!» الآخرين ماداموا يخدمون أهدافه السياسية عبر «شوتات ضفارية».. ٭ مادام هو «يستثمر !!» في هذه العذابات .. فهلاَّ فعلتها «الرئاسة» اقتداءً عمر..؟ أم أن المطالبة بالاقتداء بعمر تكليف فوق «الطاقة»؟!! ملحوظة: هذه الكلمة كُتِبَتْ بتاريخ 22/7/2010م.