حذر خبراء وأكاديميون و سياسيون بمركز دراسات المستقبل من ان تؤدي حالة عدم الثقة بين شريكي نيفاشا الى اندلاع حرب جديدة بين الشمال والجنوب وشبهوا الاجواء الحالية بالاجواء التي سادت قبل فشل اتفاقية اديس ابابا ،قبل ان يتهموا المؤتمر الوطني بتدويل قضايا البلاد واضعاف الجبهة الداخلية وترك الباب مفتوحا للتدخلات الاجنبية . ودعا المشاركون خلال حديثهم امس في ندوة المنظمة الاعلامية السودان حملت عنوان (يكون ومالايكون حتى لانسير الى اتون ) الى ضرورة قيام مؤتمر دستوري وانتفاضة فكرية يتم من خلالها تبني دستور جديد تتفق عليه جميع الاطراف بجانب العمل على الحفاظ على ماتبقى من وحدة البلاد في حال الانفصال ودراسة امكانية تطبيق حكم لامركزي اتحادي (فيدرالي )لتوزيع السلطة والثروة على اساس عادل بجانب مراجعة جميع الاتفاقات الدولية والمصيرية التي ابرمت دون مشاركة كافة القوى السياسية ولم تصدق عليها سلطة تشريعية منتخبة، بجانب العمل على وضع سياسة خارجية على اساس قومي وعلمي لتحقيق مصلحة البلاد في السلام العادل والتنمية المتوازنة تراعي علاقات حسن الجوار مع مختلف الدول المجاورة وعدم استعداء الدول الكبرى مع الحفاظ على سيادة البلاد ،مقابل ذلك طالب بعض المتحدثين بوقف البكاء على لبن نيفاشا المسكوب والعمل على الخروج من الانفصال بأقل الخسائر والالتفات الى حزام المشاكل الملتهب بين الشمال والجنوب في اشارة الى جنوب كردفان والنيل الازرق . وافتتحت الجلسة الاولى التي ادارها السفير الدكتور محمد احمد عبد الغفار بورقة البروفسير اسماعيل الحاج موسى والتي جاءت بعنوان (موجبات نيفاشا ومسئوليات الاخفاق والنجاح) وركز فيها الحاج موسى على النصوص التي تؤكد على التنوع الثقافي والديني في الاتفاقية والدستور الانتقالي ثم دلف الى العوامل التي ادت الى الاخفاق في تنفيذ الاتفاقية والتي لخصها في اهتزاز الثقة بين الشريكين والمشاكسة الدائمة والتي استمرت طيلة ال5 سنوات الماضية ،واضاف قائلا ان السلام لايتحقق فقط بالتوقيع وانما بتنفيذ بنود ذلك التوقيع بصورة دقيقة غير قابلة للتشكيك واضاف الحاج موسى الى عوامل الاخفاق تلك الاعتبارات القبلية وانعدام التناغم بين مؤسسات الحكم الاربعة التي جاءت بها الاتفاقية وهي (القومي والولائي والمحلي والجنوب) بجانب غياب الخدمات والتنمية وغياب الاستراتيجيات والبرامج في السياسة السودانية وتفشي الغبن الجهوي، فيما عدد جملة عوامل قال انها يمكن ان تكون عوامل نجاح واجملها في تأصيل تجربة ديمقراطية قائمة على المشاركة الشعبية والحفاظ على شراكة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية والعمل على تقييم الاتفاقية وفتح قنوات الحوار للاجماع الوطني. اما الورقة الثانية فاستعرضت دور الاحزاب السياسية وموقف الجماهير والنظام الديمقراطي والتي قدمها عضو المكتب السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي وعضو قطاع التنظيم ميرغني حسن مساعد والتي تناول فيها نشأة الاحزاب والتجمعات السودانية ونشوب ازمة الجنوب وتقرير مصيره واتفاقيات نيفاشا والقاهرة واعتبر مساعد ماجرى في الانتخابات الاخيرة ادى الى تصدع الجبهة الداخلية بدلا من قيام نظام ديمقراطي وعزا ذلك لطريقة التصويت والفرصة المتاحة للاحزاب وعدم الغاء قانون الطوارئ بجانب الصراع السياسي الذي ظهر في الحملات الانتخابية والتزوير وقيام برلمان ذي اتجاه واحد واتهم مساعد المؤتمر الوطني بتعريض البلاد للخطر بسبب القوات الاجنبية وتدويل القضايا السودانية الداخلية ،الجنوب ودارفور والشرق بعواصم العالم. اما الورقة الثالثة (الدور الخارجي في اضعاف النزاعات بين السودانيين ) لمقدمها بروفسير عمر محمد علي محمد جامعة الخرطوم ابتدرت بجملة اسئلة حاولت الورقة تقديم اجابات لها وتمثلت هذه الاسئلة في اسباب ضعف السودان اقتصاديا وامنيا وسياسيا ؟ واسباب عجز الصفوة في تبني خارطة طريق واضحة المعالم للنهوض بالسودان سلميا الى بر الامان ؟ وقدمت الورقة عدة افتراضات لأزمات البلاد كانت اولها القوى الخارجية التي اكدت بانها استفادت من الشروخ المتعددة في بنية الوحدة السودانية لتأجيج الصراعات وتحقيق اهداف محددة وبالتالي اضعاف النزاعات بين السودانيين ، ثانيا عدم استفادة السودانيين من مواردهم وارضهم الشاسعة والثقافات المتعددة في الاضطلاع بدور اقليمي وعالمي فعال ، ثالثا ، ثقافة العنف بدلا من السلام والتي اخذت تتفشى لاسباب داخلية وخارجية وادت الى خروقات صارخة في حقوق الانسان . واعتبر مقدم الورقة مايجري الآن بانه استقطاع وتقسم لاجزاء السودان وهي استراتيجية النظام العالمي الجديد الذي تستند سياسته على تقسيم الدول ذات المساحات الشاسعة والموارد الغنية وقال ان انقلاب 30 يونيو قاد السودان الى دفع الثمن غاليا بسبب تدخل اسرائيل المستمر في النزاعات وزعزعة الاستقرار وعرقلة التنمية، غير ان الورقة اقرت بان الدور الخارجي لم يكن الاساس في اثارة المشاكل والنزاعات التي اندلعت في الشرق ودارفور مشيرة الى ان عجز الصفوة السودانية في فض نزاعاتهم اجج تلك الصراعات. ودعت الورقة في ختامها الى ضرورة تشكيل حكومة قومية حقيقية تشارك فيها الحكومة والمعارضة والحركة الشعبية والشخصيات القومية بغرض تقوية الجبهة الداخلية ونبذ ثقافة العنف ونشر ثقافة السلام وفض جميع النزاعات بين السودانيين دون اي وساطة اجنبية بجانب تبني دستور جديد تتفق عليه جميع الاطراف في اقرب وقت ممكن وضرورة الحفاظ على ما تبقى من وحدة البلاد حال الانفصال ودراسة امكانية وتطبيق حكم لامركزي اتحادي (فيدرالي ) ،الاشراف على انتخابات عامة حرة نزيهة يشارك فيها الجميع بعد فترة زمنية يتفق عليها مع كفالة حرية الاعلام والتنظيم وتبني خطط اقتصادية واجتماعية على اساس علمي لمعالجة مشاكل البطالة وضعف الإنتاج الزراعي والحيواني وسوء ادارات عائدات النفط وغلاء المعيشة والفقر وتدني خدمات التعليم والصحة وتفكك الاسر وتطور الجريمة وقضايا النزوح بصورة عاجلة مع خطط مستقبلية تهتم باستقلال الموارد المتاحة بالتنمية المتوازنة ، كذلك تحقيق استقلال ونزاهة القضاء وحقوق الانسان وتحسين كفاءة وحيادة الخدمة العامة والبدء في التنفيذ الفوري على الاقل للقواسم المشتركة للاتفاقيات المبرمة في نيفاشا وابوجا والقاهرة واسمرا وتوحيد قنوات الرعاية الاجتماعية وتطويرها لتقديم خدمات افضل للاسر الفقيرة اضافة الى ذلك طالبت الورقة بوضع سياسة خارجية على اساس قومي وعلمي لتحقيق مصلحة البلاد في السلام العادل والتنمية المتوازنة تراعي علاقات حسن الجوار مع مختلف الدول المجاورة وعدم استعداء الدول الكبرى مع الحفاظ على سيادة البلاد ، اخلاء البلاد من القوات الاجنبية بما فيها قوات الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي والتفاوض المباشر دون وساطة بين الفرقاء السودانيين ، مراجعة جميع الاتفاقات الدولية المصيرية التي ابرمت دون مشاركة كافة القوى السياسية ولم تصدق عليها سلطة تشريعية منتخبة ومراجعة كيفية تحقيق الاستغلال الامثل للموارد وفض نزاعات الحدود مع الدول المجاورة القائمة بجانب مراجعة درء مخاطر تقسيم السودان بمنح الجنوب حكما اتحاديا وكذلك الاقاليم الاخرى ، ولم تنس الورقة الدعوة لضرورة توحيد واصلاح الاحزاب السياسية بما يؤدي الى اشاعة الديمقراطية وفسح المجال للكفاءات وتقوية القوات النظامية المختلفة وتسريح المليشيات ومراجعة الخدمة الوطنية وتوظيفها وفقا للدستور وحماية الأمن القومي .