معاناة السودانيين في الجماهيرية العربية الليبية ظلت مسألة عصيَّة على المعالجات منذ وقت بعيد، فبين حين وآخر يتحدث مسؤول سوداني عن معالجات ستتم لتوفيق أوضاع السودانيين الذين يعانون هناك، أو إعادتهم الى وطنهم.. ويمضي زمن طويل، قبل أن نتلقى إفادات رسمية أخرى بشأن معالجات عاجلة في الطريق.. فيما المعاناة لا تتوقف، ولا يتم أي عمل يلامس الواقع.. حتى أطل الدكتور كرم الله على عبد الرحمن، نائب الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج ليتحدث في مؤتمر صحفي عقده عقب زيارته إلى ليبيا تناول فيه حجم المعاناة التي يعيشونها في ليبيا وعدم حصولهم على التعليم والعلاج، بسبب ترتيبات ليبية بشأن الهجرة غير المشروعة.. ولم ينس د. كرم الله أن يذكر أن الذين لم يوفقوا أوضاعهم أودعوا السجون..!! وفي إطار «العلاقات الحميمة بين الخرطوم وطرابلس» تهون عذابات السجون. وقال د. كرم الله أيضاً: تم الاتفاق مع الأجهزة الأمنية الليبية على إيقاف الحملات أثناء تحركات السودانيين فى العودة الطوعية وتصفية حقوق السودانيين بالصورة المثلى، الى جانب الإعلان عن الوظائف من خلال التعاقد الرسمى أسوة بدول الخليج، واعتماد وثائق السفر للذين فقدوا أوراقهم، غير أن د. كرم الله لم يتحدث بتفصيل عن الاتفاق الذي أبرم وآليات تنفيذه، وكيفية متابعة تنزيله إلى الواقع، ومتى يتم البدء به.. فبين أيدينا الكثير من المعلومات التي تؤكد أن معاناة السودانيين داخل ليبيا فوق كل تصور، ومن بينها أن بعض من السودانيين تعرضوا الى حوادث سير، في الصحراء او داخل المدن، لم يتلقوا من العلاج غير إسعافات أولية قبل أن يتم الزج بهم في السجون، دون تقديمهم الى محاكمات او بحث أمر ترحيلهم. ومن بين الذين يعانون في ليبيا من اتخذت بشأنهم قرارات مفاجئة أدت لقطع دراسة أبنائهم، وتبعا لذلك حُرموا من بقية الخدمات الاجتماعية. عموما زيارة وفد جهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج، لا بد أن توصف بأنها خطوة على طريق وقف معاناة السودانيين، ويجب أن تعقبها زيارات للجهات المعنية بالدولة، بهدف توفيق أوضاع السودانيين والعمل على عودة الذين يتجرعون المعاناة في كل صباح، والبحث عن الذين يقبعون داخل السجون، على ذمة قضايا يمكن معالجتها، خاصة أنه ليس من بينها فيما يبدو قضايا سياسية. نأمل أن تضطلع السلطات الليبية بدورها تجاه السودانيين الذين يعتبرون ليبيا امتدادهم الطبيعي، فيما يقوم الزعيم الليبي بدور القيادة الأممية التي تحتم توجيه الأجهزة المعنية بالإحسان والرفق بكل إفريقي دخل الأراضي الليبية، وإن كانت تعوزه الإقامة النظامية، ويبقى واجب الحكومة السودانية أن تسعى بلا توقف من أجل إنهاء مسلسل معاناة السودانيين المستمرة منذ وقت طويل، وتسريع خطوات إعادة كل من تقطعت بهم السبل داخل الأراضي الليبية.