حملت صحف الخرطوم الصادرة بتاريخ 12/12 نبأ تبنى الحركة الشعبية لخيار الانفصال رسميا فما الجديد في ذلك ؟فالكل كان يعلم منذ توقيع اتفاقية السلام في العام 2005 بأن الحركة كمؤسسة ستتبنى الانفصال يوما ما ولكن العقبة في طريق الحركة حينها وبالوجه الآخر امل الوحدويين كان هو وجود الدكتورجون قرنق صاحب الرؤية النافذة الذي حارب من اجل الوحدة وصالح من اجلها، ولكن الوحدة كانت تمثل فقط عقيدة للعقيد جون قرنق دي مبيور ولكنها ليست قناعة راسخة للحركة كمؤسسة وبالفعل فجعت وحدة السودان بالرحيل الغامض للدكتور جون وهو صاحب الرؤية والذي احدث اغتياله لغطا كثيرا، وقد تنبأ قرنق بالمصير الذي ينتظره فحينما أبلغ مبعوث الرئيس بوش للسودان جون دانفورث الراحل قرنق رغبة الرئيس الامريكي في توقيع الاتفاقية في نيو يرك وفاءً لرعايتها للاتفاقية رفض الدكتور جون ذلك وفاء لكينيا وللقارة الافريقية وهذه بداية الشد والجذب في العلاقة بين القائد قرنق والادارة الامريكية، فحينها ذكر قرنق حديثا اورده الدكتور منصور خالد في احدى مقالاته عن التغيير السياسي في السودان ان قرنق قال معلقا على رفضه لطلب الرئيس بوش: إن أخي علي سيذهب الى غوانتانامو اما انا فلاادري مايخبئه لي اصدقائي الامريكان والاشارة واضحة فالمرحلة هي مرحلة الفوضى الخلاقة وتهديد الدولة السودانية لانها تمثل العمق الاستراتيجي للوطن العربي في حال بقائها موحدة بمواردها وامكانياتها المادية والبشرية ،وللحد من طموح قائد الحركة السابق في حكم السودان بكامله وهو مايناقض المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة ،فبرحيل دكتور جون فقدت الحركة الرؤية السياسية القوية والبوصلة الاستراتيجية مما تركها نهبا للقوى الكبرى ذات المصلحة في تقسيم السودان لاسباب جيوسياسية واستراتيجية وهو ماوضح جليا عقب وصول النائب الاول سلفاكير للجنوب بعد مشاركته في مؤتمر نيويورك واعلانه المفاجئ لانكفائه جنوبا واختيار الانفصال وهو اختيار مفروض فرضا على الحركة الشعبية وعلى مواطن الجنوب المغلوب على امره، والدليل على ذلك اعتراف وزير مالية الجنوب بالحركة بأن الجنوب سيواجه أزمة مالية طاحنة عقب الاستفتاء لعدم وجود مقومات دولة حقيقية وليدة تستطيع ان تلبي رغبة شعبها ولكنه صراع الاجندات الخارجية مما جعل الحركة تلفظ تاريخها وحلم قيادتها السابقة بمشروع السودان الجديد ومناصرتها للمهمشين، سقطت كل تلك الدعاوي بين عشية وضحاها نتيجة اغراءات امريكية سراب وفي الاخير لن تتحق الا المصالح الامريكية ومصالح القوى الاخرى وستترك الجنوب للتطاحن القبلي والفقر المدقع وسوحا للأجندات الإقليمية والعالمية (أمريكية واسرائيلية).