ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النفط ..جدلية الوحدة والانفصال (2-3)
نشر في الصحافة يوم 05 - 12 - 2010

هذه الورقة من تقديم الاستاذ/ عادل احمد ابراهيم والتي قدمت في المؤتمر العلمي الرابع تحت عنوان (قضايا ما بعد الاستفتاء ) برعاية مستشار رئيس الجمهورية الدكتور / مصطفي عثمان اسماعيل في 28-29 نوفمبر 2010م بقاعة مؤتمرات الشهيد الزبير محمد صالح
مركز داناكوم للخدمات الاعلامية
الخرطوم - لندن
الانتاج التجاري للنفط السوداني
بدأ الإنتاج التجاري للنفط في السودان عام 1999م في حدود 150 ألف برميل/ اليوم، ويتوقع أن يصل متوسط الإنتاج بنهاية عام 2005م إلى 500 ألف برميل/ اليوم13، وكان عائد الصادرات من النفط في ذلك العام 275,9 مليون دينار، استبشر الناس خيراً بأن عائدات النفط سوف تسهم في تسحين حياتهم بدعم التعليم والصحة والزراعة والصناعة والخدمات، لكن فرحة الناس لم تدم طويلاً، بل أصيبوا بالدهشة عندما أعلنت الحكومة زيادة أسعار السكر والبترول عام 2003م علماً بأن الصادر من البترول عام 2003م كان 280,000 برميل / اليوم، وكان من المتوقع أن تخفض الحكومة أسعار المواد النفطية للاستهلاك المحلي، ولكن حدث العكس فبدلاً من تحسين حياة المواطن السوداني تم إفقاره بزيادات في الأسعار، وبدأنا نتأمل في تجربة نيجريا التي باعت نفطاً يقدر بالبلايين من البراميل إلى شركات نفطية غربية، وأصبحت أكثر فقراً بدلاً من أن تتحول إلى دولة أكثر غنيً، كما استخدمت عائدات البترول في إذكاء نار الحروب الأهلية وتدمير البيئة وانتشار الأمراض الخطيرة كالإيدز14.
ولكن إذا عُرف السبب بطل العجب، على سبيل المثال، بلغت عائدات البترول في عام 2000م 250مليون دولار بينما بلغت جملة العائدات حوالي 1,3 مليار دولار ذهبت منها 780 مليون دولار للشركات المستثمرة في مجال النفط في السودان (60 % للشركات، 40% للحكومة)، بالإضافة لمبلغ ال 120 مليون دولار التي تذهب لسداد القروض الخارجية، فإن الحكومة تلتزم بدفع 60 مليون دولار سنوياً (لمدة خمس سنوات) لسداد قرض مصفاة الجيلي، كما تبتلع الاحتياجات الأمنية نسبة كبيرة من عائدات البترول، إضافة للتكلفة العالية للإنتاج، على سبيل المثال كان سعر برميل البترول 21 دولاراً عام 2000م بينما كانت تكلفة الإنتاج 19 دولار (الأيام: 12/11/2001م)، وفي ذلك العام كان سعر الخروف 75 دولاراً بينما يكلف بضعة دولارات كما لاحظ الأستاذ/ السر سيد أحمد.
على أن عائدات النفط التي تتكون من بيع النفط ومشتقاته قد أسهمت في أن يتخلص السودان من عبء فاتورة النفط المستورد الذي كان يكلف الخزينة العامة للدولة: 350 400 مليون دولار سنوياً والتي كانت تساوي 80% من عائدات الصادر.
كما قامت منشآت أو بنيات تحتية للنفط، وهي كما وردت في مجلة النفط والغاز (الأعداد من 1 6)، وكما وردت أيضاً في كتاب المستشار سيف الدين حسن صالح: البترول السوداني: قصة كفاح أمة على النحو التالي:
1. من أهم الاستثمارات إنشاء خط أنابيب الصادر (النفط السوداني بمشتقاته) الذي بلغ طوله: 1610 كيلومتر وقطره 28 بوصة ، وسعته حوالي 5 مليون برميل، وبلغت تكلفة الإنشاء 1,2 مليار دولار، أما الشركات التي ساهمت في تنفيذ خط الأنابيب هي (CPECC) الصينية، (CNPC) الصينية، تكنيت الأرجنتينية، (CPTDC) الصينية، ماتيسان الألمانية (OGP) الماليزية، كما ساهمت شركات سودانية في تنفيذ خط الأنابيب مثل: شركة دال، هجليج لخدمات النفط، دانفوديو، النورس...الخ.
2. أما مصافي النفط التي قامت في السودان فهي:
- مصفاة بورتسودان وطاقتها الإنتاجية 25 ألف برميل/ اليوم (متوقعة).
- أبو جابرة وطاقتها الإنتاجية 20 ألف برميل/ اليوم وتنتج النافتا والجازولين متوقعة.
- الأبيض وطاقتها الإنتاجية 15 ألف برميل/ اليوم وتنتج النافتا والكيروسين والجازولين والفيرنس.
- الخرطوم وطاقتها الإنتاجية 50 ألف برميل / اليوم بلغت 90 ألف برميل في 2006م
- الشجرة لم تعمل منذ إنشاءها في عام 1999م مصممة لتكرير 10 ألف برميل يومياً.
كما أنه من المتوقع إنشاء خط أنابين الصادر الجديد بالجيلي الذي يبلغ طوله 800 كيلومتر، وقطره 12 بوصة، وبتمويل وتنفيذ شركة (ONGC) الهندسية، وبتكلفة تقدر ب 194 مليون دولار، ومتوقع أيضاً إنشاء مصفاة بورتسودان الجديدة التي تبلغ طاقتها التكريرية 100 ألف برميل/اليوم، وبتكلفة 700 مليون دولار.
3. كما أنجزت شركة النيل الكبرى (GNPOC) ميناء بشائر، وقد امتدت الأنابيب داخل البحر الأحمر بطول 1820 متراً وذلك لشحن السفن بخام النفط السوداني والضخ للناقلات البحرية العملاقة التي تبلغ حمولتها أكثر من مليوني برميل في خلال 24 ساعة.
* ويتم الآن استخراج 300 ألف برميل / اليوم من حقلي هجليج والوحدة، فمن هذا الحقل يخرج أطول خط أنابيب عرفته بلادنا لنقل هذه الكميات حتى ميناء التصدير (بشائر)، ويتم حالياً العمل في حقل سارجان (Tharjath & Mala) الذي يقع في ولاية الوحدة مربع (5أ)، وهو منطقة امتياز شركة النيل الكبرى لعمليات البترول، ويقدر احتياطي الخام بهذا الحقل بحوالي 250 مليون برميل قابلة للاستخراج، وتقوم بالاستثمار في هذا المربع شركة (WNPOC) وهي عبارة عن كونسورتيوم يضم عدداً من الشركات النفطية حيث تمتلك شركة بتروناس الماليزية 68,875% من الأسهم، وشركة (ONGC) الهندية 24,120%، كما أن شركة سودابت السودانية تمتلك 7%) وبتنفيذ هذا المشروع سوف يمكن زيادة إنتاجنا من خام النفط إلى أكثر من 500,000 برميل في العام 2006م15.
* كما يقدر احتياطي السودان من النفط بحوالي 2 مليار برميل ومن المتوقع زيادتها إلى 4 مليارات برميل عام 2010م، كل هذا يزيد من حدة الصراع السياسي في السودان، ويرفع من وتائر التدخل الدولي من أجل هذه الموارد، وكما أشارت صحيفة الجارديان البريطانية الواسعة الانتشار إلى أن النفط سيكون القوة الدافعة الرئيسي في أي غزو عسكري خارجي للسودان، وخلصت إلى أن التدخل العسكري المحتمل في السودان سيوفر خزاناً نفطياً ضخماً وغير مستغل في جنوب السودان وفي جنوب إقليم دارفور، إضافة لاهتمام الولايات المتحدة بإمكانية نقل النفط السوداني عبر تشاد والذي يتم نقله حالياً عبر خط طوله 1610 كلم إلى ميناء بشائر على البحر الأحمر16
كما تقوم دول غرب أفريقيا حالياً بإمداد الولايات المتحدة بحوالي 15% من الاحتياجات البترولية، إلا أن مجلس الاستخبارات القومي الأمريكي قدر ارتفاع هذه النسبة إلى 25% بحلول عام 2005م17.
كما أنه من القوة الدافعة للصراع المحلي والعالمي في دارفور، إن أهداف أمريكا هي الثروة التي تكمن في السودان، ودارفور تحاذي بحيرة النفط الممتدة من إقليم بحر الغزال مروراً بتشاد والكاميرون، وهي من الأسباب التي جعلت أمريكا تهتم بتلك المنطقة، إضافة لثروة دارفور المعدنية مثل النحاس واليورانيوم والثروة الزراعية والحيوانية.
كما نلاحظ تكوين مجموعة شراكة كونسورتيوم في مربع (2) الذي يقع في ولاية جنوب دارفور وجزء من ولاية شمال بحر الغزال، ويتكون كونسورتيوم من: شركة كليفدين بتروليم السويسرية التي تملك 27% وشكة هاي تك (Hi - Texch) وتملك 28%، وشركة سودابت وتملك 17%، وولاية الخرطوم وتملك 10%، وشركة هجليج وتملك 8%، وتم حفر بئر استكشافية بتكلفة 18 مليون دولار (مجلة النفط والغاز: سبتمبر 2004م) هذا بالإضافة للاستثمار في حقول جديدة بالجزيرة (منطقة أبوجن التي تعمل فيها شركة ظافر الباكستانية) والشمالية ونهر النيل.
ومعلوم أن أحواض النفط في السودان كما رشح حتى الآن 6 هي حوض النيل الأزرق، وحوض ملوط، وحوض المجلد، وحوض البحر الأحمر وحوض المردي، وحوض جبل أبيض.
كما أنه من المعلوم أن خام النفط السوداني من الخامات الخفيفة التي تنخفض فيها نسبة الكبريت الملوث للبيئة، كما أن النفط الخام يتم تحويله إلى مشتقاته المعلومة مثل: الجازولين ، البنزين العادي، النافتا، الكيروسين، البوتاجاز، الفيرنس، والبتروكيميائيات التي تستخدم في الصناعات البلاستيكية.
الشاهد من المعلومات السابقة، أنه ظهر رافد جديد في الاقتصاد الوطني، وهو النفط .
قسمة عائدات النفط في اتفاقية نيفاشا
أشارت المبادئ الموجهة لإدارة وتنمية قطاع البترول في اتفاقات نيفاشا التي تم التوقيع عليها في 9/1/2005م، إلى الآتي:
- يتفق الطرفان على أن أساس الإطار المحكم، المتفق عليه لتنمية قطاع البترول خلال الفترة الانتقالية يتضمن استغلالاً مستداماً للبترول كمصدر طبيعي غير متجدد متفقاً مع:
(1) المصلحة القومية والصالح العام.
(2) مصلحة الولايات / الأقاليم المتأثرة.
(3) مصالح السكان المحليين في المناطق المتأثرة.
(4) السياسات القومية للبيئة وأسس المحافظة على التنوع الحيوي ومبادئ حماية التراث الثقافي (3 1 1، أ،ب،ج،د).
كما أشارت إلى الاهتمام اللازم لتهيئة المناخ المناسب لتدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة من خلال تقليص المخاطر، المتصلة بعدم التثبت من نتائج الاستفتاء لتقرير المصير في نهاية الفترة الانتقالية (313).
كما أشارت إلى تهيئة مناخ اقتصاد كلي مستقر يعزز على استقرار قطاع البترول (314).
كما اتفق الطرفان على إنشاء مفوضية قومية مستقلة للنفط خلال الفترة قبل الانتقالية وتتخذ قراراتها بتوافق الآراء (32).
كما حددت الاتفاقية أسس تكوين المفوضية ومهامها (3341). كما أشارت الاتفاقات إلى عقودات النفط الراهنة وتم الاتفاق على الآتي:
(41) تعين الحركة الشعبية لتحرير السودان عدداً محدداً من الممثلين لبحث كل عقود النفط الراهنة وللممثلين الحق في الاستعانة بخبراء فنيين، ويوقع كل أولئك الذين يحق لهم الإطلاع على العقود اتفاقات بالتزام السرية.
(42) لا تخضع العقود لإعادة التفاوض.
(43) إذا رؤى العقود تتمثل على ما يتسبب في مضار بيئية واجتماعية أساسية تتخذ حكومة السودان الإجراءات العلاجية اللازمة.
(44) يتفق الطرفان على أن عبارة «العقود الراهنة» تعني العقود التي تم التوقيع عليها قبل تاريخ توقيع اتفاقية السلام الشامل.
(45) الأشخاص الذين تنتهك عقود النفط حقوق ملكيتهم للأرض، يحق لهم التعويض، وعند إثبات بموجب إجراء قانوني صحيح يكون أطراف العقد ملزمين بتعويض الأشخاص المعنيين بقدر حجم الضرر الواقع عليهم.
(46) يتفق الطرفان على تخصيص نسبة لا تقل عن 2% من إيرادات البترول للولايات / الأقاليم المنتجة للنفط حسب الكمية المنتجة في تلك الولايات/ الأقاليم.
(47) بعد الدفع لحساب تثبيت إيرادات النفط للولايات/ الأقاليم المنتجة للنفط يخصص الخمسون في المائة المتبقية للحكومة القومية وولايات شمال السودان.
كما أشارت الاتفاقية إلى الآتي:
(48) ينشأ صندوق لأجيال المستقبل عندما يصل الإنتاج القومي للنفط إلى مليوني برميل يومياً (2مليون)، ويجوز أن يخفض هذا المعيار الإنتاجي إلى مليون برميل يومياً كجزء من الإجراءات العادية في موازنة الحكومة القومية.
(49) يتفق الطرفان على أن تكون الصناديق والحسابات الخاصة المشار إليها في هذه الاتفاقية والحسابات المستقبلية في إطار عمليات الموازنة.
الشاهد من أعلاه أنه أصبحت قسمة عائدات النفط بين الجنوب والشمال مناصفة بعد خصم نصيب الولايات المنتجة (2%) ومعلوم أن حكومة السودان قبل ذلك كانت قد وقعت اتفاقية السلام بينها والفصائل المقاتلة في جنوب السودان (أبريل 1997م)، وكانت قسمة عائدات النفط كالآتي:
- 75% للجنوب، و25% للحكومة الاتحادية، ولكن الاتفاقية ذهبت ريحها، ولم يتم ذلك التقسيم.
- أشار د. منصور خالد في صحيفة الرأي العام بتاريخ: 15/8/2004م وتحت عنوان «بروتوكولات نيفاشا.. البدايات والمآلات، المقال الثامن (12) إلى الآتي» إن من بين القضايا التي أثارت جدلاً كبيراً تخصيص 50% من صافي إيرادات النفط للجنوب، هذا النص يتعلق أولاً بالنفط المنتج في الجنوب، وكان من رأي الحركة أن يتوصل الطرفان لاتفاق يتم توزيع نسب معينة من صافي إيرادات النفط الذي ينتج في الشمال والجنوب معاً على كل ولايات القطر وإقليمه حسب احتياجاتها الخدمية والتنموية مع الإبقاء على نسبة معينة للحكومة القومية لمجابهة واجباتها الإدارية والأعباء التنموية والخدمية الموكلة لها عبر القطر، هذا الاقتراح لم يجد قبولاً من جانب الطرف الحكومي المفاوض».
- يواصل د. منصور ويقول: «أن بروتوكولات نيفاشا ليس هو الاتفاق الأول الذي تعهدت فيه الحكومة باقتسام نفط الجنوب مع طرف جنوبي، ففي اتفاقية الخرطوم: 21/4/1997م18 ، وافقت الحكومة على تخصيص 75% من عائدات نفط الجنوب للجنوب، ونذكر أن تلك النسبة 75% هي النسبة التي اقترحتها ابتداءاً الحركة كنصيب للجنوب، ومن الواضح أن ذلك الرقم لم يجئ من فراغ، ثمة احتمالات، إما أن الذين يدقون الطبول اليوم من بين أنصار النظام ضد من وصفوهم ب»المتنازلين» لا يستذكرون ما جاء في اتفاقية الخرطوم، ولهذا من حقهم علينا أن نذكرهم به، وإما أنهم يعرفون أن اتفاق السلام من الداخل كان وعداً كاذباً، أي أنه كان إعادة تدوير لكل وعود الشماليين للجنوب منذ ديسمبر 1955م).
- كما أشار د. منصور إلى «أن الهدف من نسبة ال 50% الارتقاء بمستوى الجنوب للمستوى الذي عليه ولايات الشمال، كما أن ال 50% للفترة الانتقالية».
- أما الأستاذ/ محمد على جادين فقد أشار19 إلى «أن التقسيم بالمناصفة سيدفع الجنوب للمطالبة بعائدات نفطية كاملة وسيغذى الاتجاهات الانفصالية في وسطه وداخل الحركة الشعبية نفسها».
- أما باقان أموم القيادي بالحركة الشعبية فقد أشار20 إلى «أن تقسيم عائدات النفط بين الحكومة والحركة الشعبية سيدفع الأقاليم للمطالبة بثرواتها، وقد يمتد ذلك إلى المطالبة بنصيبها في المشروعات القومية غير النفطية مثل مشروع الجزيرة، القائمة في مناطقها، حيث ظلت عائداتها تذهب للخزينة العامة وتستفيد منها كل أقاليم البلاد طوال العقود السابقة».
- كما أشار التجمع الوطني الديمقراطي في بيانه حول اتفاقات السلام المنشور21 حول قسمة الثروة إلى الآتي:
« اتفاقية قسمة الثروة تلتزم معايير جغرافية وإقليمية في إعادة تقسيم الثروة (خاصة عائدات النفط) بين الشمال والجنوب، لكنها جاءت في شكل الحساب التجاري والمصلحى، وفي الوقت نفسه تتجاهل ضرورة التخطيط الاقتصادي الاجتماعي ودور الدولة والقطاع العام في إحداث تنمية شاملة ومتوازنة في كل أقاليم البلاد، والاتفاقية تنطلق من البرنامج الاقتصادي الحكومي الجاري تنفيذه الآن لتركز ضمنياً على اقتصاد السوق ودور القطاع الخاص والعلاقة مع مؤسسات التمويل الدولية، ومثل هذا المنهج لن يساعد في تنمية الجنوب والمناطق المهمشة الأخرى، وإنما سيعمل على توسيع أوضاع التهميش في كافة الأقاليم لمصلحة مراكزها الحضرية وفئاتها الطفيلية والبيروقراطية، ومن المهم هنا ربط إعادة الأعمار والبناء بخطة اقتصادية اجتماعية عامة يضعها مؤتمر اقتصادي قومي، خطة تراعي تنمية قدرات الاقتصاد الوطني بشكل عام والاستجابة لمتطلبات المناطق المتأثرة بالحرب، والأقل نمواً بشكل خاص، وذلك بالاستفادة من كافة الخبرات الوطنية في هذا المجال، ومن دروس تجاربنا في المراحل السابقة بدلاً من ترك هذه المهام للخبرات الأجنبية ومؤسسات التمويل الدولية».
- أما د. التجاني الطيب إبراهيم الخبير بصندوق النقد الدولي فيشير22 إلى أهمية مركزة عائدات النفط للاعتبارات الآتية:
* الحكومة المركزية تستطيع التحكم بقدر أحسن في تقلبات وضبابية أسعاره لأن لها في العادة قاعدة ضريبية أوسع أقل ارتباطاً بأسعار النفط من السلطات الولائية أو الإقليمية.
* بإمكان الحكومة المركزية أن تساهم في العدالة الأفقية بإعادة توزيع النفط بين المناطق غنية وفقيرة الموارد، وكمورد غير دائم، فالنفط لا يمكن الاعتماد عليه كمصدر عائدات أساسي في المدى الطويل بالنسبة للحكومات الإقليمية، إذ أن تجارب الدول النفطية قد دلت على أن العائدات النفطية أكثر تقلباً من العائدات الكلية، هذا فضلاً عن أنه في معظم الأحيان يكون تقسيم العائدات النفطية نتاج محاولات الحكومة المركزية إرضاء توجهات انفصالية.
كما أشار الكاتب إلى إضرار قسمة العائد النفطي وما تثيره من جدل وخلل بإدارة الاقتصاد الكلي والانضباط المالي، وأشار إلى أن البديل هو إعطاء عوائد محددة كرسوم الإنتاج مثلا للحكومات الإقليمية، الرسوم المحددة والمرتبطة بالإنتاج بدلاً من الأسعار، قد تكون مستقره نسبياً، وهي حتماً أجدي وانفع لمحاربة الأضرار البيئية، وخير مثال لذلك الولايات المتحدة وكندا.
ويخلص الكاتب إلى ضرورة أن يستمر السودان في مركزة عائدات النفط بشكل كامل، لكن من إتباع هذه المركزة بإجراءين مهمين:
(1) تحديد عائد معقول يضمن للإدارة الإقليمية سيطرة على بعض نسب الضرائب الرئيسية بعد التأكد من وجود إدارة مالية قوية ذات مصداقية وشفافية.
(2) وضع نظام تحويلي مالي محكم شفاف مبني على أسس متساوية ويعطي مستوى مستقر من موارد التمويل للخدمات العامة، بما في ذلك مشاريع البنيات التحتية التي تقوم بها الحكومات الإقليمية وفق جدول يحدد أسبقيات كل إقليم وأولويات التنمية المطلوبة بين الأقاليم».
- أما المستشار الاقتصادي: سيف الدين حسن صالح فيري في كتابه «النفط السوداني»... قصة كفاح أمة» ضرورة «تقسيم الثروة على أساس قومي وليس على أساس جغرافي ويقترح إنشاء مجلس قومي للنفط السوداني» (رقابة وإدارة عائدات النفط السوداني»23.
ويبدو من ما أورده د. منصور خالد في المقال المشار إليه أعلاه أن الحركة اتخذت موقفاً سلمياً ينطلق من أرضية قومية عندما اقترحت في التفاوض، ضرورة أن يتوصل الطرفان لاتفاق يتم فيه توزيع نسب معينة من صافي إيرادات النفط السوداني الذي ينتج في الشمال والجنوب معاً على كل ولايات القطر وأقاليمه حسب احتياجاتها الخدمية والتنموية مع الإبقاء على نسبة معينة للحكومة القومية لمجابهة واجباتها الإدارية والأعباء التنموية والخدمية الموكل لها عبر القطر، ولكن هذا الاقتراح لم يجد قبولاً من جانب الطرف الحكومي المفاوض، وهذا يعني أن الحركة استجابت لاقتراح الحكومة وبدأت ب 75% من عائد النفط للجنوب حتى تم الوصول إلى نسبة ال 50%.
أن خطورة الطريقة التي تمت بها قسمة عائدات النفط في الاتفاقية، قد تري فيها بعض الاتجاهات الانفصالية في الجنوب والحركة الشعبية قسمة ضيزى وتطالب بكل نفط الجنوب، وبالتالي تغذي النعرات الانفصالية ليس في الجنوب فحسب، بل في بقية أقاليم السودان، كما أن هناك خلل في طريقة التوزيع بالمناصفة والتي قد لا تراعي الاحتياجات الفعلية للتنمية في الجنوب، كما أشار اليجا ملوك مدير بنك السودان في الجنوب في مقابلة معه24 إلى أن «ال 50% من عائدات النفط تبدو بسيطة وغير كافية بالنسبة للجنوب، إذا وضعنا عملية التنمية وإعادة الأعمار في الحسبان وهي تشكل تحدياً كبيراً لحكومة الجنوب والمواطنون في الجنوب بطبيعة الحال فقراء ومساكين». وهم يحتاجون لدعم كبير، ابتداءً من تشييد المدارس للتعليم، والمستشفيات للعلاج، وحفر آبار المياه، بالإضافة لتوفير القوت والغذاء والذي سيتم بجلب الذرة من القضارف وحتى أقاصي الجنوب».
عامل آخر لابد أن نضعه في الاعتبار وهو التقلبات في أسعار النفط ، هذا إضافة إلى أن الاتفاقية لم تحدد نسبة من عائدات النفط للمحافظة على البيئة في الجنوب وطبيعته الخلابة وما تزخر بها من ثروات طبيعية وسياحية، ولقد أشارت الدكتورة آن تبتو أحد القيادات النسوية في الحركة الشعبية في مقابلة معها25 إلى النفط والأخطار البيئية:
أشارت د. آن أن استخراج النفط في الجنوب قد أفرز عدة مشاكل بسبب عدم دراسة الأثر البيئي على المنطقة باعتبار أن تسرب بعض الكميات من النفط يدمر البيئة ويؤثر على حياة الإنسان والحيوان، بالإضافة إلى الغاز الذي يحرق فيلوث الهواء، وقالت: تخوفي أن تكون هناك حقول نفط بالقرب من النيل أو منطقة المستنقعات لأن النفط سلعة نافدة، قد تنفذ بعد (10) أو (15) سنة، بعد أن تدمر البيئة، لذلك يجب عمل معالجات سريعة يصرف عليها من عائدات النفط ، بالإضافة إلى مسألة تأهيل البيئة»، وهذه في اعتقادي نقطة هامة أشارت لها الدكتورة آن.
وهناك أيضاً مشكلة النازحين الذين هجروا مناطقهم بسبب التنقيب عن النفط وضرورة تعويضهم، أشار د. جون قرنق في لقاء معه26 إلى أنه أثناء الحرب حدثت انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في إقليم أعالي النيل حيث أن شركات النفط مثل تلسمان الكندية مع الحكومة السودانية قامتا بترحيل أكثر من مائتي ألف مواطن من أعالي النيل قسراً، إلى جانب قتل المئات بغرض النفط ، كما تمت حماية حقول النفط بنصف الجيش الحكومي، وتسليح مجموعات كبيرة».
كما أشارت أيضاً د. آن إلى أن النازحين الذين هجروا مناطقهم بسبب التنقيب عن النفط سوف يتم تعويضهم عبر تمويل الزراعة وتربية الأبقار27.
وصفوة القول إن قسمة عائدات النفط كما وردت في اتفاقيات نيفاشا، قد تؤدي لمزيد من النزاع والتي قد يرى فيها بعض الجنوبيين قسمة ضيزي والمطالبة الكاملة بعائدات النفط وتكريس الانفصال، هذا فضلاً عن أنها لم تربط إعادة الإعمار بخطة قومية تعطي الاعتبار للمناطق المتأثرة بالحرب والأقل نمواً، هذاً فضلاً عن ضرورة محاربة الأضرار البيئية التي قد تنجم عن الاستثمارات في النفط في المنطقة، وضرورة تحويل عائدات النفط إلى التنمية والاستقرار وإعادة إعمار الجنوب ودعم الزراعة والتعليم والصحة والصناعة وعمل البنيات التحتية (طرق، سكك حديد......). هذا هو الطريق للتطور والذي يمنع إعادة إنتاج الأزمة والنزاع من جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.