من المقرر إلتئام إجتماع مؤسسة الرئاسة للبت حول قضية ابيي المتطاولة، على ضوء المقترحات التي قدمها رئيس لجنة الوساطة ثامبو أمبيكي للشريكين خلال الاجتماع الرئاسي السابق الاسبوع قبل الماضي، ويأتي اجتماع اليوم بعد تعقيدات وتصعيدات على الارض شهدتها ابيي، دفعت طرفي الصراع المسيرية ودينكا نقوك الى اتخاذ كل منهما خطوات لتعزيز موقفه على الارض وتنفيذ خياراته التي يرنو إليها بعد تطاول أمد حل القضية في اروقة الشريكين، فبينما ذهب دينكا نقوك الى البدء في ترتيب اجراء استفتاء آحادي خاص بالمنطقة بعد فشل الشريكين في حسم موضوعها، لجأ المسيرية الى حل الحكومة القائمة وتكوين حكومة جديدة خاصة بهم لإدارة أبيي بعد ان وصفوا خطوة دينكا نقوك باجراء استفتاء آحادي بأنه عزل لهم من شئون المنطقة..فإلى أين تمضي الامور بأبيي على ضوء تعقيداتها الراهنة، وهل تفلح مؤسسة الرئاسة في طي الخلاف حول الطرفين بشكل مرضي لكافة الاطراف!! وتوقع متابعون ان يناقش اجتماع مؤسسة الرئاسة قضية أبيي على ضوء المقترحات الستة التي طرحها رئيس وفد الوساطة ثامبو أمبيكي لحل أزمة ابيي، ووصفوا مقترحات الوساطة بأنها حاولت التوفيق بين المقترحات المختلفه التي طرحت في أديس ابابا بشأن استفتاء ابيي، بالاضافة الى المقترح الامريكي المقدم حول المنطقة، وتمثلت حزمة مقترحات أمبيكي الستة في إتباع أبيي للجنوب بقرار رئاسي مع منح المسيرية حقوقاً سياسية ورعوية وتمكينهم من المشاركة في سلطة المنطقة، ونص المقترح على ان يمثل المسيرية بالثلث في ادارية أبيي وتكون لهم محافظة بالمنطقة بجانب مرونة الحدود وعدم فرض ضوابط صارمة تجاههم، وتضمنت المقترحات اعطاء الجنسية المزدوجة للمسيرية حال اختار الجنوب الانفصال، وكذلك مقترح بتقسيم أبيي لجزءين شمالي يؤول للشمال، وآخر جنوبي يتبع للجنوب، بالاضافة لمقترح بالعودة للاجراءات الموجودة في بروتوكول أبيي واجراء استفتاء للمنطقة وفقاً للبروتوكول وقرار محكمة لاهاي. ولكن اللواء عبد الرحمن ارباب مرسال، محافظ ابيي السابق، وصف ل»الصحافة» اجتماع مؤسسة الرئاسة حول أبيي بالصعب، وتوقعه ان لا يحسم القضية، وقال ان الرئاسة قد تحتاج لاجتماع آخر ولكنه قال «لكنه سيحدث بعض الاختراقات في الملف» مشيرا الى أن مقترحات الحل المقدمة في الاجتماع لن تجد الرضا من المسيرية او الدينكا» لأن الحركة تصر على تنفيذ قرار هيئة التحكيم الدولية في لاهاي، بينما يقول المسيرية ان قرار لاهاي لا يعنيهم بشئ، واضاف مرسال «في ظل التوترات التي تشهد المنطقة على الارض باعلان تنفيذ استفتاء آحادي من قبل الدينكا، واعلان حكومة من قبل المسيرية، اتوقع ان اي خيار من المقترحات المقدمة سواء من الطرفين «الوطني والشعبية» لن ترى النور لأن هناك معارضة في الارض قوية لها» وكشف مرسال عن مفاوضات سرية تجري بين الشريكين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في بورتسودان قال انها ربما تحدث اختراقاً في ملف ابيي وبقية القضايا العالقة بين الطرفين». المقترحات التي ترقد على طاولة الشريكين ومؤسسة الرئاسة حول ابيي، اذا تم الاخذ بها ربما تحتاج الى ترتيبات دستورية وقانونية خاصة قد تتطلب تعديل الدستور او حتى اتفاقية السلام الشامل، خاصة اذا اخذ بمقترح اصدار قرار جمهوري بتبعية المنطقة للجنوب، او تقسيمها الى جزءين شمالي يتبع للشمال وجنوبي يتبع للجنوب، فكيف يبدو الوضع القانوني لأية معالجة في هذا الاطار من قبل مؤسسة الرئاسة التي قد تواجه بإجراءات قانونية في المحكمة الدستورية السودانية او امكانية ان يدفع احد الاطراف بها للتحكيم الدولي من جديد. الاستاذ القانوني نبيل اديب، قال ل»الصحافة» لايجوز لمؤسسة الرئاسة ان تصدر قراراً مخالفاً للدستور، ولكن اذا توافقت على أي من المقترحات المقدمة لها لحل الأزمة وهي مقترحات مخالفه للدستور لا تستطيع ان تصدر قراراً مباشراً بها، ولكن تستطيع بواسطة اعضاء المجلس الوطني التابعين للشريكين تعديل الدستور بحيث انه يتضمن المقترح الموافق عليه بدلاً من نصوص تحكيم حسم النزاع في ابيي التي صدرت سابقاً، وقال اديب، ان نصوص الدستور جاءت من الاتفاقية، وان الدستور يجوز تعديله بواسطة الشريكين وبأغلبية اعضاء المجلس الوطني التي يملكها الشريكان، واضاف «اذا حدث تدخل من مؤسسة الرئاسة بدون ان يتم تعديل الدستور، فإن أيا من اطراف النزاع غير راضي عن ذلك الاجراء سيلجأ للمحكمة الدستورية» مستبعدا اللجوء مجددا لهيئة التحكيم الدولية في لاهاي من قبل اي من اطراف الصراع «دينكا نقوك والمسيرية» اذا جاء قرار مؤسسة الرئاسة غير مرضٍ لأي من الطرفين، وقال ان الرجوع للاهاي ليس في يد الدينكا او المسيرية لأن محكمة لاهاي قضت في نزاع بين حكومة السودان وحكومة جنوب السودان، بالتالي اعضاء المسيرية او الدينكا نقوك ليسوا طرفاً في التحكيم رغم انهم قدموا افاداتهم في المحكمة». اذاً اجتماع مؤسسة الرئاسة ينعقد وسط توتر على الارض بين الطرفين تمضي خطواته نحو التصادم بين الطرفين، فبينما حذر رئيس الجمهورية من مغبة اجراء استفتاء آحادي في المنطقة من قبل دينكا نقوك، في ذات الوقت دَفعت أول امس قيادات قبيلة المسيرية في المؤتمر الوطني بمذكرة لرئيس الجمهورية تحوي «3» مقترحات حلول للخروج من أزمة أبيي من بينها، إعتماد حدود 1/ 1/ 1956م، أو قبول حدود جنوب غرب بحر العرب، أو نقل منطقة أبيي لغرب بحر العرب. ولكن الدكتور حسن الساعوري استاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، قال ل»الصحافة» استبعد الوصول لحل لها حال انفصال الجنوب، وان الحل الوحيد لقضية ابيي ان تتحقق الوحدة، ولكنه استبعد في حال الانفصال ان يكون هناك حل لها ، وقال «ستظل وقود حرب بين الشمال والجنوب» واشار الى ان القضية لها جانبان، الجانب الاول قرارات هيئة التحكيم الدولية بلاهاي، وقال هذا الجانب ليس فيه مشكلة كبيرة رغم رفض المسيرية للقرار، ولكنه ليس عقبة ويمكن التفاهم حوله، والجانب الآخر هو الخاص بقانون استفتاء ابيي والذي يعطي المسيرية حق المشاركة فيه ضمن السودانيين الآخرين المقيمين في المنطقة، وبالتالي لا يمكن ايجاد اي تسوية لعدم تصويت المسيرية في الاستفتاء، مشيرا الى ان الحل يمكن في إلغاء استفتاء أبيي وان تكون هناك تسوية جديدة، وهذه لا يمكن ان يتم إلا اذا كانت نتيجة استفتاء جنوب السودان هو الوحدة، واضاف «ان الحل الوسط الذي اقترح بأن يصوت الشخص المقيم لمدة خمسة اشهر في المنطقة لن يكون حلاً لمشكلة اهلية الناخب، بل سيخلق مزيداً من التعقيد بالمنطقة» مشيراً الى ان تعقيد القضية يكمن في انها ليست في يد الحكومة ولكنها في يد المسيرية وهي قبيلة مقاتله، وبالتالي المشكلة ستظل قائمة إلا اذا كانت نتيجة الاستفتاء الوحدة، ولكن خلاف ذلك لن يكون هناك حل لها». وكان ابناء دينكا نقوك قالوا انهم سيشرعوا مطلع ديسمبر الجاري في تنفيذ الخطوات الأولى لتمكين منطقة أبيي من تقرير مصيرها بعد انقضاء المهلة التي منحها مجتمع الدينكا نقوك للشريكين لحسم الخلاف حول استفتاء أبيي، وتنفيذ مقررات الملتقى التشاوري لابناء دينكا نقوك الذي عقد بجوبا وعلى رأسها تنفيذ حق تقرير مصير آحادي لمنطقة ابيي ومنع المسيرية من الدخول للرعي في اراضي ابيي اعتبارا من ديسمبر. وردا على خطوة دينكا نقوك بالشروع في اجراء استفتاء آحادي، اعلنت قيادات من قبيلة المسيرية، تشكيل حكومة بديلة لإدارية ابيي الحالية، على ان تستلم الحكومة مهامها في الخامس والعشرين من ديسمبر الجاري.