٭ استحوذ حديث الرئيس البشير الذي ألقاه مطلع الأسبوع الحالي والخاص باتجاه الدولة لتطبيق احكام الشريعة الاسلامية على كل البلاد وجعلها المصدر الاساسي والرئيسي للتشريع، ثم اعتماد اللغة العربية كلغة رسمية حال انفصال الجنوب عن الشمال، استحوذ على اهتمام الشارع العام وسيطر على حديث القوى السياسية وتنظيمات العمل الاسلامي وكان مثاراً للتناول والتداول في الاوساط السياسية والاعلامية بطرح تساؤل مُلح عما يعنيه خطاب الرئيس البشير.. هل هو عودة للدولة الدينية والرجوع الى السيرة الاولى للانقاذ عبر تنفيذ جديد للمشروع الحضاري.. أم ان للامر مقاصد وأهداف أخرى قد تكون غير منظورة.. أم هو رسالة للآخرين.. خاصة وأن الخطاب جاء متزامناً مع كثير من الاحداث السياسية.. بل طغى وغطى عليها بالكلية مما يتطلب بالضرورة استجلاء وفحص آراء وردود افعال بعض الاحزاب السياسية وتنظيمات العمل الاسلامي فماذا يقول قادتها وماهو موقفهم تجاه هذه القضية؟!! فعلى صعيد الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) يُحدد القيادي بالحزب المحامي علي السيد موقفه بقوله إن هذا الامر هو ما كان ينتظره حزب المؤتمر الوطني منذ زمن طويل وظل يخطط له سنوات عديدة.. لكن جاء الرئيس البشير وافصح عنه بصورة رسمية ومعلنة حينما تأكد له ان انفصال الجنوب بات خياراً راجحاً.. ويواصل علي السيد حديثه ل(الصحافة) قائلاً ان المؤتمر الوطني يعد حالياً اسعد القوى السياسية لانفصال الجنوب عن شماله لأنه سيتمكن من الانفراد بحكم دولة الشمال وبالتالي ستسقط كل حجج ومطالب الاحزاب الاخرى بضرورة قيام دولة المواطنة والدولة العلمانية بل وسيتمكن المؤتمر الوطني من تعديل وتحويل الدستور الى دستور اسلامي بفضل سيطرته على البرلمان وتحويل السودان الى جمهورية السودان الاسلامية العربية.. ٭ وعلى مستوى حزب المؤتمر الشعبي يعتبر القيادي بالحزب محمد الامين خليفة ان قوة الشريعة الاسلامية تتجلى في اداراتها وحكمها للشعوب ذات التعدد الثقافي والتنوع الإثنى والجغرافي. ولهذا فإن طرحها بالصورة التي جاءت في خطاب رئيس الجمهورية من شأنه أن يثير حفيظة معتنقي الاديان الاخرى.. أما بالنسبة لموضوع اللغة العربية فيرى محمد الامين خليفة الذي كان يتحدث ل(الصحافة) أمس انها ينبغي الا تهيمن على بقية اللغات قد تكون اللغة العربية لغة الدولة لكن لابد من السماح لاصحاب اللهجات الاخرى بالتعبير عن مكوناتهم الثقافية والعرقية والإثنية فحتى القرآن الكريم فيه الفاظ وكلمات اعجمية وغير عربية.. وهذا ايضاً يعتبره محمد الامين خليفة عنصر قوة للغة العربية. ٭ وفي دوائر الحزب الشيوعي السوداني وتحالف احزاب جوبا يقول فاروق ابو عيسى إنهم يتعاملون مع الامور بمسؤولية كبيرة لهذا فإنهم سيدعون رؤساء الاحزاب وقادة القوى السياسية للاجتماع من أجل التفاكر حول هذه القضية والتشاور خاصة وأن هنالك موقفاً مبدئياً ينبع من رفض العودة للانقاذ مربع واحد وأنه لا تراجع عن الحريات وحقوق الانسان التي حققها الشعب بنضاله وجهوده وجاءت بها وثيقة حقوق الانسان في الدستور. ويعود أبو عيسى ليقول ل(الصحافة) إن القرار متروك لرؤساء الاحزاب ليقرروا بشأن هذه القضية الخطيرة. ٭ وفيما يخص حزب الامة يقول الشيخ عبد المحمود أبُّو الامين العام لهيئة شؤون الانقاذ إننا كمسلمين فإن حياتنا كلها محكومة بالشريعة الاسلامية وأنهم من دعاة تطبيق الشريعة في كل مناحي الحياة واولها بالنسبة للدولة ان تطبق في اساس شرعية الحكم ومعلوم أنها توجب مباديء معينة منها الشورى وكفالة الحريات وبسط العدالة بجانب سريان الحكم الشرعي على كل افراد المجتمع حكاماً كانوا أو محكومين. الامر الثاني من مباديء الشريعة حسب ما يراه عبد المحمود أبُّو هو توفير حاجات الناس من مأكل ومشرب وتوفير الامن وتسيير ظروف معاشهم. ويقول أبُّو ل(الصحافة) ان العقوبة في الشريعة الاسلامية ينبغي ان تكون آخر التدابير الشرعية لمحاربة الجريمة ومكافحتها. أى بمعنى أن تبدأ الشريعة الاسلامية بترسيخ الايمان ثم العبادات فالاخلاق فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم تأتي العقوبة آخر التدابير. وبالنسبة لموضوع الحكم الاسلامي في هذا العصر حسب ما يقول عبد المحمود أبُّو فقد اجمع كل المفكرين الذين لديهم إلمام بمباديء الشريعة ومقاصدها ووعي بالعصر الحديث أن الدولة الاسلامية دولة مدنية وليست ثيوغراطية. فمدنية الدولة أصل لها الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة ومن ضمن شروطها في العصر الحديث كما يوردها أبُّو كفالة حقوق غير المسلمين وإدارة التنوع الثقافي والاثني بصورة عادلة تراعي الخصوصيات.. ويشدد على آلاّ يخضع موضوع الشريعة الاسلامية للمزايدات السياسية والاّ يطرح كرد فعل لمواجهة التحديات الطارئة. ويرى أن أهم مبدأ في الشريعة الاسلامية أنها شريعة الرحمة وينبغي طرحها في هذا السياق لا أن تقدم ك(بعبع) لاخافة الناس وقريب من ذلك يذهب القيادي بمؤتمر البجا صلاح بركوين حينما يقول ل( الصحافة) إنهم في شرق البلاد لا يخشون من تطبيق الشريعة الاسلامية فلا مسلم يمكن تهديده بتطبيق الشريعة لكنه يلفت النظر الى أننا في السودان مسلمون ولسنا بعرب. ويشدد على ضرورة أن يتم تطبيق الشريعة بموجب رؤية الامة قاطبة وذلك بالعودة الى المصادر الحقيقية للشريعة فيما ورد في الكتاب والسُنة وبقية المصادر الاخرى ويجب الا تفرضها ارادة سياسية لقلة معينة أو لحزب سياسي من الاحزاب الموجودة في الساحة السياسية. وكمؤتمر بجا يقول ان لديهم مشروع كبير لتدريس لغة البداويت في مدارس الاساس وأن اتفاق سلام الشرق يحفظ هذا الحق. ٭ وعلى مستوى حزب العدالة يعتبر مكي بلايل الا جديد في خطاب الرئيس بشأن تطبيق الشريعة لكنه في ذات الوقت انه حذّر من قبل من شكل الشمال الجديد بعد الانفصال ومن التوجه العروبي الاسلامي الخالص.. ويقول إن المؤتمر الوطني يظن ان السودان بعد انفصال الجنوب سيصبح دولة عربية خالصة وان الرئيس البشير يعتقد انه لا داعي لاعراق متعددة وان هناك عرق واحد ولغته هى التي ستسود وهذا من شأنه استفزاز القوميات الاخرى واشعال الصراع مجدداً. ٭ وعلى صعيد حزب الوسط الاسلامي يتحفظ د. يوسف الكودة رئيس الحزب على تصريحات الرئيس البشير بشأن تطبيق الشريعة ويقول كنا نظن ان الإنفصال اذا حدث سيحرص المؤتمر الوطني على قضية الوحدة الوطنية وبالطبع لن يتأتى هذا من خلال هذه التصريحات فدستور البلاد لا تحدده جهة واحدة أو حزب حاكم انما يحدده أهل السودان الممثلون في احزاب سياسية ويقول الكودة ل(الصحافة) انه لا يجوز فرض الشريعة الاسلامية على الآخرين فرضاً فإن القيم لا تقبل الفرض ولا الاملاء. ٭ من جانبه يعتبر الشيخ ياسر عثمان جاد الله أمير الاخوان المسلمين الاصلاح ان الحديث فيه ادانة واضحة للانقاذ وخطها.. ويتساءل لماذا تركت اقامة الدين من قبل وهل يمكن ان تتراجع مجدداً عن تطبيق الشريعة من أجل الوحدة..؟! ويخشى أن يكون الطريق قد ضاع أمام الحكومة لبناء دولة اسلامية واقامتها على الأسس الصحيحة الاسلامية ويقول إن الاسلام ليس مكاناً للمناورات السياسية.. ويرجى في ذات الوقت بما يصفه بخط التراجع اذا شعرت الانقاذ بأنها قدمت تنازلات.. ويقول انها خطوة لها ما بعدها من تصحيح للأوضاع.