لقد انتهت عدة مراحل في العملية الانتخابية منها مرحلة تسجيل الناخبين وفتح باب الترشيحات والطعون واعلان قوائم المرشحين على كافة المستويات، وبدأت منذ فترة عملية التعبئة السياسية والدعاية الانتخابية التي ستعقبها بعد ستة أسابيع عملية الاقتراع التي تستغرق اياما معدودة تظهر بعدها النتائج النهائية واعلان اسماء الفائزين. والعملية الانتخابية تسير حتى الآن بانتظام وفق الجدول الزمني المعلن وتبعا لذلك فان مرحلة شرعية الامر الواقع ستطوى صفحتها بعد ثمانية أسابيع ايذاناً ببدء مرحلة جديدة لدورة قدرها اربعة أعوام. وان اجراء الانتخابات لم يكن مفاجئا لكافة الاحزاب والقوى السياسية وهو امر معلن منذ التوقيع على اتفاقية نيفاشا في عام 5002م وكان عليها ان تستعد وتنظم وتهيئ نفسها منذ ذلك الوقت وتبذل قصارى جهدها لأن المشاركة في الانتخابات خطوة الى الأمام في سبيل الانفكاك من القبضة الآحادية التي ظلت هذه الاحزاب تجأر بالشكوى المريرة منها، وبكل تأكيد ان الكفتين غير متوازنتين في القدرات والامكانات واحداهما تمسك بمفاصل السلطة والمال ولكن العافية درجات وشيء خير من لا شيء. وعندما أزف موعد بدء الاجراءات الأولية للانتخابات سعت بعض الاحزاب السياسية لاقامة حلف بينها يفضي في نهاية المطاف لمقاطعة الانتخابات ولكنها فشلت ولم توفق في مسعاها واضطرت لخوض الانتخابات وبعضها مكرهة ومترددة وبعضها لازال يهدد بالانسحاب اذا لم يمنح التعويض أي ان قضيتهم التي تقض مضجعهم تتعلق بالمال والتمويل. وقد سعت هذه الاحزاب لتتحالف مع الحركة الشعبية لمقاطعة العملية الانتخابية ولكن الحركة الشعبية رفضت ان تكون لهم حصان طروادة وبدلا من ذلك سعت لان تتخذهم اداة ضغط ضد شريكها في الحكم ومن الواضح ان السلطة الانقاذية في شقها الاكبر المتصل بالمؤتمر الوطني غير راضية عن تقديم الشق الآخر المتمثل في الحركة الشعبية لمرشح رئاسي ومهما يكن فانها تسعى بشتى السبل للوصول مع الحركة الشعبية لتسويات في مختلف القضايا والولايات مثل ما يدور في ولاية جنوب كردفان على سبيل المثال ومن الواضح ان الانقاذ تضع اعتبارا للحركة الشعبية ولكنها لا تقيم وزنا يذكر للاحزاب المعارضة بل يستفزها بعضهم بأنهم يستعدون ليحفروا لها قبورا مما أدى لردود فعل غاضبة ومهاترات وملاسنات متبادلة. لقد فشلت الاحزاب المعارضة في اتخاذ الحركة الشعبية اداة ضغط وحليف معها لمقاطعة الانتخابات وظهرت لها الآن بارقة امل بعد توقيع الاتفاق الاطاري مع حركة العدل والمساواة والذي سيعقبه توقيع اتفاق اطاري آخر مع تجمع الحركات المسلحة الاخرى وسيتبع ذلك مفاوضات مع هؤلاء وأولئك واخذت بعض الاحزاب المعارضة استنادا على ذلك تنادي بتأجيل الانتخابات. اما حزب المؤتمر الوطني الذراع التعبوي للنظام الحاكم فانه لا يضيع دقيقة واحدة وتعمل كوادره للمضي في مسيرة الانتخابات حتى النهاية. وما يجري في انجمينا والدوحة لهم كوادرهم المتفرغة له اما هم فيركزون جهدهم واهتمامهم على الانتخابات وقد تفضي المفاوضات لتأجيلات محدودة هنا او هناك ولكنها لن تؤدي الى تأجيل كلي وعلى الاحزاب المعارضة ان تجتهد في خوض معركتها كما يفعل الآخرون والا تعلق آمالها وتضع بيضها في سلال الاتفاقيات الاطارية لأن موعد الاقتراع قد اقترب وعليها ألا تهدر وقتها وتضيعه كسور وبواقي!! والسؤال المهم الذي يفرض نفسه هل ستقام الانتخابات أم تؤجل. وفي تقديري ان تأجيلها يعني بالنسبة لمفوضية الانتخابات اضاعة أموال كثيرة تكون قد ذهبت هدراً ولن يجدوا دعما بعد ذلك من المنظمات الدولية او الدول الأخرى تعويضاً لما انفق في المراحل السابقة. وان التأجيل يعني بالضرورة تأجيل الاستفتاء بالنسبة للجنوبيين وعدم اقامته في موعده الذي تم الاتفاق عليه عند توقيع اتفاقية نيفاشا وتبعاً لذلك فإن تأجيل الانتخابات العامة يقتضي عقد مؤتمر جديد يحضره كل الذين اشتركوا في التوقيع على اتفاقية نيفاشا وكل الشهود الدوليين لتغيير الجداول الزمنية التي كان متفقاً عليها عند التوقيع على الاتفاقية على مرأى ومسمع من كل الدنيا عبر كافة الاذاعات والقنوات الفضائية. وستظهر اشكالية أخرى بسبب المستجدات الجديدة ولابد ان يشهد هذا الملتقى الموقعون على نيفاشا وأبوجا والدوحة ويتطلب التأجيل اقامة حكومة قومية انتقالية بمواصفات جديدة ولذلك فان السلطة الانقاذية الحاكمة ستمضي في انتخاباتها غير عابئة وستقيم في نهايتها مهرجانات فرح وتبجح غير مسبوقة حتى إذا اعتبرها البعض انتخابات سمجة بنتائج مسيخة!!.