يخشى الكثيرون ان تصبح أبيى «كشمير» السودان وان تقود البلاد الى مربع الحرب والنزيف من جديد، بعد ان وصل قطار التفاوض الى طريق مسدود، وتمترس الشريكان الحركة الشعبية والمؤتمر الوطنى كل عند موقفه ومن خلفهم المسيرية ودينكا نقوك، بجانب تهديدات دينكا نقوك باجراء استفتاء من طرف واحد حال تعذر قيامه فى الموعد المضروب بعد ان طالبوا باجرائه بالتزامن مع استفتاء الجنوب، فى الوقت الذى كونت فيه قبيلة المسيرية حكومة جديدة من جانبها رداً على تهديدات دينكا نقوك. يتوجس الكثير من المتابعين والمراقبين خيفة ان يتصاعد التوتر بين الشريكين بعد ان اصبحت لهجة المناكفات والتصريحات اكثر حدة من سابقها بعد ان ظن البعض ان التقارب بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية فى الفترة الأخيرة سيمهد الطريق لحسم القضايا العالقة، ولم يستبعد مساعد رئيس الجمهورية نافع علي نافع ان تكون أبيي، العالقة فى شيطان التفاصيل ومياه النيل، الورقة المنسية فى مضمار التفاوض باعتبار ان القضايا الآنية «أبيى، ترسيم الحدود، المواطنة» هى الأهم بجانب التدخلات الاجنبية سبباً لنشوب حرب بين الشمال والجنوب. وأكد نافع في حديثه لقناة الجزيرة القطرية أن الجنوب يتجه نحوالانفصال، وقال «ان أبيي يمكن ان تكون نقطة نزاع دائم بين الطرفين اذا لم تُحل بصورة عادلة، والحرب واردة ويجب التحسب لها» ، وحذر من انها ستكون اسوأ من سابقتها نسبة لحجم التسلح لدى الطرفين، وأكد ان تسليح الجنوب الآن ليس احسن من الشمال ولايشكل خطرا عليه، بيد انه عاد وشدد على ان الحكومة معركتها الحالية تتركز حول منع اي اتجاه لعودة الحرب بسد الثغرات عبر الحوار مع الحركة الشعبية وحكومة الجنوب. ومن جانبه، أوضح القيادي بالحركة الشعبية دينق ألور ان اجتماعات رئاسة الجمهورية التي التأمت مؤخراً بحضور الوسيط الافريقي ثامبو أمبيكي حول أبيي وصلت لطريق مسدود، وشدد على ان أية محاولات لتقسيم أبيي لجزأين شمال وجنوب مستحيلة، واشار الى ان أمبيكى ترك حسم القضية للبشير وسلفاكير وطالبهما بايجاد حل توفيقى بشأن القضية. وأكد ألور فى تصريح ل»الصحافة» ان الحركة لن تقدم أية تنازلات في قضية أبيي لاسيما وانها فقدت بقرار لاهاي حول أبيي 27 ألف كيلو متر من مناطق الدينكا نقوك، وقطع بأنها ترفض القبول بأي مقترح يقسم المنطقة، وجزم انهم لن يعطوا الرعاة أرضاً يملكوها لأن القضية حسمت في لاهاي. وفى ذات السياق، قرر منبر استفتاء منطقة أبيي اجراء الاستفتاء بالمنطقة وفقاً للبروتوكول وقرار التحكيم بمعزل عن الحكومة فى الشمال واعلان ترتيبات الاستفتاء منتصف الشهر الجاري حال عدم اتخاذ الرئاسة قرارا باجرائه. وقالت مصادر ل«الصحافة» ان المشاورات التي اجراها الوفد، مع ادارية أبيي وعشائر الدينكا والمجتمع المحلي، شددت نتائجها على التمسك بقرار محكمة التحكيم وبروتوكول المنطقة كمرجعية لاية خطوة حل سياسي مرتقب صدوره ، لافتة الى ان الجميع يشيرون الى ان قيام استفتاء بالمنطقة بات صعبا بسبب العراقيل التي يضعها شريك الحكم المؤتمر الوطني ، بعد ان حددت منتصف الشهر الجاري موعدا لاعلان الخطوات لاجراء الاستفتاء الشعبي، وتنوير جميع المواطنين بالقضية حال فشل الرئاسة في التوصل الى اتفاق. واكد سلطان الدينكا نقوك كوال دينق مجوك، تمسك الادارات الاهلية بموقفها المعلن حول اصدار أي حل في أزمة أبيي، وقال هذا ما نقلناه للوفد الذي ضم رئيس المنبر شول دينق الاك وكوال دينق كوال وكيل وزارة البيئة بحكومة الجنوب وعدد من الاعضاء بالاجتماعات ، قاطعا باجراء استفتاء للمواطنين حال تمسك الحكومة بموقفها، واضاف خارطة الحل متوفرة لكن المؤتمر الوطني يدخلنا في المغالطات سندا للمسيرية. وتصاعدت حدة التوتر في منطقة أبيي بصورة كبيرة بعد ان تأزم الموقف وباتت الأوضاع اقرب الى الانفجار اثر تظاهرات سيرتها عشائر دينكا نقوك احتجاجاً على حديث الرئيس عمر البشير امام مجلس الشورى ، مطالبين باجراء استفتاء المنطقة بالتزامن مع استفتاء الجنوب وحذروا بعدم السماح للمسيرية بدخول المنطقة. وأوضح سلطان دينكا نقوك، كوال دينق مجوك ل»الصحافة» ان خروج الالاف من ابناء قبيلة الدينكا ببلدة أبيي أتى احتجاجاً على حديث رئيس الجمهورية امام مجلس الشورى، الذي اكد فيه ان الاستفتاء لن يقوم في المنطقة دون مشاركة المسيرية، وقال ان الجميع مندهشون لما قاله رئيس الجمهورية، وأبان كوال ان المظاهرة قامت بتسليم ادارية ابيي وبعثة الاممالمتحدة مذكرة احتجاج مكتوبة وموقعة بواسطة المجتمعات المحلية واللجنة التنفيذية للمجتمع المدني بالمنطقة تطالب بالالتزام ببروتوكول ابيي وقرار التحكيم حول الارض. ومن جانبه، اصدر رئيس تنظيمات المجتمع المدنى بأبيى، الدكتور راو منيل راو بياناً طالب فيه بتكوين مفوضية استفتاء منطقة أبيى، وقيام استفتاء المنطقة متزامناً مع استفتاء الجنوب بعد ان حذر بأنهم لن يسمحوا بدخول المسيرية فى حالة عرقلة قيام استفتاء المنطقة، وقال «اننا طلاب سلام ولكنا مستعدون للحرب ان أرادوا». وتجدر الاشارة الى ان منظمات المجتمع المدنى بمنطقة أبيى تسير كل بداية شهر تظاهرة ضخمة الى ميدان الحرية فى أبيى وتطالب بانزال قرارات تحكيم لأهاى الى أرض الواقع وتكوين مفوضية الاستفتاء، وسبق ان تم دعوتنا من قبل منظمات المجتمع المدنى لزيارة أبيى للوقوف على الأوضاع هناك. فى خطوه أشبة بالتضاد وصفها البعض انها نذير لمواجهات عنيفة بدأت تلوح فى أفق المنطقة، اثر قيام المسيرية بحل ادارية أبيي ومجلسها التشريعي، ومن ثم تكوينهم لحكومة جديدة كاملة لأبيي كلها من المسيرية برئاسة عبد الرحمن الدقم، وعينت الأمير حمد الدودو رئيساً لتشريعي أبيي، والفريق أول مهدي بابو نمر قائداً عاماً للجيش، واللواء فضل الله برمة ناصر مديراً عاماً للأمن، ودعت قبيلة المسيرية الذين تم اختيارهم في الحكومة الى أن يتسلموا مهامهم في فترة أقصاها الخامس والعشرين من الشهر الجاري، وعزا المسيرية الخطوة التي اقدموا عليها بأنها رد طبيعي لما قام به دينكا نقوك والذين يتجهون لاجراء استفتاء منفرد من جانبهم لأبيي.