فى ثمانينيات القرن الماضى ظهرت مغنية قلبت الصورة التقليدية لشكل الفنان المؤدى ظهرا على عقب، حينما صعدت على المسرح غنت ورقصت بأسلوب جديد غير مألوف فيه مزيج من الاداء الحركى السودانى والاثيوبى. الجمهور الذى لم يعتد على المشهد صدم للحظة ثم انخرط فى الرقص بقوة وقبل ان ينتهى الحفل كان اسم المطربة قد ذاع وانتشر مثل النار فى الهشيم وعم القرى والحضر، وبعد وقت وجيز سطع نجمها فى سماء الفن السودانى واصبحت ( سوبر استار ) اغنياتها الخفيفة على كل لسان وحفلاتها فى كل مكان داخل وخارج السودان، يؤمها جمهور كثيف وخاصة تلك الحفلات التى كانت تقام فى الاماكن العامة مثل الحدائق والفنادق ولا اعتقد ان هناك مغنية من جيلها على الاقل تمتعت بذلك القدر من الانتشار والجماهيرية، وكانت اشرطة حفلاتها الاكثر توزيعا فى الخليج والسعودية والبنت التى تشكلت علاقتها بالغناء عبر برنامج الاطفال بالتلفزيون كانت تبدو مبهرة ونجحت بذكاء فطرى فى اقتناص كل عصافير الشهرة واجتهدت فى حفر اسمها على لائحة مشاهير المغنيات السودانيات وذاكرة الناس رضى البعض ام لم يرضوا اصبحت نجمة الحفلة والشباك، وحنان عبدالله التى عرفت فنيا باسم بلوبلو تعتبر ظاهرة فنية غنائية تستحق الدراسة كيف تحقق لها ذلك النجاح والانتشار؟ وبلوبلو لم ترقص فقط لكنها اسست لمشروع الفنانة الاستعراضية الشاملة وكسرت شكل الاداء التقليدى الذى لم يعد يشكل حضورا على المسارح الفنية العالمية التى اصبحت تعتمد على الابهار البصرى المصاحب للغناء، والذى يستقطب انتباه الجمهوراكثر من صورة المغنى الجامد الذى يتوسط الفرقة الموسيقية وللاسف فإن تلك التجربة التى شكلت ملامحها الاولية حنان لم تكتمل لاسباب موضوعية تتعلق بالفنانة بلوبلو ونظرة المجتمع واشياء اخرى . فوتوغرافيا ملونة الحلقات التوثيقية للسيدة جيهان السادات والتى بثتها قناة الجزيرة اضاءت الكثير من الجوانب حول الاحداث السياسية وكواليس حرب اكتوبر، اذا كنت تريد التوثيق لرجل عظيم ابحث عن المرأة وانا اشاهد تلك الحلقات قفز فى ذهنى سؤال مشاغب لماذا لا تتحدث السيدة بثينة خليل ولماذا لاتقود فضائية سودانية مبادرة لاستنطاقها للتاريخ؟ لازلنا نرسب فى امتحان التوثيق على المستوى الخاص والعام وترحل الكثير من الاسرار وهى حبيسة الصدور وغياهب الذاكرة لا احد هنا يكتب مذكراته .. [email protected]