٭ أجد نفسي أكثر حيرة من الزميل الكاريكاتيرست الفنان فارس حول الكيفية التي يمكن بها للمشرفين على حملة المرشح الرئاسي، المواطن عمر حسن أحمد البشير والعاملين عليها، أن يكتشفوا السكارى من بين المقترعين أولاً، ليتسنى لهم بعد ذلك منعهم من التصويت له حتى إذا رغبوا في ذلك وفاءً لتعهده الذي قال فيه بالحرف (ما دايرين صوت زول سكران)، فإذا كان الزميل فارس قد إجتهد وقال ان ذلك يمكن أن يتم عن طريق مطالبة المقترع الراغب في التصويت للبشير بأن يقول (كه) كما جاء في كاريكاتيره بعدد الاول من أمس بالغراء آخر لحظة، إلا أنني لم أجد في (آلية) العزيز فارس ما يزيل حيرتي، فقد فات على فارس أن السكارى وفي (نضالهم) الطويل لإفشال فعالية هذه الآلية قد توصلوا الى معالجات كيميائية وبلدية تزيل رائحة الخمر تماماً من أفواههم، ولا تُبقي لها أثرا يمكن أن تكتشفه (قولة كه) كما كان هو الحال عندما كان السكارى أغرارا، ورغم ذلك فليست (الآلية) أو الكيفية التي يتم بها كشف السكارى هى أكثر ما يشغلني ويحيرني، ذلك أن الذي بلغ بحيرتي مداها هو لماذا يرفض المرشح عمر البشير أصوات السكارى، ومن أية مرجعية ينطلق في رفضه، خاصة إذا علمنا أن مرشحاً آخر هو الفريق صلاح عبد الله الشهير ب(قوش)، الذي يشاركه ذات المرجعية التنظيمية لم يمانع في قبول نفس الاصوات التي رفضها حسبما نقل عنه في مقولة شهيرة له بضاحية كنور من أعمال محلية بربر بنهر النيل عند بداية تدشين حملته الانتخابية، لقد إحترت حقيقة في المبرر والمرجع الذي جعل المرشح عمر البشير يرفض أصوات السكارى على حد تعبيره، وعبثاً حاولت إسناده الى الدين كما سأوضح لاحقاً، أو نسبته الى الحمية القبلية بإعتبار أنه (شريفي) ينتمي الى العترة الشريفية التي ينتهي نسبها الى الزهراء فاطمة بنت الرسول، صلى الله عليه وسلم، أو أحد ابنيها الحسن والحسين أبناء سيدنا علي رضوان الله عليهم أجمعين، ولا حتى الى الجعلية أو البديرية، لسبب بسيط وهو أنه ما من قبيلة مهما إدعت النقاء والصفاء العرقي فإنها لا تجرؤ على الإدعاء بنقائها وخلّوها من السكارى الذين يتعاطون المدام على اختلاف مسمياتها المحلية.. أما من حيث الدين فمن المعروف عن مشايخنا الصوفية أنهم لم يكونوا يصدون السكارى إذا ما غشوا حلقاتهم وانخرطوا فيها، بل كانوا يقابلونهم بكل سماحة ويفسحون لهم في مجالسهم أملاً في أن يهديهم الله على يديهم يوماً ما، وغير الحديث الشريف الذي رواه الشيخان البخاري ومسلم والذي يقرأ (ان الله لينصر وفي رواية ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر)، وفي رواية ثالثة ( ان الله ينصر هذا الدين بقوم لاخلاق لهم)، وقصة هذا الحديث ومناسبته كما وردت في الصحيحين عن أبي هريرة رضى الله عنه أنه قال: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، فقال لرجل ممن يدعي الإسلام: هذا من أهل النار، فلما حضر القتال قاتل الرجل قتالاً شديداً، فأصابته جراحة، فقيل: يا رسول الله، الذي قلت إنه من أهل النار، فإنه قد قاتل اليوم قتالاً شديداً، وقد مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إلى النار. قال: فكاد بعض الناس يرتاب! فبينما هم على ذلك إذ قيل إنه لم يمت، ولكن به جراحاً شديدة، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: الله أكبر، أشهد أني عبد الله ورسوله، ثم أمر بلالاً فنادى بالناس إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، غير هذا الحديث هناك أيضاً مأثورة شيخ الاسلام ابن تيميه (ان الله ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة) والمأثورة واضحة لا تحتاج لشرح، الذي يحتاج الى شرح هو موقف المرشح الرافض لاصوات السكارى وما إذا كان صادرا عن قناعة ام «قنوع»؟.