من معاني الذكر التهليلُ والتكبيرُ وذكرُ الله بأسمائهِ الحُسنى ، وَقد أمر القرآن بالذكر في آياتٍ كثيرة ، كما أمرنا أن نَدْعُوَا اللهَ أو ندعوا الرحمن ، قال عزّ وجل : )قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ..([1] وقال : ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا [2]( ، وقال عزَّ من قائل : ) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ([3] وغيرها من الآيات. ثانياً : القول في الذكر في جماعة : قال تعالى : )فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ([4] ، يذكر ابن كثير في تفسير هذه الآية ، رافعاً حديثاً عن أبي أراكة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه يصف أصحاب رسول الله « فإذا أصبحوا فذكروا الله مادوا (أي تحركوا) كما يميد الشجر في يوم الريح ، وهملت عيونهم حتى تبتل - والله - ثيابهم « . - وورد عن النبيِّ مما يشجع على رفع الأصوات بالذكر في قوله : « جاءني جبريل فقال : مُر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتكبير» . - وكان سيدنا سلمان الفارسي في عصابة يذكرون ، فقال لهم رسول الله : «ما كنتم تقولون ؟ قلنا : نذكر الله ، قال «إني رأيت الرحمة تتنزل عليكم فأحببت أن أشارككم فيها « . - وجاء في مسند أبي داؤود أنه قال :» لئن أقعدُ مع قومٍ يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إليّ من أن أعتق رقبة ولد إسماعيل «.. وورد في صحيح مسلم عن معاوية رضي الله عنه قال : « خرج رسول الله على حلقة من أصحابه ، فقال : « ما أجلسكم ؟ قالوا : جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده على ما هدانا للإسلام ، ومنّ علينا به ، قال : «والله وما أجلسكم إلا ذاك (كررها ثلاثاً) ثم قال : « أما أني لم أستحلفكم تهمة لكم ، ولكن أتاني جبريل فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة « . ثالثاً : القول في فضل الجمعة : مما جاء في فضل الجمعةِ : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله : « خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه أُهِبطَ ، وفيه ِتيبَ عليه ، وفيه مات ، وفيه تقوم الساعة ، وما من دابة وهي مصبحة يوم الجمعة من حين يصبح حتى تطلع الشمس شفقاً من الساعة إلا الجنّ والإنس ، وفيها ساعة لا يُصادفها عبد مسلم وهو يصلي يسأل شيئاً إلا أعطاه إياه».. وقال : « في يوم الجمعة اثنتا عشر ساعة لا يوجد عبد مسلم سأل الله تعالى شيئاًً إلا أتاه إياه» . وقال : « إن أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فيه خلق آدم وفيه قُبض وفيه النفخة وفيه الصعقة ، فأكثروا من الصلاة عليّ فيه ، فإن الصلاة فيه معروضة عليّ . ومن صلى عليّ يوم الجمعة صلاةً واحدةً صلى اللهُ عليه وملائكته ألف صلاةٍ ، وكُتبَتْ لهُ ألفَ حسنَةٍ ، وحطت عنه ألفُ خطيئة ، ورُفعَتْ له ألف دَرَجة». رابعاً : القول في فضل عصر الجمعة : ذكر أبو داؤود في مسنده ، قال : « لئن أقعدَ مع قومٍ يذكرون الله تَعالى من صلاةِ العصرِ حتى تغرب الشمس ، أحب إلىّ من عتق رقبة فيه» . وورد في الحديث القدسي إن الله عزّ وجل يقول : «عبدي أذكرني بعد الصبح ساعةً وبعد العصر ساعة ً أكفك ما بينهما «. ذكر الإمام مسلم في صحيحه عن النبي في ذكر فضل الجمعة قوله « إن فيها ساعة لا يوافيها عبد مسلم وهو قائم يُصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه». ويحدد النَّبيُّ هذه الساعة في يوم الجمعة بقوله « إن الساعة التي يُتَحَرَّى فيها الدُّعاء يوم الجمعة ، هي آخر ساعة منْ يومِ الجمعة». وقوله : ( وهو قائم يصلي) لا يتنافى مع قوله رضي الله عنه:» إذا طلع حاجب الشمس فَدَعوا الصلاة حتى تَبرز وإذا غاب حاجب الشمس فَدَعوا الصلاة حتى تغيب ، ولا تحيّنُوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها ، فإنها تطلع بين قرني الشيطان « رواه البخاري. وقد جاء في تفسير الصحابي عبد الله بن سلام لقوله :» إن الساعة التي لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه « هي آخر ساعة من يوم الجمعة . فقال له أبو هريرة : كيف تكون آخر ساعة والرسول يقول: «لا يصادفها عبد مسلم وهو قائم يصلي وهي ساعة لا صلاة فيها . فقال : عبد الله بن سلام : ألم يقل النبيُّ : «من جلس مجلساً ينتظر فيه الصلاة فهو في صلاة حتى يصلي ..» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. خامساً : القول في الوقوف والذكر في عصر الجمعة: مما تقدم يتبين لنا أن الوقوفَ على حلقات الذكر في هذه الساعة ، هو بمثابة الصلاة ، كما ينص على ذلك الحديث الشريف ، ومجلس الذكر الذي يقف فيه المسلم منتظراً فيه الصلاة في عصر الجمعة فالواقف فيه في صلاة حتى يحين موعد صلاة المغرب ، علاوة على فضل الساعة بعد العصر والتي ذكرها النبيُّ r : « لايوافيها عبد مسلم يسأل الله إلا أعطاه «. فالرسول r يأمرنا بالقيام في هذه الساعة قبل مغيب الجمعة ذكراً وصلاة ودعاء مستجاباً « إن الساعة التي يتحرى فيها الدعاء يوم الجمعة هي آخر ساعة في يوم الجمعة «. سادساً : القول في (عصري الجمعة) بمسجد الشيخ العبيد ود بدر:- يقول الفقير إلى الله الشيخ العبيد ود بدر : « سألت الله أربعة لا تغيب عن مسجدي : (القرآن ، والأذان ، قدح الضيفان، وطبل الجيلان) . والجيلان هو الشيخ عبدالقادر الجيلاني القطب البغدادي والذي أقر الإمام أحمد بن تيمية في كتابه العقيدة الواسطية بولايته ومكاشفاته وكراماته. وقوله طبل الجيلان إشارة إلى ذكر عصر الجمعة الذي أصبح راتباً في مسجد الشيخ العبيد لقرنين من الزمان ، ذلك الذكر الذي يُفتَتًحُ بكلمة التوحيد ، (أعلم أنه لا إله إلا الله ) ، ويختتم بقوله تعالى : ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ). روي عن الإمام علي كرم الله وجهه قوله « من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر ، فليكن آخر كلامه من مجلسه ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ). أيها الأخوان والأحباب ، ندعوكم على المواظبة والحضور (لذكرعصر الجمعة ) حتى تكتالوا بالمكيال الأوفى من الأجر ، ولله الفضل أولاً وآخر وهو الهادي إلى سواء السبيل . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين * وكيل حلقات الذكر بمسجد الشيخ العبيد ودبدر بأم ضوبان