حقق مؤتمر المانحين المنعقد بالكويت الأسبوع الماضي نجاحاً يحسب لأبناء شرق السودان الذين ذهبوا الى منبر الكويت ليكونوا شهوداً على تعاطف الدول المانحة مع قضاياهم التي ( تحنن قلب الكافر ) عوضاً عن الأسوياء من امة محمد ، فإنسان شرق السودان الذي مايزال يعيش كإنسان العصر الحجري تحيط به عوامل التهميش والجهل والفقر والمرض يستحق حياة كريمة افضل من الوضع الحالي ، وقد علم الكثيرون ان المرضى من اهل الشرق من سكان القرى المحرومة يحملون على ( الكارو ) لعدم وجود عربات اسعاف تقلهم الى اقرب مستشفى إن وجد وتموت الامهات وأجنتهن بسبب انعدام صحة الامومة والطفولة ، وعلموا ان الولاياتالشرقية ما تزال تنقصها المستشفيات والمدارس والمراكز الصحية وآليات التنمية الزراعية ويهيم الآلاف من شباب مدن الشرق على وجوههم بسبب حرمانهم من الوظائف ومشروعات تنمية الفرد والمجتمع ، من اجل ذلك تبرعت دولة الكويت بمبلغ خمسمائة مليون دولار ومائتان اخرى ستجد طريقها الى المستحقين الاساسيين بعد ان يكون ابناء شرق السودان الآلية المناسبة لتوظيف اموال المانحين بما ينفع سكان ولايات الشرق الثلاث . ومن اجل ذلك وعد الاوربيون بدعم شرق السودان بما يلزم عبر وكالات الاممالمتحدة باعتبار ان دول الاتحاد الاوربي تتحفظ على التعامل المباشر مع حكومة السودان الا انها لا تجد غضاضة في ايصال معوناتها الانسانية الى المتضررين من سكان الشرق ، وتبرعت المنظمات الكويتية بمبلغ عشرين مليون دولار او يزيد وتبرعت مصر بمبلغ مليون دولار بيد ان عدداً من الدول المدعوة احجمت عن التبرع لاعتبارات غير معلنة ولكن من الواضح انها تريد الإستيثاق من ماهية الآلية التي ستدير اموال المانحين ومدى وصول هذه الاموال الى مستحقيها باعتبار ان شكوكاً عديدة تحوم حول شفافية الآليات الرسمية التي عادة ما تشكلها بعض الدول الضالعة في الفساد لتتسلط بموجبها على اموال المانحين وتوجهها الى وجهات غير معلومة ولعل هذا يلقي بأعباء إضافية على ابناء شرق السودان وقواه السياسية المتمثلة في احزاب جبهة الشرق الاربعة الموقعة على اتفاقية اسمرا للسلام وكافة الفعاليات ومنظمات المجتمع المدني وقيادات الادارة الاهلية . نعم ان القائد موسى محمد أحمد مساعد رئيس الجمهورية رئيس مؤتمر البجا ود. مبروك مبارك سليم زعيم حزب الاسود الحرة ود. آمنة ضرار رئيسة حزب الشرق الديمقراطي والشاب عبدالقادر ابراهيم علي رئيس حزب الشرق للعدالة والتنمية وبقية احزاب وقوى الشرق الحية مطالبون جميعاً بالتصدي لمسؤولياتهم تجاه وصول اموال المانحين الى مستقرها عبر تكوين آلية أمينة ونظيفة وشفافة بالتنسيق والتعاون مع الحكومة الكويتية ممثلة في الهيئة الخيرية الكويتية باعتبار ان استكمال نجاح المؤتمر يتمثل في تكوين آلية ادارة الاموال بعيداً عن الوصايا والايدي العابثة . ان اهل الشرق يجب ان يستفيدوا من تجربة اهل دارفور الفاشلة حينما تم تضييع مليارات الدولارات باسم التنمية والمشروعات الوهمية التي دبجتها الآليات المصنوعة ليكتشف الجميع ان المليارات تبددت دون احداث التنمية المنشودة . ان اتفاق ابناء الشرق على الضغط من اجل تكوين آلية ادارة اموال المانحين بعيداً عن الاطر الحكومية هو الطريق الوحيد لضمان وصول هذه الاموال الى مستحقيها وهو المحفز الوحيد للمانحين للإيفاء بالتزاماتهم، ومن المهم ان يعلم الجميع ان السبب الرئيس في عدم التزام الدول التي شاركت من قبل في مؤتمر المانحين باوسلو هو الشكوك المسنودة بالأدلة على عدم وجود آلية نظيفة لإدارة اموالهم ولذلك لم يفوا بما تعهدوا به من التزامات وقطعاً لا يريد احد تكرار هذا السيناريو .