على الرغم من ان مجمع الذهب يجذب المارة ببريقه ،المنبعث من كميات الذهب المعروضة على واجهة المحلات ، الا ان هذا البريق يتلاشى بمجرد توغلك الى داخل المبنى، ففي بداية الممر بالطابق السفلي تجد امام عينيك بركة ماء صغيرة تتجمع حولها الاوساخ فالمنظر مقزز وان كان احد لايتحمل مثل هذه المناظر لعاد ادراجه على الفور وترك ما أتى من اجله فورا ، وما انا صعدنا الى الطابق الثاني حيث الامر يزداد سوءا وتزداد معه نسبة اتساخ المبنى والمدرج الذي يقود الى الطابق الثاني لايمكن للشخص ان يسير فيه باطمئنان حيث لايخلو مدرجه من كسرهنا أوهناك ، بجانب فضلات التنباك المتناثرة في المكان وكلما اخذتك قدماك الى الاعلى رأيت مالايسر عينيك ، بالاضافة الى الممرات الضيقة التي تفتقر الى الاضاءة وتملأها بقايا الأدوات المستخدمة في تفتيت الذهب ، ومع ان الذهب يدر اموالا طائلة على اصحابه وتكلفة النظافة لاتذكر ولكن من الواضح ان وميض الذهب عمى اصحاب المحلات بالمجمع من رؤية النفايات التي يجلسون عليها ! جولتنا داخل المجمع تجاوزت النصف ساعة وكان يتملكنا احساس بالسقوط من احدى درجات السلم وليس هناك مجال سوى السير بحرص وإلا ستجد نفسك طريحا في الارض ، وطوال الوقت ظلت الاسئلة تدور في اذهاننا كيف يكون مجمع الذهب بهذه النتانة وهو محاط بكل هذه الكميات من الذهب بعياراته المختلفة ؟ ووسط هذا الزخم من الاوساخ التي تغطي المكان من جدرانه الى ارضيته تجلس بائعات الشاي ويحيط بهن عدد من قاطني المجمع ويحتسون الشاي لامبالين بما حيط بهم من مناظر، ويبدو انهم قد تعودوا عليها ولاتشكل لهم هاجساً ، وغير مكترثين الى ان هذا الوضع قد يتسبب لهم في مشاكل صحية غير ان هذا الوضع غير الصحي يساهم في تنفير الزبائن الذين قد يقصدون اماكن اخرى تتميز بنظافتها ولطافة جوها . لفت انتباهنا منظر زبونة كانت تقصد احدى المحلات التي تقع بالداخل وهي تتكلم بصوت عالٍ وتحاول لملمة اطراف ثوبها خوفا من ان تسقط على الارض وتلامس المياه التي تسيل من مكان ما ولاتعرف مصدرها ، لحقناها وتحدثنا اليها فقالت لنا نُهى السيد انها تتقزز من هذه المناظر ولولا انها مجبورة لان محل المجهورات الذي تتعامل معه لا يمكن ان تبدله بأي مكان آخر لحسن معاملته واستغربت ان اصحاب المحلات لايهتمون بالتنظيف امام محلاتهم مع انها بالداخل نظيفة فلماذا لايهذبون واجهة محلاتهم . وتساءلت لماذا لاتتم صيانة المجمع بأكمله فمعظم النساء في العاصمة يقصدنه ام ان الزبون لايستحق ان يهيأ له المكان مع ان الذهب ساعة دخلها غير قليل ولايستهان به واضافت ان الغريب في الامر ان معظم النساء اللاتي يقصدن محلات الذهب يعملن بمؤسسات الحكومة وبالذات في المحلية فلماذا يغضضن طرفهن عن هذه المناظر أليس للمحلية سلطة على المكان ؟ فيما قال محمد عمر صاحب احد المحلات انه يهتم بنظافة مكانه وواجهته لأن محله يفتح على الشارع العام ولايعنيه ما يفعله الآخرون الذين تقع محلاتهم بالداخل والمياه المتناثرة هنا وهناك ناتجة من الاستخدام السئ بالاضافة الى ان الممر به صرف صحي ، واقر ان المكان يحتاج الى اعادة صياغة وصيانة كاملة وتنظيف مستمر فليس هناك ما يمنع ان يتكافل اصحاب المحلات ويتم توزيع التكلفة بينهم فهم ليسو قليلين ويستطيعون تغطيتها وجلب عمال نظافة او التعاقد مع واحدة من شركات النظافة ولكن لاأحد يهتم بمثل هذه الجوانب والجميع يركز على اكتناز المال . ويبدو ان محلية الخرطوم تغفل عينيها عن المجمعات الكبيرة بينما تكرس جهدها على الحملات والكشات في شوارع السوق العربي .