يجب ان تعمل جميع الاطراف المهتمة بقضايا شرق السودان من أجل الإستيثاق من وصول اموال المانحين الى المستفيدين الاساسيين وهم السكان الاصليون الذين ظلوا خارج نطاق الإحتساب لعقود من الزمان وهمشوا تهميشاً كبيراً وما تزال آثار التهميش والفقر والامراض المستوطنة بادية على سحنات الوجوه وفوق تضاريس المحليات المختلفة ، ان ما يؤكد ماذهبنا اليه من حديث حول ضياع اموال التنمية ان المليارات التي قيل انها صرفت على مشروعات التنمية في تلك البقاع لا يبين لها أثر ومن حق الجميع ان يتساءلوا أين ذهبت تلك الاموال ، ان الصناديق التي يتم إنشاؤها لتنمية الاقاليم المتأزمة عادة ما تفشل في أداء مهامها بحكم عدم وجود رقابة فعلية على اعمالها وقد رأينا كيف تبادل القائمون على امر السلطة الانتقالية الاتهامات بخصوص المليارات الضائعة من صندوق تنمية واعمار دارفور والمفوضيات الاخرى، وكيف اشتكى احد اعضاء مجلس ادارة صندوق اعمار الشرق من عدم وجود تقارير مراجعة مالية او قيام اجتماعات لمجلس ادارة الصندوق لفترة تجاوزت العام بل حكى السكرتير الاعلامي لرابطة نهر عطبرة بولاية نهر النيل عن اختفاء صندوق مشروع ادنى نهر عطبرة وتحوله الى شركة مجهولة الاصول والاموال وعجز السلطات عن مراجعة الامر . ان تكوين صندوق او محفظة بنكية لاستلام اموال المانحين الخاصة بشرق السودان هو الوسيلة الوحيدة لتجنب اخطاء ما سبق من صناديق شريطة ان يبعد من هذه الآلية كل من تحوم حوله الشكوك او له سوابق في اعمال مماثلة تعوزها الشفافية والوضوح - سنعود لتفصيل ذلك لاحقاً - ومن المهم جداً ان ينشط ابناء شرق السودان بقياداتهم السياسية ورجال الادارة الاهلية والشباب ورموز منظمات المجتمع المدني بالتنسيق مع ادارات التنمية في ولايات الشرق والجسم الكويتي الممثل للمانحين ، ان ينشطوا من اجل تكوين آلية الاشراف على هذه الاموال بعيداً عن تغول المتغولين ومحاولة تطمين الدول والمنظمات التي احجمت عن التبرع في المؤتمر بأنهم قادرون على السيطرة على هذه الاموال وانها لن تضل طريقها انشاء الله ، نعم عليهم ان يفعلوا ذلك فهي فرصة ربما لن تكرر قريباً وعليهم الاستفادة من افكار بعضهم البعض. وحول هذه الحيثية يقول علي محمد دين الناشط الطوعي ورئيس شبكة منظمات التنمية القاعدية بولاية كسلا انهم يقترحون ايلاء مسألة بناء القدرات القاعدية للسكان في المحليات الاهتمام اللازم قبل الشروع في تنفيذ اي مشروعات لتكون سياجاً منيعاً ضد التنمية غير المستدامة ،وليكن هؤلاء السكان نواةً للإشراف القاعدي اللصيق للمشروعات المطلوبة فأهل مكة أدرى بشعابها وعلى الوسطاء والسماسرة ان يبتعدوا ولن تتكرر سابقة العطاءات المكشوفة للجهات الوهمية بهدف تقنين انسياب الاموال . ويضيف محمد دين انهم في الشبكة ظلوا يتابعون المجهودات التي يبذلها المانحون الدوليون عبر ممثليهم المحليين في ولاية كسلا مثل منظمة اليونسيف ومنظمة الفاو وبرنامج الغذاء العالمي وغيرهم ،وقد وجدت هذه المجهودات الرضا والإستحسان من كافة السكان الامر الذي يشجع على الاستفادة من طرائقهم في تنفيذ المشروعات والاشراف عليها وصولاً الى مرحلة الشفافية الكاملة وضبط المواد المستخدمة في تنفيذ المشروعات عبر مختصين في المواصفات والمقاييس حتى لا تتكرر مسائل المواد المضروبة غير المطابقة للمواصفات وعالية الفواتير ، ان ما ذكره محمد دين يصلح قاعدة لانطلاق حوارات ونقاشات بين ابناء شرق السودان المهتمين بتكوين آلية ادارة اموال المانحين استعداداً لاستقبال الوفد الكويتي القادم لإستكشاف الأرضية التي تحفظ الأموال .