في قلب مدينة أم درمان وتحديداً في منطقة الشهداء، لم نتوقع ان نجد عصارة بدائية في زمن اتسم طابعه بالحداثة بعد ان انتشرت المعاصر الكهربائية لمختلف انواع الحبوب الزيتية، ولكن رغم ذلك مازالت (عصارة العود) تحافظ على وجودها ويفضلها الكثيرون بعد ان أتسم إنتاجها بجودة لاتتوفر في المعاصر الحديثة، حيث أصبحت محل ثقة الناس، وزيتها يعد وصفة علاجية عند اهل الطب الشعبي والذين يشترطون في وصفاتهم ان يكون زيت السمسم « زيت الولد» الذي يستخرج بعصارة الجمل. (ابواب) التقت بمحمد البشير صاحب عصارة لزيت السمسم بطريقة العود في ام درمان بالقرب من سوق الشهداء فشرح لنا طريقة عصارة الجمل فقال هي طريقة تقليدية لعصر زيت السمسم ترجع فكرتها الى جمل يدور معصوب العينين عكس عقارب الساعة لمدة خمس ساعات تقريباً حول قالب خشبي ممتلئ بحب السمسم ليستخرج منه الزيت في عملية بدائية لا تختلف عن الطريقة التي كان يستخرج بها منذ مئات السنين، موضحاً ان المعصرة تتكون من قالب خشبي وذراع خشبية صلبة وثقيلة تمتد خارج القالب لتوضع عليها مجموعة من الأثقال لتضاعف وزنها، ومن ثم تربط الذراع على ظهر الجمل، مشيراً الى ان الأخشاب المستخدمة في المعاصر غالباً تكون من شجر السدر او المهوقني، وقال البشير انه استجلب عصارته من ام روابة من ولاية شمال كردفان حيث تتم صناعتها هناك ، مشيراً الى ان الاهالي في تلك المناطق درجوا على استخدامها بشكل متوارث من الأجداد، وهي موجودة بشكل طبيعي في المنازل. وأوضح البشير انه يشتري حبوب السمسم من سوق ليبيا بأمدرمان. وعن طريقة عمل العصارة قال نضع مقدارا محددا من السمسم داخل القالب، ومن ثم نحرك الجمل الى ان (يموت) السمسم اي ينطحن وبعدها (نمطرو) بقليل من الماء ويظل الجمل يدور بالعصارة الى ان يخرج زيت السمسم نقياً من داخلها بنسبة 100%. اما عن الانتاج فيؤكد البشير انهم يستخرجون في اليوم الواحد حوالي (50) رطلاً، وانه في الغالب يبيع بالرطل الذي يتراوح ثمنه بين (6 10) جنيهات، اما سر اقبال المواطنين على شراء زيت العصارة التقليدي ، فيرجعه الى ثقة المشترين بالمستخلص الخالى من اية اضافات كيميائية، بجانب انه يستخرج امام اعينهم مما يزيد اطمئنانهم ولا يساورهم ادنى شك انه زيت سمسم غير طبيعي، وانه يستخدم في الطهي، والمسوح ، وكثير من العلاجات، خاصه الرطوبة والإلتهابات. وسألناه لماذا تغمضون عيون الجمل عندما تبدأون في عصر الزيت؟ فقال البشير، ان الجمل تعصب عيناه ليظن أنه يسير في مشوار ومسافة طويلة حتى لا يرى تفاصيل المكان الذي هو عبارة عن دوران متواصل في ذات الإتجاه في حلقه دائرية حتى يستخرج كل الزيت، وأشارالى ان حالة الجمل هذه يضرب بها المثل في التعب والدوران ويقال «لافي زي جمل العصارة»، في إشارة للتعب والإرهاق.