٭ وصلا لما قلت بالأمس أن قنبلة الأزمة المزروعة في جنوب السودان هي صناعة استعمارية في المقام الاول.. صناعة قوى استغلال الانسان لاخيه الانسان.. ولما كانت كل ظروف الشرط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي متوافرة سهل تعضيد وتشابك الامة وتفاوت النظرة لمشكل الجنوب من نظام لآخر وعلى الدوام تتصاعد ادوار قوى الاستعمار في الابقاء على المشكلة واعطائها احجاماً واشكالاً مختلفة. ٭ عندما حدث التغيير في الخامس والعشرين من مايو 9691م اطلت اشعاعات امل جديد باصدار بيان التاسع من يونيو البيان الذي كان بمثابة تذكرة الدواء الحقيقية.. الاعتراف بطبيعة المشكلة.. وهو الحكم الاقليمي الذاتي في اطار السودان الواحد.. ٭ ولم يمض على اعلان التاسع من يونيو اكثر من ثلاث سنوات ووسط متاعب ومواجهات من اقصى اليمين الى اقصى اليسار عانتها مايو حتى كانت اتفاقية اديس ابابا التي وقعت في 2791م ونزلت الى ارض الواقع 3791م وكان عيداً للوحدة وانشدنا كلنا مع صلاح مصطفى ثلاثة مارس عيد ونميري قال كلام نعيش سوا في سلام ونبنى بلدنا وكلنا اخوان. ٭ وعشنا سوا في سلام على مدى عقد من الزمان.. عشر سنوات بدأت تشهد بدايات الاستقرار والتمازج الحقيقي بين ابناء البلد الواحد.. تعايشنا في مراكز الشباب والنساء والاتحاد الاشتراكي واتحاد العمل والمزارعين والمهنيين.. ولكن معطيات الواقع السلبية زحفت ايضاً على هذا الانجاز ونقضت مايو غزلها بيدها وعضضنا بنان الندم.. ولكن ماذا يجدي الندم؟ ٭ في هذه الايام والناس يتحدثون عن المستجدات الاخيرة على جبهات القتال في الجنوب يجب على الكل عدم الانسياق مع العاطفة وتحميل جانب واحد من جوانب المشكلة الثلاثة المسؤولية كاملة.. ذلك لان الجوانب الثلاثة ذات حضور مكثف في خانات السلب على مدى تطورات المشكلة. 1- القضية في حد ذاتها واسبابها الموضوعية القائمة على التباين الثقافي والمعتقدي والعرقي. 2- القوى الاجنبية بكل مسمياتها ومصالحها الاستراتيجية. 3- سلوك ونظرة وتقييم الانظمة السودانية المختلفة لهذه المشكلة. ٭ هنا انقل ما قاله الزعيم السياسي الوطني الوحدوي مولانا أبيل ألير في كتابه «جنوب السودان والتمادي في نقض المواثيق والعهود». «في فبراير-يوليو 7791 توصل الرئيس نميري الى اتفاقية مصالحة وطنية مع الصادق المهدي احد قادة الجبهة الوطنية وهي جماعة سياسية تتألف من عناصر المعارضة من حزب الامة والحزب الاتحادي الديمقراطي وجبهة الميثاق الاسلامي التي تغير اسمها فيما بعد الى الجبهة الاسلامية القومية... والتزم في هذه الاتفاقية بتطبيق النظم الديمقراطية في بعض المؤسسات العامة كالاتحاد الاشتراكي السوداني وبتعديل مواد الدستور لعام 3791م ولا سيما المادة «61» التي وضعت المسيحية وكريم المعتقدات «الاديان التقليدية» على قدم المساواة مع الاسلام.. وبتعديل اتفاقية اديس ابابا التي تظاهرت بانها استسلام لاهل الجنوب ولكنها حقيقة رأت فيها تقوية لنظام الرئيس نميري وتخليد قيادته فعقدت العزم على اجهاضها بمعزل عنه او على يده وكان في الاتفاقية التي توصل اليها مع الجبهة الوطنية بعض البنود الرامية لتعديل اتفاقية اديس ابابا وظن الرئيس نميري انه بمثل هذه التنازلات يحرز تأييد المعارضة. أواصل مع تحياتي وشكري نشر في 12/7/0002م بصحيفة «الرأي الآخر»