حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    وزارة الخارجية تنعي الجمهورية الإسلامية الإيرانية    كباشي يزور جوبا ويلتقي بالرئيس سلفاكير    (بي ياتو ناحية ؟؟)    بيان توضيحي من وزارة الري حول سد مروي    عبر تسجيل صوتي.. شاهد عيان بالدعم السريع يكشف التفاصيل الكاملة للحظة مقتل الشهيد محمد صديق بمصفاة الجيلي ويؤكد: (هذا ما حدث للشهيد بعد ضربه بالكف على يد أحد الجنود)    شاهد بالفيديو.. لاعب سوداني يستعرض مهاراته العالية في كرة القدم أمام إحدى إشارات المرور بالقاهرة ويجذب أنظار المارة وأصحاب السيارات    بالصور.. الفريق أول ركن ياسر العطا يستقبل الأستاذ أبو عركي البخيت    اعلامي تونسي يرشح الترجي للتتويج بالأميرة السمراء    قال ديمقراطية قال!!!    بالفيديو.. شاهد الفرحة العارمة لسكان حي الحاج يوسف بمدينة بحري بعودة التيار الكهربائي بعد فترة طويلة من الانقطاع    سعر الدولار في السودان اليوم الإثنين 20 مايو 2024 .. السوق الموازي    سعر الجنيه المصري مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    والى ولاية الجزيرة يتفقد قسم شرطة الكريمت    علي باقري يتولى مهام وزير الخارجية في إيران    موعد تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    الحقيقة تُحزن    شاهد بالفيديو هدف الزمالك المصري "بطل الكونفدرالية" في مرمى نهضة بركان المغربي    إنطلاق العام الدراسي بغرب كردفان وإلتزام الوالي بدفع إستحقاقات المعلمين    مانشستر سيتي يدخل التاريخ بإحرازه لقب البريميرليغ للمرة الرابعة تواليا    الجنرال في ورطة    (باي .. باي… ياترجاوية والاهلي بطل متوج)    الإمام الطيب: الأزهر متضامن مع طهران.. وأدعو الله أن يحيط الرئيس الإيراني ومرافقيه بحفظه    "علامة استفهام".. تعليق مهم ل أديب على سقوط مروحية الرئيس الإيراني    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان والصين .. علاقات ودية توسعت اقتصاديا وعسكريا
وثائق ويكيليكس (الحلقة 2)
نشر في الصحافة يوم 06 - 12 - 2010


خدمة موقع ويكيليكس)
نشر موقع (ويكيليكس) على «الانترنت» 250 ألف وثيقة عبارة عن برقيات وتقارير أميركية مرتبطة بسياستها الخارجية غالبيتها مصدرها سفاراتها المنتشرة في العالم ووثائق الكونغرس الأميركي عن مختلف دول العالم،وكانت نصيب السودان من هذه الوثائق والبرقيات 5،5550 ، وسببت البرقيات الدبلوماسية التي سربها «ويكيليكس» حرجا بالغا للإدارة الأميركية التي فتحت تحقيقا جنائيا وتوعدت بمحاكمة كل من يتبين أنه على علاقة بالتسريب،وتنشر «الصحافة» فيما يلي ترجمة لأبرز البرقيات والتقارير:
السودان والصين
العلاقات بين الصين والسودان علاقات ودية إذ توسعت العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية بين السودان والصين في التسعينيات وأصبحت الصين شريكاً تجارياً رئيساً حيث تستثمر بلايين الدولارات في قطاع النفط السوداني. ويقال إن الصين تستورد ما يقدر ب64% من نفط السودان وأن الشركة الوطنية الصينية للبترول تعتبر أكبر مساهم (47%) في الاتحاديْن الاثنيْن الأكبر للنفط في السودان: بترودار وشركة النيل الكبرى للنفط. وبالإضافة لقطاع النفط تعتبر الصين لاعباً مهماً في قطاعات الاقتصاد السوداني الأخرى، ففي فبراير عام 2007م وقعت الصين اتفاقية ب1.2 بليون دولار لتأهيل خط السكة حديد بين الخرطوم وبورتسودان. وتعتبر الصين أيضاً شريكاً فاعلاً في توليد الطاقة وتصنيع الأسلحة ومشاريع البنى التحتية الكبيرة الأخرى، فقد أنشأت الصين خط أنبوب نفط بطول 1000 ميل ليستخدمه السودان لنقل نفطه من حقول النفط في جنوب السودان إلى بورتسودان.
كما تعتبر الصين مزوِّداً هاماً لحكومة السودان بالأسلحة، والسودان نفسه ينتج أيضاً كميات كبيرة من الأسلحة فهو ثالث أكبر دول مصنِّعة للأسلحة في إفريقيا بعد جنوب إفريقيا ومصر.
إن مجموعات حقوق الإنسان والمراقبين الأخر يتهمون الحكومة الصينية بأنها المزوِّد الرئيس بالأسلحة منتهكة حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على السودان. فقد قيل إن الصين باعت للسودان عام 2005م أسلحة وذخيرة بقيمة 24 مليون دولار وقطع غيار للطائرات والمروحيات بقيمة 57 مليون دولار. وفي يوليو 2008م قدم تقرير صادر من تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية أدلة على وجود شاحنات جيش صينية وعدة طائرات مقاتلة من طراز فانتان A5 في دارفور، وفي فبراير 2008م استخدمت طائرات فانتان المقاتلة لقصف مدينة بايبي في دارفور والتي قيل إن عدداً من المدنيين قتل فيها، وفي يونيو 2008م تحصلت هيئة الإذاعة البريطانية على صور أقمار صناعية لطائرتين مقاتلتين من طراز فانتان في مطار نيالا بجنوب دارفور.
إن الصين تقدم دعماً سياسياً ومالياً لحكومة السودان، وباعتبارها عضواً دائماً في مجلس الأمن فقد هددت الصين عدة مرات بنقض قرارات مجلس الأمن الدولي أو مارست نفوذاً على المجلس إما بسحب التصريحات أو تعديلها. وفي يوليو 2008م تم سحب مسودة بيان رئاسيٍّ بريطاني بسبب المعارضة الصينية، كما امتنعت الصين أيضاً عن التصويت للقرارات 1556 و1591 و1593 و1706 المتعلقة بدارفور. وفي عام 2007م أعفت الصين ديوناً ب70 مليون دولار وقدمت قرضاً بدون فوائد بمبلغ 13 مليون دولار للسودان لبناء قصر رئاسي جديد.
وقد شاركت مجموعات المناصرة في الولايات المتحدة وفي أجزاء أخرى من العالم في حملة لتسليط الضوء على الدعم الصيني للحكومة السودانية وربط ذلك الدعم بالألعاب الأولمبية في بكين. وتشير مجموعات المناصرين إلى ألعاب بكين الأولمبية بأنها «ألعاب إبادة جماعية أولمبية»، ويقول هؤلاء المناصرون إن الهدف الرئيس للحملة هو فضح الصين لتستخدم تأثيرها على السودان لوضع حدٍّ للأزمة في دارفور. إن الحملة لا تؤيد مقاطعة الألعاب الأولمبية أو استهداف الرياضيين رغم أن هذه المجموعات دعت قادة العالم لمقاطعة حفل الافتتاح في بكين. وقد تمخض الضغط على الصين عن بعض النتائج حيث قامت الحكومة الصينية بتعيين مبعوث خاص للسودان ونشرت أيضاً ما يقدر ب315 مهندساً ليشاركوا في بعثة حفظ السلام الأممية في دارفور.
التطورات الأخيرة: جنوب السودان
في أكتوبر 2007م قامت حكومة جنوب السودان بتعليق مشاركة وزرائها ووزراء الدولة والمستشارين الرئاسيين التابعين لها في حكومة الوحدة الوطنية احتجاجاً على الإجراءات التي اتخذها حزب المؤتمر الوطني ومطالبة بالتنفيذ الكامل لاتفاقية السلام الشامل. لقد ظلت الحركة الشعبية لتحرير السودان تتذمر وتحث الحكومة السودانية على تنفيذ البنود الرئيسة لاتفاقية السلام الشامل استشارة النائب الأول للرئيس حول القضايا الرئيسة. واشتكوا من أن الرئيس عمر البشير ظل يتخذ القرارات المهمة بدون تشاور مع النائب الأول أو بقليل تشاور معه منذ توقيع اتفاقية السلام في 2005م، فقد بات الرئيس البشير يشن الحرب على دارفور ويعمل على تهميش الحركة الشعبية عمداً إزاء القرارات الرئيسة، فمثلاً تمت مفاوضة اتفاقية شرق السودان وتوقيعها بين حزب المؤتمر الوطني ومتمردي الشرق دون مشاورة جادة مع النائب الأول للرئيس. فوفقاً لاتفاقية السلام الشامل «يتخذ الرئيس القرارات بموافقة النائب الأول حول إعلان حالة الطوارئ أو إنهائها وحول إعلان الحرب والتعيينات المطلوب من الرئيس اتخاذها وفقاً لاتفاقية السلام الشامل وحول دعوة المجلس الوطني للانعقاد وتأجيله وفض جلساته».
لقد عطَّل الرئيس البشير طلباً مقدماً من النائب الأول يدعو فيه لإعادة تشكيل وزاري للوزراء الجنوبيين في حكومة الوحدة الوطنية حيث استمر تعطيل الطلب لعدة أشهر ويعزى ذلك إلى حدٍّ كبير إلى اعتراض البشير على التغيير المقترح لوزير الخارجية. وفي أكتوبر قدمت قيادة الحركة الشعبية عدداً من المطالب إلى الرئيس البشير حيث كتب النائب الأول سلفا كير في خطاب قدمه إلى الرئيس البشير الآتي: (في هذا المنعطف الخطير من تاريخ بلادنا يتابع الشعب السوداني والمنطقة والمجتمع الدولي بقلق الوضع المتطور في بلادنا، ويتابعون بالأخص وعن كثب ما يفعله كلانا والأحزاب التي نتزعمها لتعزيز ودعم السلام في بلادنا، فاتفاقية السلام الشامل تمثل حجر الزاوية لذلك السلام. وبهذه الروح أخاطبك اليوم نيابة عن الحركة الشعبية وأصالة عن نفسي باعتباري شريكاً في السلام.
لقد كان حادي الحركة الشعبية لتحرير السودان هو استحداث الآليات الثنائية الدائمة لحسم القضايا البارزة حول تنفيذ اتفاقية السلام الشامل فضلاً عن تعزيز التعاون والمشاركة بين حزبيْنا. وتظل المواضيع الساخنة الحرجة باقية رغم التقدم الذي أحرز على جهة قضايا عديدة، وبالتالي يثير ذلك الانطباع بأن الآليات التي استحدثناها كانت مجرد وسائل لممارسة العلاقات العامة وليس القصد منها مساعدة الطرفين على حسم الاختلافات الحرجة.
لقد عززت من الانطباع المذكور أعلاه التصرفات الاستفزازية الأخيرة الخارجة من تلقاء سلطاتٍ داخل حكومة الوحدة الوطنية والتي نمثل نحن جزءاً منها بل نحن في الواقع الشريك الكبير لحزب المؤتمر الوطني. لقد كانت ذروة هذه الاستفزازات تفتيش مقر الحركة الشعبية في الخرطوم وعلى [ميس] كبار ضباط الجيش الشعبي في مجلس الدفاع المشترك، ومجلس الدفاع المشترك هو الجهاز العسكري الأعلى الذي تم تكوينه بموجب اتفاقية السلام الشامل والدستور القومي المؤقت لمراقبة التنفيذ السلس للترتيبات الأمنية.
إن تلك التصرفات فاقم منها رد فعل منفذيها على احتجاج الحركة الشعبية حيث يضم هؤلاء المنفذين وزراء حزب المؤتمر الوطني ومسؤوليه في مؤسسات إنفاذ القانون ممن هم ملتزمون واجباً بالدستور القومي المؤقت للابتعاد عن السياسة. وعلى أية حال أصبح واضحاً لدينا أن الاستفزازات عكست أسلوباً من السلوك قصد به إذلال الحركة الشعبية، لذا من غير المتوقع أن تأخذ الحركة الشعبية ذاك السلوك بخفة، ففي الواقع أن الوضع يدعو إلى وقفة وتفكير عميق حيال الطريقة والروح التي نعالج بهما تنفيذ اتفاقية السلام الشامل. ولهذا الغرض اجتمع المكتب السياسي المؤقت للحركة الشعبية في جوبا في الفترة من اليوم الرابع إلى اليوم الحادي عشر من أكتوبر 2007م لتقييم ومراجعة وضع تنفيذ اتفاقية السلام الشامل ولرسم إجراءات ملموسة للمضي قدماً. وفي ذاك التقييم حدد المكتب السياسي المؤقت انتهاكات اتفاقية السلام الشامل وعدَّد التصرفات المتعمدة وغير المقبولة التي تحط من قدر الحركة الشعبية وقيادتها. وأرفق طي هذا الخطاب صورة من قرارات المكتب السياسي المؤقت التي تشمل انتهاكات اتفاقية السلام الشامل فضلاً عن الإجراءات التي تتخذ الحركة الشعبية استثناءً مهماً بشأنها. وأنا واثق أنه بتقديمي لهذه القرارات من أنكم ستتعاطون بحكمة وحنكة مع القضايا المهمة المثارة فيها. وفي الحقيقة إن تلك الانتهاكات والتصرفات تشكل تحدياً كبيراً لإدامة السلام وتعزيز الوحدة في بلادنا، ومن ناحيتي سأظل ملتزماً بالتنفيذ الكامل لاتفاقية السلام الشامل ولا أرغب لحظة في التفكير في انهيار اتفاقية السلام الشامل ناهيك عن المشاركة في انهيارها. أضف لذلك أن المكتب السياسي المؤقت عبَّر عن بالغ قلقه لاستبطاء سيادتكم حيال إعادة التشكيل الوزاري لوزراء الحركة الشعبية في حكومة الوحدة الوطنية والذي اقترحته لكم بروح اتخاذ القرار الجماعي، وأنا إذ اقترحت ذلك إنما كنت أمارس حقوقي وصلاحياتي الدستورية رئيساً للحركة الشعبية لتحرير السودان لتنفيذ التوصيات الصادرة من حزبي.
ونظراً إلى فهمنا أن هذا الاستبطاء في إعادة التشكيل الوزاري يرقى إلى التغول على السلطات الدستورية للنائب الأول للرئيس فقد استدعى المكتب السياسي المؤقت كل المستشارين الرئاسيين للحركة الشعبية ووزراءها ووزراء الدولة في حكومة الوحدة الوطنية وتم توجيههم بأن يضربوا عن واجباتهم حتى نشاهد تقدماً مقدراً في معالجة القضايا المثارة في القرارات المرفقة. ولكيلا نعطل عمل حكومة الوحدة الوطنية، أراني أقدم لسيادتكم مرة ثانية قائمتنا الجديدة للتغييرات الوزارية في حكومة الوحدة الوطنية وأنا على ثقة أنك ستعالج هذا الأمر مع قضايا أخرى ملِّحة مضمنة في قرارات المكتب السياسي المؤقت مع مراعاة المخاطر الكامنة في المأزق الحالي، وهذا المأزق إذا ترك بدون حل قد يتحول إلى أزمة لا يريدها أحد منا. إنه من واجبنا السياسي والتزامنا الوطني أن نتفادى التصرفات التي قد تعرِّض اتفاقية السلام الشامل للخطر وإنه لمن مسؤوليتنا الأخلاقية والدستورية أيضاً تقديم القيادة الضرورية حتى تستطيع بلادنا الاستمتاع بالسلام والاستقرار والديمقراطية والوحدة القائمة على الإرادة الحرة لشعبها).
وقيل إن الرئيس البشير استجابة لهذه المطالب والتطورات غير المتوقعة قد وافق على عددٍ من مطالب حكومة جنوب السودان في نهاية أكتوبر ما عدا المطالب المتعلقة بقضية أبيي. ووفقاً لإفادة كبار مسؤولي الحركة الشعبية فإن موافقة الرئيس البشير على مطالبهم لم تحسم الأزمة، فهم يريدون أن يروا جدولاً زمنياً وخارطة طريق لتنفيذ مطالبهم قبل العودة إلى الحكومة. والرئيس البشير وافق على قائمة جديدة للوزراء قدمها النائب الأول رغم أنه بحسب المصادر السودانية شطب اسم مسؤول كبير تم تعيينه مستشاراً رئاسياً. وبنهاية ديسمبر 2007م، أدى الوزراء الجدد القسم للمنصب الوزاري حيث استبدل دينق ألور أحد أعضاء الحركة الشعبية الكبار بوزير الخارجية السابق لام أكول.
وضع اتفاقية السلام الشامل السياق التاريخي:
في عام 1956م أصبح السودان أول بلد مستقل في إفريقيا جنوب الصحراء إذ حصل على الاستقلال من بريطانيا ومصر. وبات البلد الشرق إفريقي ذو السكان البالغ عددهم 35 مليون نسمة مشهداً للصراع المتقطع لمدة أربعة عقود تقريباً، فما يقدر باثنين مليون شخص قضوا نحبهم على مدى عقدين من الزمان جراء الأسباب المرتبطة بالحرب والمجاعة في جنوب السودان وتم تشريد الملايين، فأسباب الصراع كانت أعمق وأكثر تعقيداً من مزاعم معظم القادة السياسيين وبعض المراقبين. فقد كان الدين عاملاً مهماً بسبب «الأجندة» الأصولية الإسلامية للحكومة الحالية التي يهيمن عليها في المقام الأول الشمال وأن الجنوبيين يرفضون أسلمة البلاد ويفضلون نظاماً علمانياً. كما أن المفارقات الاجتماعية والاقتصادية شكلت أيضاً عوامل مساهمة كبيرة في الصراع السوداني. ويعتبر إلغاء الرئيس الأسبق جعفر نميري لاتفاقية أديس أبابا «1972» في عام 1983م والتي أنهت أول مرحلة من الحرب الأهلية في الجنوب عاملاً كبيراً في إثارة الحرب الأهلية. وواصلت حكومة الجبهة القومية الإسلامية التي خلعت الحكومة المنتخبة ديمقراطياً في عام 1989م الحرب في جنوب السودان بقوة، فالحكومات السابقة المدنية والعسكرية على السواء رفضت المطالب الجنوبية المتعلقة بالحكم الذاتي والمساواة، فالقادة السياسيون الشماليون باتوا لعقود يعاملون الجنوبيين باعتبارهم مواطنين درجة ثانية ولم ينظروا للجنوب باعتباره جزءاً لا يتجزأ من البلاد. ويقول القادة السياسيون الجنوبيون إن النخب السياسية في الشمال تحت الحكومات المدنية والعسكرية المتعاقبة لم تبذل إلا محاولات سطحية لمعالجة مظالم الجنوب حيث ظلت كارهة لتسوية الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي المهيمن في الشمال. وفي الأعوام الأخيرة قال معظم القادة السياسيين في الشمال ممن يعارضون الحكومة الحالية الآن إن الأخطاء قد ارتكبت وأنهم على استعداد لتصحيحها، بيد أن المزاج السياسي وسط الجنوبيين تحول بشدة لصالح الانفصال من الشمال.
اتفاقية السلام الشمالية/ الجنوبية: خلفية
قامت حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان في يوم 9 يناير 2005م بعد عامين ونصف العام من المفاوضات بتوقيع اتفاقية السلام الشامل لدى احتفال أقيم في نيروبي بكينيا حيث شهد احتفال التوقيع أكثر من عشرة من رؤساء الدول الإفريقية. وقيل إن وزير الخارجية الأمريكي كولن باول الذي قاد الوفد الأمريكي حث حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان على إنهاء الصراع في دارفور. وقد أنهى توقيع هذه الاتفاقية الحرب الأهلية التي استمرت 21 عاماً وحدد فترة مؤقتة قدرها ست سنوات وبنهاية الفترة المؤقتة سيجري الجنوبيون استفتاءً لتحديد مستقبلهم السياسي وستجرى انتخابات قومية وإقليمية ومحلية خلال النصف الثاني من الفترة المؤقتة. وفي يوم 30 يوليو 2005م قتل النائب الأول للرئيس رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان د. جون قرنق في تحطم طائرة في جنوب السودان. وأثار موته عنفاً بين قوات الأمن الحكومية والجنوبيين في الخرطوم وجوبا وقيل إن أكثر من 100 شخص قتلوا وقد كونت حكومة السودان لجنة للتحقيق في العنف، أما تحطم الطائرة فقد حقق فيه فريق من السودان ويوغندا وروسيا والأمم المتحدة والولايات المتحدة حيث نشر التقرير النهائي في أبريل 2006م.
وفي بداية أغسطس 2005م عيَّن المجلس القيادي للحركة الشعبية سلفا كير رئيساً للحركة الشعبية ونائباً أول للرئيس السوداني. وقد عمل سلفا كير نائباً لقرنق بعد انشقاق الحركة الشعبية عام 1991م وقد أدى القسم رسمياً نائباً للرئيس في حكومة الوحدة الوطنية يوم 11 أغسطس 2005م وفي 31 أغسطس 2005م تم افتتاح المجلس الوطني. فوفقاً لاتفاقية السلام الشامل فقد تم تخصيص 52% من المقاعد (234) لحزب المؤتمر الوطني و28% (126) للحركة الشعبية وخصصت بقية ال20% لمجموعات المعارضة الشمالية والجنوبية.
وفي سبتمبر 2005م وبعد أسابيع من المفاوضات الخلافية اتفقت الحركة الشعبية وحزب المؤتمر الوطني (المعروف سابقاً باسم الجبهة الإسلامية القومية) على تكوين مجلس وزاري حيث كان توزيع الحقائب الوزارية الاقتصادية الرئيسة في لب النزاع، فقد أصر حزب المؤتمر الوطني على الاحتفاظ بوزارتي الطاقة والمالية في حين حاججت الحركة الشعبية بأن كل حزب يجب أن يعطى هذه الوزارة أو تلك. وفي النهاية تنازلت الحركة الشعبية عن طلبها وقررت أن تضمن ثماني وزارات تشمل الشئون الخارجية ورئاسة الوزراء والعمل والنقل والصحة والتعليم والشئون الإنسانية والتجارة. وتم أيضاً تعيين عدة مستشارين للرئاسة (تتكون الرئاسة من الرئيس البشير والنائب الأول سلفا كير ونائب الرئيس علي عثمان طه) ويضم المستشارون اثنين من الحركة الشعبية.
تنفيذ اتفاقية السلام الشامل:
يقول مسؤولو الأمم المتحدة ومراقبون للشأن السوداني إن تنفيذ اتفاقية السلام الشامل بواسطة حكومة الوحدة الوطنية كان انتقائياً وفي بعض الأوقات بطيئاً بصورة متعمدة، فمثلاً لم يقم الرئيس البشير بعد بتنفيذ توصيات لجنة حدود أبيي كما كان تكوين الوحدات المدمجة المشتركة بطيئاً رغم إحراز التقدم الهام خلال الأشهر الماضية. وقد فوضت لجنة حدود أبيي لتحديد وترسيم المنطقة المعروفة باسم مشيخات دينكا نقوك التسع التي ألحقت عام 1905م بكردفان في شمال السودان. وقد ترأس لجنة حدود أبيي السفير الأمريكي السابق لدى السودان دونالد بيترسون بمشاركة دولية فاعلة، وفي يوليو 2005م قدمت لجنة حدود أبيي تقريرها للرئاسة. وتقول اتفاقية السلام الشامل «لدى تقديم التقرير النهائي ستتخذ الرئاسة الإجراء الضروري لتضع وضعية منطقة أبيي الخاصة موضع التنفيذ الفوري».
ومن المفترض بعد توقيع اتفاقية السلام أن تدار منطقة أبيي بواسطة مجلس تنفيذي حيث يفترض أن ينتخب أعضاء المجلس التنفيذي بواسطة مواطني أبيي والمدير التنفيذي الأول الي تعينه الرئاسة. وفي نهاية الفترة المؤقتة سيختار مواطنو أبيي بين الاحتفاظ بوضع إداري خاص في الشمال أو أن يكونوا جزءاً من جنوب السودان. ولم تعيِّن حكومة البشير إدارة في أبيي وظلت ترفض توصية لجنة حدود أبيي، ويقول تقرير للسكرتير العام للأمم المتحدة صدر في سبتمبر 2007م «إن غياب الإدارة في أبيي أعاق أعمال اتفاقية السلام الشامل وترك فجواتٍ في الحفاظ الشرطي على الأمن والصحة العامة ةالخدمات الصحية». ويقول مسؤولون سودانيون جنوبيون وكثير من مراقبي الشأن السوداني إن من المحتمل أن يفضي التشدد حيال هذه القضية إلى الحرب.
إن اتفاقية السلام الشامل تواجه تحدياتٍ خطيرة رغم عدد اللجان التي كونت والمراسيم التي أصدرت من قبل الرئاسة لمعالجة القضايا المتعلقة بالاتفاقية. وكان انسحاب القوة الحكومية من جنوب السودان كما هو منصوص عليه في اتفاقية السلام بطيئاً خاصة في مناطق حقول النفط بجنوب السودان. وقد أكمل الجيش الشعبي انسحاب قواته من شرق السودان في 2006م وسحبت حكومة السودان معظم قواتها ابتداءً من ديسمبر 2007م رغم أن الآلاف من جنود القوات المسلحة السودانية يرابطون في منطقة النفط بجنوب السودان. وزادت القوات المسلحة السودانية من جنودها في جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق في انتهاك لاتفاقية السلام الشامل حيث تنص الاتفاقية على أن القوات في هاتين الولايتين يفترض أن تكون على مستوى وقت السلام، وفوق ذلك تقول الاتفاقية إن على القوات الحكومية أن تكون خارج جنوب السودان في يوم 9 يوليو 2007م. وابتداءً من ديسمبر كان هناك وجود لأكثر من 20000 جندي من القوات المسلحة السودانية في جنوب السودان، وتقول الأمم المتحدة إن حكومة السودان سحبت 88% من قواتها. وكان هناك وجود أيضاً لقوات الجيش الشعبي في منطقتي جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق حيث يقول كبار مسؤولي الحركة الشعبية إن الجيش الشعبي سينسحب من المنطقة بمجرد أن خفضت القوات المسلحة السودانية وجودها وتم النشر الكامل للوحدات المدمجة المشتركة. وفي مطلع يناير 2008م سحب الجيش الشعبي بعض قواته من جبال النوبة.
إن عدداً من اللجان ظلت بدون عمل رغم أن كثيراً من اللجان كونتها حكومة السودان، وعلى أية فقد قال رقيب اتفاقية السلام الشامل لشهر سبتمبر إن لجنة حقوق الإنسان القومية ولجنة الانتخابات ولجنة الأراضي لم يتم تشكيلها بعد. أما لجنة التقييم والمراجعة المفوضة بموجب اتفاقية السلام الشامل لمراقبة تنفيذ اتفاقية السلام قامت بتكوين أربع مجموعات عمل لمراقبة تنفيذ اتفاقية السلام الشامل رغم أن طرفي الاتفاقية لم يشاركا مشاركة فاعلة في العملية. وأحرز الطرفان تقدماً ضئيلاً في تنفيذ بنود قسمة الثروة وقسمة السلطة في الوقت الذي كان فيه العمل في ترسيم الحدود الشمالية/ الجنوبية متخلفاً عن الجدول الزمني. إن الفشل في حسم قضية الحدود قد يعمل على تعقيد سحب القوات وتعقيد قسمة عائدات النفط طالما أن عدداً من حقول النفط تقع على طول الحد الشمالي/ الجنوبي لعام 1956م. وقد توصلت الحركة الشعبية وحزب المؤتمر الوطني في ديسمبر إلى اتفاقية لحسم قضية الحدود الشمالية/ الجنوبية والقضايا المتعلقة بالنفط.
غدا «الولايات المتحدة واتفاقية السلام»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.