«الحوار حول أبيي وصل الي طريق مسدود» آخر العناوين التي حملتها الصحافة حول تطورات قضية أبيي المتطاولة بين الشريكين، حسبما أشار القيادي في الحركة الشعبية دينق ألور بفشل المجتمع الدولي والشريكين «الوطني والشعبية» في حسم قضية أبيي، بعد ان وصف نتائج اجتماع الرئاسة الأخير بشأنها بانه شكل صدمة للمجتمع الدولي الذي كان يأمل في احراز نتائج ايجابية، وقطعا الطريق المسدود الذي وصل اليه الشريكان لن يكون آخر السيناريوها حيث ان القضية تفترض ايجاد طريق لحل اياً كان شكله، فما هي السيناريوهات التي ستفرض نفسها علي قضية أبيي، وأي التطورات التي ستحملها الايام القادمة لمصير المنطقة وسكانها مع تسارع الخطوات نحو استفتاء جنوب السودان، بجانب الحراك المحلي لقطاع أبيي حول محاولة كل طرف «المسيرية والدينكا نقوك» فرض سياسة الامر الواقع بعد فشل الشريكين في ايجاد تسوية سلميه لأزمة المنطقة. مراقبون يجمعون علي ان السيناريو الامثل لحل قضية أبيي واحلال السلام والتعايش في المنطقة يكمن في تحقيق الوحدة بين الشمال والجنوب من خلال الاستفتاء المزمع في التاسع من يناير القادم، ولكن تبدو كل مؤشرات نتائج الاستفتاء علي ضوء ارقام وقراءة حصيلة التسجيل للاستفتاء تشير الي أن النتيجة الراجحة في خياري الاستفتاء ستكون الانفصال، بالتالي فان فرص حل قضية أبيي تبدو علي ضوء وجهة هذه الفرضية بعيدة المنال، لتنتقل فرص الحل المتوقعة الي الفرضية الثانية المتعلقة بحل قضية أبيي في اطار الدولتين بعد الانفصال المتوقع ان تحمله نتيجة الاستفتاء، اذاً كيف يبدو الحل القادم لقضية أبيي في حال وقوع الانفصال، وماهو السيناريو الاقرب للواقع علي ضوء وصول الشريكين لطريق مسدود لحل القضية، وهل وصلا فعلا لطريق مسدود واستنفدا كل فرص الحل المعروضة أمامهما!!. الدكتور الطيب زين العابدين استاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم، قال ل«الصحافة» ان السيناريو الذي تمضي فيه الحركة الشعبية بعد فشل الرئاسة في ايجاد حل لقضية أبيي، وتريد أن تفرضه هو عمل استفتاء احادي الجانب لدينكا نقوك، ونتيجة قراره معلومة وهي ضم أبيي للجنوب، وبالتالي ستقوم حكومة الجنوب بضم أبيي للجنوب خاصة بعد موافقة مركز كارتر لمراقبة الاستفتاء الاحادي، وهذا يعني ان الجيش الشعبي سيتدخل للسيطرة علي المنطقة وبالتالي سيدخل في صدام مع المسيرية في أبيي، واضاف «بعدها ستكون الكرة في ملعب الحكومة التي اعلنت انه لن يجري استفتاء دون مشاركة المسيرية، مشيرا الي ان السيناريو الذي ستتعامل به الحكومة ساعتها لم يتضح بعد» ، وقال زين العابدين ان الطرفين في المنطقة «المسيرية والدينكا نقوك» مواقفهما واضحة ومعلنة، الدينكا يصرون علي تنفيذ قرار هيئة التحكيم في لاهاي وعدم اشراك المسيرية في الاستفتاء، بينما المسيرية يرفضون قرار لاهاي ويصرون علي المشاركة في الاستفتاء» مشيرا الي ان المنطقة مرشحة لنزاع قد يصل الي درجة الحرب بين الطرفين». وكانت مؤسسة الرئاسة التي فشلت في التوصل لحل قضية أبيي قد بحثت مشاريع حل لقضية أبيي الثلاثاء الماضي وفقاً لحزمة مقترحات أمبيكي الستة التي عرضها علي اجتماع الرئاسة قبل الماضي لحسم قضية أبيي، والتي تمثلت في إتباع أبيي للجنوب بقرار رئاسي مع منح المسيرية حقوقاً سياسية ورعوية وتمكينهم من المشاركة في سلطة المنطقة، ونص المقترح على ان يمثل المسيرية بالثلث في ادارية أبيي وتكون لهم محافظة بالمنطقة بجانب مرونة الحدود وعدم فرض ضوابط صارمة تجاههم، وتضمنت المقترحات اعطاء الجنسية المزدوجة للمسيرية حال اختار الجنوب الانفصال، وكذلك مقترح بتقسيم أبيي لجزءين شمالي يؤول للشمال، وآخر جنوبي يتبع للجنوب، بالاضافة لمقترح بالعودة للاجراءات الموجودة في بروتوكول أبيي واجراء استفتاء للمنطقة وفقاً للبروتوكول وقرار محكمة لاهاي. من جهتها ألمحت الحركة الشعبية الي ربط مناقشة قضايا ما بعد الاستفتاء بالتوصل لحل لقضية أبيي، وقالت ان القضية التي فشلت مؤسسة الرئاسة في ايجاد حل لها لن تكون معلقة للابد، مشيرة الي ان مصلحة الشمال ان تحل قضية أبيي قبل الاستفتاء، وقالت انه يمكن تأجيل مناقشتها الي مابعد الاستفتاء، وقال القيادي بالحركة الشعبية، نائب رئيس البرلمان اتيم قرنق في حديثه ل«الصحافة» ان مشاريع الحل لقضية أبيي متفق عليها بين الشريكين وموجودة في اتفاقية السلام الشامل وقرار هيئة التحكيم الدولي بلاهاي وهي مشاريع حل يرفضها المؤتمر الوطني، ورجح أتيم تعليق الحوار حول أبيي الي مابعد الاستفتاء، وأضاف «ان القضية لن تكون معلقة للابد، ولكن يمكن ان يغلق الحوار حولها الي ما بعد الاستفتاء ومن ثم فتح النقاش حولها» ، واتهم المسيرية بالسعي لاحتلال أبيي ارض دينكا نقوك، وقال أتيم قرنق ان المؤتمر الوطني كان يتوهم بأن الجنوبيين سيربطون حل قضية أبيي باجراء الاستفتاء، وبالتالي لايجري الاستفتاء اذا لم تحل قضية أبيي، مشيرا الي ان الوطني ادرك الحقيقة بأن القضية ليست مربوطة باستفتاء الجنوب، ويمكن ان تحل في اي يوم من الايام» ، واضاف «ولكنهم لايدركون أننا يمكن ان نربط محادثات قضايا ما بعد الاستفتاء بقضية أبيي خاصة المياه والبترول والمراعي والديون وغيرها من قضايا ما بعد الاستفتاء» ، وقال ان من مصلحة الشمال ان تحل قضية أبيي وغيرها من القضايا قبل الاستفتاء، واضاف «بعد الاستفتاء اذا لم تحل قضية أبيي بقية القضايا الاخري لن تحل». وكان أبناء قبيلة دينكا نقوك شرعوا في اجراءات اجراء استفتاء احادي لمنطقة أبيي، في وقت رد فيه المسيرية علي تلك الخطوة باعلان تشكيل حكومة بديلة لادارية أبيي الحالية، علي ان تستلم الحكومة مهامها في الخامس والعشرين من ديسمبر الجاري. وعقد منبر أبناء دينكا نقوك اجتماعاً اول امس مع رئيس تشريعي الجنوب جيمس واني ايقا اعلن خلاله واني، مساندة اي مواقف تلتزم بالقوانين، وقال رئيس المنبر د. شول دينق آك ل«الصحافة» ان لقاءهم برئيس تشريعي الجنوب جيمي واني ايقا جاء باعتباره ضمن القادة السياسيين للحركة الشعبية وبصفته رئيسا لبرلمان الجنوب، واشار الى اطلاعه على الوضع في أبيي ومواقف التفاوض وحق ابناء المنطقة باتخاذ ما يرونه مناسبا استنادا على المواثيق الدولية، وذكر دينق ان ايقا ابلغهم انه كمشرع سيلتزم بأي اتجاه يأخذه ابناء المنطقة ويكون مساندا للقانون، ورهن شول ايقاف اجراءات تقرير المصير بحدوث انفراج في القضية، وقال اذا حدث انفراج سنوقف الاجراءات ولن نقبل بأي حل لا يعطينا الحق في العودة للجزء الاساسي الذي ننتمي اليه، وشدد لن نقبل بأي مساومة في بوصة واحدة من ارض الدينكا نقوك. وكان دينق ألور، قد حذر في حديثه مع «الصحافة» بأن المؤتمر الوطني سيكون الخاسر في حال اندلاع الحرب، وقال «الحركة الشعبية ليست بتاعت زمان» واضاف «ان الشريكين ليس لهما مقدرة لحل قضية أبيي وربما هما في انتظار ان تحدث القضية عنفا لا سيما وان الدينكا نقوك في ظل الجمود العام للقضية سيتحركون للحصول على حقوقهم، وكشف عن اتصالات لمجتمع الدينكا مع خبراء قانونيين في العالم، خاصة الافريقي والغربي وبالداخل لايجاد حجة قانونية لاجراء استفتاء أحادي بأبيي، واشار الى ان العملية يمكن ان تتم بحسب تعريف القانون الدولي لمن يحق لهم التصويت في الاستفتاء، والذي اوضح انه يستثني الرعاة من التصويت، ورأى الور انه ليس شرطا ان يعترف الكل بالاستفتاء الاحادي للمنطقة، محذراً من ان المؤتمر الوطني يرتكب خطأً استراتيجياً في حق المسيرية، واتهمه باستغلالهم لاغراضه الخاصة، وذكر ان المؤتمر الوطني يجعل ابناء منطقة أبيي يعيدون النظر في علاقاتهم التاريخية مع المسيرية، واشار الى انها ستثير تخوفات ولايات الوحدة واراب واويل لان بها صلات بالمسيرية.