تزيد اهتمام جامعة الخرطوم بالبحث العلمي خلال العقد الاول من القرن الحادي والعشرين «قرن العلم والتكنولوجيا»، فمن بعد الندوة العلمية التي عقدت في مارس 2006م بعنوان: الدراسات العليا في السودان - تجربة جامعة الخرطوم، ينعقد في فبراير الحالي مؤتمر الدراسات العليا والبحث العلمي باعتباره تطورا نوعيا في المسار، في وقت تبحث فيه «الاكاديميا» عن حكومة «صديقة» للعلم والعلماء، والبلاد على مرمى حجر من التحول الديمقراطي. والمطلوب الوقوف على البرامج الانتخابية لاحزابنا السياسية لنعرف ماذا اعدت لجعل السودان لاعباً مؤثراً في المجتمع الدولي علمياً ومعرفياً ومن ثم سياسياً واقتصادياً وتجارياً وثقافياً ورياضياً... ويجيء مؤتمر الدراسات العليا والبحث العلمي ايضاً في فترة تشهد عملاً علمياً مقدراً في جامعات السودان الحكومية والأهلية، ونمثل لها بالآتي: «1» جامعة العلوم والتقانة: المؤتمر السنوي العلمي الثالث لصحة الفم - المؤتمر السنوي العلمي الثالث لسرطان عنق الرحم، نحو عناية افضل. «2» جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا: المؤتمر السنوي العلمي السادس، لرعاية الصيدلانية، المريض أولاً. «3» جامعة الزعيم الأزهري: مؤتمر الكلى العالمي الثاني، أمراض الكلى المزمنة، الوقاية والرؤى المستقبلية. إلى جانب ذلك سيكون البحث العلمي هو الآخر على بساط البحث ضمن أجندة مجلس الوزراء في منتصف هذا العام. هذا والجميع يعلم أن البحث العلمي هو قوام النهضة الحضارية، كما يقول شعار المؤتمر، واصبح المحرك الرئيسي والأبرز للتنمية الشاملة والمستدامة، وتطوير حياة الإنسان روحياً وفكرياً وبدنياً... وكذلك نعلم على المستويين المؤسسي والقومي أن كلمة السر للموضوع «التنافسية» على المستوى العالمي. وأقف على ذلك بمثالين لادارتين في دولتين تهتمان كثيراً بأمر البحث العلمي، وتعملان على تطويره وترقيته، إحداهما دولة متقدمة في المجال عالمياً «الولاياتالمتحدةالامريكية» والثانية دولة نامية ولكنها رائدة على مستوى المنطقة «جمهورية مصر العربية». الولاياتالمتحدةالامريكية: أوضح الرئيس أوباما في خطاب له أمام الاكاديمية القومية للعلوم في امريكا، أن ادارته تعمل على الاستثمار في البحث العلمي بنسبة تزيد عن 3% من الناتج الاجمالي القومي، ورصدت مبلغ 150 مليار دولار للطاقة النظيفة خلال العشر سنوات القادمة، مع تقديم مبادرة في مجال الصحة تشمل حوسبة السجلات الصحية ومضاعفة الصرف على أبحاث السرطان، ليصير المبلغ المرصود لتلك الابحاث 6 مليارات دولار لنفس الفترة. وفي الجانب الآخر استبشر أساتذة الجامعات والباحثون بتلك الزيادة في التمويل، وانخرطوا في اعداد مقترحات أبحاثهم، فالمعاهد القومية للصحة فقط تسلمت أكثر من 20.000 مقترح في الموعد المحدد. جمهورية مصر العربية: عقد في مصر «المؤتمر القومي الأول لتطوير منظومة البحث العلمي» في مايو 2005م، حيث صيغت رسالة المنظومة في أربعة جوانب: «1» المعرفة العلمية والتكنولوجية من حيث توليدها ونشرها وتطبيقها، بما يضيف الى القدرات لابداعية الابتكارية للمجتمع العلمي والتكنولوجي المصري. «2» تحقيق التميز والمنافسة، والسبيل إلى ذلك الارتقاء بالجودة والارتقاء بكفاءة الأداء لمنظومة البحث العلمي. «3» تطوير قاطرة التنمية المتمثلة في منظومتي التعليم العالي والبحث العلمي.. لمواجهة التطورات المعاصرة التي تفرض علينا المشاركة بندية وفاعلية في النظام العالمي الجديد. «4» حفز الابتكار والإبداع، وتهيئة المناخ الملائم حتى نصل إلى مرحلة الاعتماد على القدرات الذاتية بالقدر المناسب. وبعد عامين تطور الوضع بإعداد منظومة للعلوم والتكنولوجيا ليقودها مجلس وزاري أعلى في العقد العلمي «2007 - 2016م»، ولا تختلف تلك المنظومة كثيراً عما ورد بعاليه، غير اني أركز على ما اعتبره أهم أهداف منظومة العلوم والتكنولوجيا: «إعداد وتنفيذ مبادرة قومية لتنمية الموارد البشرية». وتستهدف هذه المبادرة الآتي: ٭ تنمية القاعدة العلمية بمصر، وتحقيق التفاعل والاتصال بين شباب العلماء والمجتمع العلمي الدولي، وذلك من خلال برامج تدريبية في إطار «مبادرة الشراكة والانتماء»، حيث يسافر 500 باحث سنوياً للتدريب بمؤسسات علمية متميزة بالخارج. ٭ دعوة نحو «100» عالم متميز سنوياً لالقاء محاضرات في مصر. ٭ برامج تأهيل الكوادر العلمية وتكوين مجموعات بحثية. ومع كل ذلك نعلم أن العلم والمعرفة ليست «سلعاً تستورد، وإنما ثقافة وبنى مؤسسية وأنشطة لا بد من أن تغرس في واقع مجتمعي بشري محدد، وتتعهد بالموارد الكافية وبالرعاية الدائبة من متخذي القرار والنخب، بل ومن عامة الناس» «تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2003م - نحو إقامة مجتمع المعرفة، برنامج الأممالمتحدة الإنمائي والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي». فالبحث العلمي له أهميته، وعلينا تشجيعه والمشتغلين به، وهم أفراد من ذوي التميز العلمي والقادرين على الارتقاء بالعلم وبالمجتمع من حولهم. وكالعادة نتوقع نحن في السودان الكثير والمفيد من مؤتمر الدراسات العليا والبحث العلمي، فقط المطلوب إرادة سياسية قوية للتنفيذ والتمويل واستدامته. باختصار شديد نحن في أمس الحاجة لحكومة صديقة فعلاً للعلم والعلماء. جامعة العلوم والتقانة - أم درمان