٭ قبل اسابيع كتبت عن الفساد الذي تمدد في حياتنا واصبح موضوعاً يومياً يتناوله الناس في حيرة وحسرة واصبح كالوحش لا يرحم وقد طال حياة الناس.. وحش لا يرحم الاطفال ولا العجزة ولا الشباب يفترس مقدراتهم وحقوقهم يفترس ويفترس ويحتمي وراء عباقرة يعملون بالتيم المدرب جيداً على الكذب.. يقولون لنا ان المجتمع السوداني خال من الفساد.. والاختلاسات والاعتداء على المال العام ليست بالصورة المزعجة.. والرشوة ليست كما تضخمها وتصورها الصحف. ٭ الناس يتحدثون عن الفساد ويأتون بالملاحظات التي قد ترقي الى درجة الادلة الدامغة.. لكن لا محاكم تنصب ولا بلاغات تفتح وحتى ان فتحت تكون لاولئك الصغار الذين يرمون لهم الكبار بالفتات.. والعمارات تشمخ والمشاريع تتسع والرحلات تتصل والمراجع العام كل سنة يقف امام البرلمان ويحكي عن الاعتداء على المال العام بل وعن الوحدات التي تتمرد ولا تقدم حساباتها من اصله. ٭ في عدد قديم من مجلة روز اليوسف المصرية احتفظت به لأن به ملفا بعنوان كيف تقاوم الفساد.. وحوى اجابات لتساؤلات عديدة منها هل نحن فاسدون؟.. من الاكثر فساداً المواطن ام الحكومة؟.. ٭ في الملف حوار اجرته اسماء راشد مع الدكتورة سهير عبد المنعم حول دراسة اجرتها في المجتمع المصري عن الفساد في 05 عاماً وقفت عند جزئية منه حوت سؤالين: - س: وماذا اكتشفت اذن بعيداً عن الاحصائيات الرسمية؟ -ج: اكتشفت ان معظم قضايا الفساد تتميز بوجود اطر شبكية منظمة بعضها عائلي وانها تستمد قدرتها من النفوذ الخاص او النفوذ الوظيفي، وهى عادة ما تسمى بقضايا الفساد الكبرى وهى القضايا التي يشكل فيها الفساد الخطر الحقيقي على المجتمع وليس مجرد قضايا الرشوة الصغرى التي يتقاضى فيها بعض الموظفين الصغار مئات الجنيهات.. ولكن للاسف ما اكتشفته من خلال الدراسة انه كلما كان الفساد كبيراً انخفضت شدة العقاب الموقع ويرجع ذلك الى ارتباط جسامة العقوبة بصفة الجاني. بمعنى ان هناك بعض التشريعات تساهم في تكريس الفساد وانه كلما كان الفساد كبيراً كان العقاب اقل، فالموظف الذي يختلس او يأخذ رشوة مثلاً الف جنيه لا يمكن ان يهرب من العقوبة ولابد ان تقام عليه الدعوى العمومية.. في حين ان من يقترض من البنوك مئات الملايين يهرب بها ثم يعود ويتصالح وتسقط عنه الدعوي العمومية وبذلك يكون القانون منحازاً بشكل او بآخر. - س: هل معني هذا ان القانون يقنن الفساد ويحميه؟ -ج: للاسف ولعل هذا ما جعل المؤتمرات الدولية تصف هؤلاء الفاسدين بأنهم المجرمون الذين لا يصل اليهم القانون لأنهم محميون بوظائفهم العليا. ٭ فقانون الجهاز المركزي للمحاسبات توجد به مثلاً مادة تمنع من يجد عنده شبهة جريمة فساد من الابلاغ او التحقيق دون الحصول على إذن من الوزير المختص الذي غالباً لا يعطي هذا الاذن لعدم مواءمة الظروف.. في حين ان الموظف الصغير الذي يحصل على 01 آلاف جنيه رشوة لا يحتاج الى هذا الاذن وتتم محاكمته فوراً، وهذا يعتبر نوعاً من التستر على الفساد. هذا مع تحياتي وشكري