ليل الرابع عشر من الشهر الجاري هو يومي الاخير بالعاصمة الإثيوبية اديس ابابا ، التي وصلتها قبل عشرة ايام وذهني محاصر بالعديد من الأسئلة ، فالتاسع من يناير الذي كانت تفصلنا عنه 66 ليلة عند مغادرتي الخرطوم فجر اليوم الأخير من الأسبوع الأول من ذات الشهر ، بدأت تتناقص الآن لتصبح اكثر قربا من موعد الاستفتاء المضروب ، ولازالت الكثير من التساؤلات حائرة بلا إجابات حتى داخل أذهان من يمسكون بالملفات هذا ما سمعته منهم . دبلوماسية عالية وتحفظ بلا انتهاء الاتحاد الافريقي الذي انخرط منذ بداية الاسبوع الماضي في اجتماعات متواصلة لوضع ميزانية العام الجديد واعداد تقارير العام المنصرم ، اخبرني احد اعضاء لجانه ان قضايا السودان العالقة وعلى رأسها ماتبقي من اتفاق السلام هو شغلهم الشاغل الان ، فالخوف من انزلاق الاوضاع بالبلاد نحو العنف يسيطر على الجميع، واضاف بدبلوماسية عالية نحن في انتظار شركاء السلام ليطلعونا علي افكارهم ،واردف الوقت يمضي ولم يتبق الكثير حتي يبدد ، فالكل يجمع على ان التاسع من يناير لابد من الوصول اليه لكنهم يتفقون ايضا علي شئ مهم وهو طريق الوصول الي نهاية الفترة الانتقالية فالطريق الحالي ليس آمن بشكل كبير ، فالترتيبات التي تسبق عملية الاستفتاء غير كافية وحتي ضمانات مابعد الاستفتاء والقبول بنتائجه تحمل الكثير من المخاوف لكن لا احد يمكنه الحديث او المطالبة بالتأجيل هذا ما لمسته فكل الاطراف هناك تريد ان تحافظ علي حياديتها التي تتمتع بها بين طرفي السلام «المؤتمر الوطني والحركة الشعبية» ، فممثل الامين العام للامم المتحدة بالسودان هيلي منقريوس عندما طلبت منه التعليق على ما يدور الان اخبرني ان الامر في غاية الحساسية ولا احد يمكنه المطالبة بالتأجيل او غيره لكن الكل يريد ان يستمع من الطرفين ويتعرف على مايفكر به الان ، و قال بعد ذلك يمكن ان تطرأ بعض الامور عقب انطلاق التسجيل تساعد على احداث اختراقات تنعكس بشكل ايجابي على الارض . ممايخاف الافارقة الان ؟ على الرغم من اتفاق الجميع داخل الاتحاد الافريقي على تنفيذ اتفاق السلام والمضي نحو تقرير المصير لشعب الجنوب كما هو محدد في التاسع من يناير الا ان اقتراب الموعد كما ذكرنا انفا يزيد من وتيرة المخاوف داخل القلعة الحصينة التي ترقد في مساحة ال 30 فدانا بالعاصمة الساحرة اديس، فالاتحاد الافريقي هذه الايام لا تخلوا حركته دون ان يذكر اسم السودان ، هذا ما اكده لنا نائب السفير ومندوب السودان لدي الاتحاد الافريقي اكوي بونا ملوال، ولمسناه بأنفسنا هناك فعدم اكتمال التحضيرات اللازمة للاستفتاء والقضايا العالقة هي مايخيف الافارقة الان ، فالوقت يمضي و لم يتبق سوي شهر ونصف ، والجميع حسب «اكوي» يخافون من ان تكون الدولة الوليدة فاشلة من النواحي الامنية والادارية مما يصعب عليهم تقديم المساعدة التي وعدوا بها حال اختار الجنوبيون الانفصال لكن حتي المساعدات التي سوف يقدمها الاتحاد الافريقي وضع لها شروطا محددة وهي الامن وعدم الانزلاق في عنف انعكاساته سوف تكون سالبة على كل القارة وليس السودان لوحده وهو الامر الذي يخيف الدول الافريقية فخلافا للاعباء التي سوف يتحملها الاتحاد الافريقي الذي يعاني من ملاحقة الكثير من الصراعات سوف تتضرر دول كثيرة بسبب حالات النزوح المتوقعة اذا انفجرت الاوضاع . الحركة الشعبية ورمزية امبريال نهار مغادرتنا اثيوبيا كانت الامطار تهطل بشكل متواصل منذ الصباح ، وهو اليوم المحدد لانطلاق عمليات التسجيل لابناء الجنوب المقيمين هناك بكشوفات الناخبين للاستفتاء ، والذي يقدر عددهم ب 25 ألف ، اغلبهم يقيمون بولاية قامبيلا الحدودية مع جنوب السودان منذ ايام الحرب الاهلية ، هم الان هدف للطرفين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني فاديس هي احدى العواصم الخارجية التي سيختار فيها الجنوبيون البقاء ضمن الحدود القديمة للدولة او الانفصال واقامة دولة جديدة ، الحركة الشعبية من جانبها التقت بهم ليومين متواصلين وخاطبهم وزير الشباب بحكومة الجنوب ماكويج تين وعدد من قيادات الحركة والبرلمانيين بالجنوب وطالبوهم بضرورة التسجيل ضمن كشوفات الاستفتاء ، وحضر اللقاء الذي نظمه مكتب المتابعة بحكومة الجنوب هناك مايقارب 2ألف شخص جلهم من الشباب بقاعة فندق امبريال اديس بعد ان تعذر قيام الاحتفال بمعسكر اقامتهم، وعلى الرغم من الحشد الكبير الا ان عضو مفوضية مراجعة الدستور اقوك ماكور قال ان الحضور كان يمكن ان يكون اكبر بكثير ، واضاف لم يأت الجميع لبعد المسافة لكن الكل حريص على التسجيل وممارسة حقهم الدستوري ، الا ان مكان الاحتفال الذي شاركت فيه مجموعات غنائية من الجنوب كان ذو دلاله تاريخية فالقاعة التي شهدت اللقاء هي نفس القاعة التي تم فيها التوقيع على اتفاقية اديس ابابا 1972م . الوطني علي الخط لم تنته رحلتنا والتي كان يومها الاخير مزدحما بالكثير من المتابعات ومطاردات بعض القضايا ، فالاستفتاء الذي انطلق تسجيله هناك كنا نظن ان سفارة البلاد جزء من ترتيباته لكن خاب ظننا فهو تحت اشراف منظمة العمال حسب افادة اكوي لنا والسفارة لا دخل لها بالامر ، انطلقنا بعد ذلك لمتابعة بعض الملفات الاخري ، هذه المرة التوقف كان عند وفد المؤتمر الوطني الذي وصل العاصمة الاثيوبية قبل انطلاق التسجيل بيوم ويعمل على الالتقاء بالجنوبيين هناك من اجل دعوتهم للوحدة هذا ما قاله لي المسؤولون في حزب المؤتمر الوطني عند لقائي بهم برفقة السكرتير الثالث بالسفارة حسني مصطفى ، وتطرق الحديث الي عدة اتجاهات لكن التصميم الذي تحدث به المبعوثون لاداء مهمة الاستفتاء من قبل الشريك الاكبر رغم اعترافهم بصعوبة المهمة التي سوف يتصدون لها يشير الي ان الوطني لا يريد ان يترك مساحات تحرك مريحة للحركة الشعبية ، هذا ما قاله لي احد اعضاء الوفد، واضاف نعلم ان الوقت قد مضي وخطتنا كانت معدة للانطلاق منذ فترة، لكن بعض الامور هي التي عطلتها لكننا نتحرك دون توقف المزاج الجنوبي الان يميل للانفصال وهو لا يوقفنا من العمل .