حينما كتب الشاعر محمد المكي إبراهيم قصيدته «فرح في حديقة شوك قديم»، وجاء فيها «زهرة للشمال زهرة للجنوب زهرة للتقدم.. زهرة للتنمية» كتبنا عنها ربما بحدس أن هذا الأمر ليس هكذا، ففي غياب الحوار الديمقراطي في ظل مايو، كان لا بد أن ينفجر الوضع في الجنوب، وقد حدث لأن تركيبة النظام القمعية آنذاك والمواجهات المسلحة مع قوى المعارضة الشمالية في 1791 و5791 و6791م وغيرها كان لا بد أن تمتذ آثارها الى الجنوب. فكانت مسألة تقسيم الإقليم الجنوبي وتراكمات أخرى هي التي عجلت باندلاع حركة التمرد في 3891م، وبدت مختلفة في طرحها وأجندتها عن غيرها.. ولكن الذي نود قوله الآن أن الاحتكام الى الديمقراطية وسيادة روح الحوار هي وحدها التي تبنى الأوطان، أما أن يترك الأمر للنخب التي قال احد اعمدتها انها قد ادمنت الفشل، فهذا أمر لا يستقيم... ولو ترك الأمر كله للسواد الأعظم من المواطنين لما كانت خياراتهم تتناقض مع مصالحهم وحسهم العفوي... وليس في هذا العالم الآن الذي يسعى إلى التوحد وبناء الكتل الكبيرة «الاتحاد الأوربي، الاتحاد الافريقي، جامعة الدول العربية، مجلس التعاون الخليجي»، وحتى نموذج الولاياتالمتحدة الاميركية المتعددة الاعراق وهي التي قاتلت دعاة الانفصال. ولهذا فيمكن القول إن المخطط الغربي الذي أشار اليه اللواء محمد نجيب قبل ما يقارب السبعين عاماً قد آن أوان تنفيذه لتقسيم السودان، ومن ثم إضعاف محيطه العربي والإفريقي. ولهذا نرى أن هناك واجباً ملحاً يجب أن يؤديه مثقفو الجنوب والشمال في التفكير الجاد في مستقبل السودان، بعيداً عن الاندفاع وأحابيل السياسة.. وهي دعوة مخلصة لقراءة التاريخ والوعي بالمستقبل، لأن ما يحدث الآن ضد طبيعة الأشياء.